درس خارج اصول المقصد السابع في الأصول العملية جلسه سي و پنج
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سي و پنج
وأما البرائة:
فإنه لا شبهة في ان مجرى البرائة الشك في التكليف، ولكن في تشخيص مجراه وقع الاختلاف في ان مجرى البرائة هل يلزم امكان الاحتياط مضافاً الى كون الشك في التكليف ام لا.
يظهر من الشيخ (قدس سره) ان الشك الذي لا يلحظ فيه الحالة السابقة، فإما ان يمكن فيه الاحتياط ام لا، وقرر مورد امكان الاحتياط مجرى البرائة والاشتغال بأنه تارة يكون الشك مع امكانه في التكليف فمجرى البرائة، وتارة يكون الشك كذلك في المكلف به فمجرى الاشتغال. وفي قباله ما افاده نفسه في قوله: وبعبارة اخرى: وما افاده العلمان المحقق النائيني والمحقق العراقي بأن الشك الذي لا يلحظ فيه الحالة السابقة، فإما ان يكون في التكليف او في المكلف به، فالشك في التكليف مجرى البرائة، والشك في المكلف به مجرى الاحتياط مع امكانه، ومجرى التخيير في فرض عدم امكانه. وهو ظاهر عدم اخذ امكان الاحتياط في موضوع البرائة، ومجراه بخلاف الاول حيث انه اخذ فيه امكان الاحتياط.
والظاهر ان الصحيح هو الاخير اي عدم اخذه في مجرى البرائة، وذلك لأن موارد البرائة وإن كان الاحتياط ممكناً كما انه ربما يتعلق غرض الشارع بالتحفظ عن الواقع المجهول مع عدم تنجز التكليف حسب الفرض بالعلم او العلمي، الا انه لا دخل لامكان الاحتياط في جريان البرائة، لأن المقام مقام الشك في التكليف المنجز، والمفروض عدم تنجزه بالعلم والعلمي، ففي هذا المقام يقبح التكليف عقلاً ويرفع شرعاً، ولا الزام من ناحية في التحفظ عليه، فلا الزام لا عقلاً ولا شرعاً في الاحتياط فيه، وعليه فإن امكان الاحتياط او عدم امكانه لا يوجب تغييراً في هذا الاساس، فلا حاجة لأخذه لكونه لغواً.
فالحق ما ذكروه من ان الشك الذي لم يلحظ فيه الحالة السابقة، اما ان يكون في التكليف او في المكلف به، والشك في التكليف مجرى البرائة، بلا اخذ امكان الاحتياط فيه، والشك في المكلف به مجرى الاشتغال والتخيير، بفارقية امكان الاحتياط وعدم امكانه، فإن امكن فهو مجرى الاحتياط، وإن لم يمكن فهو مجرى التخيير، وأخذ امكان الاحتياط وعدم امكانه في هذه المرحلة ضروري، لأن في الشك في المكلف به يتنجز الواقع على المكلف، فلابد له من تفريغ الذمة من التكليف المعلوم، وهذا التفريغ قابل للالزام مع امكان الاحتياط. ثم انه قد مر في كلام صاحب الكفاية في حاشية الفرائد، وكذا كلام العلمين البحث في ان المراد من التكليف في تشخيص مجاري الاصول جنس التكليف او نوعه او فصله، وإن صاحب الكفاية (قدس سره) خص ما اورده على الشيخ بكون المراد من التكليف نوعه الخاص من الايجاب والتحريم، كما نص عليه في اول مسألة البرائة. وقد مر في كلام المحقق النائيني ان الشك الغير الملحوظ فيه الحالة السابقة اما ان لا يعلم بالتكليف فيه اصلاً ولو بجنسه.
فنقول: ان ظاهر الشيخ (قدس سره) في مباحث العلم الاجمالي تنجز التكليف بالعلم بجنس التكليف، كالعلم بوجوب شيء وحرمة غيره، كالعلم بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال، وحرمة شرب التتن، حيث قرر العلم بجنس التكليف منجزاً له ضرورة امكان الاحتياط فيه.
الا انه صرح في موارد بأن المراد من التكليف النوع الخاص من الالزام وإن علم بجنسه.
وقد مر منه: لأن الشك اما في نفس التكليف وهو النوع الخاص من الالزام، وإن علم جنسه كالتكليف المردد بين الوجوب والتحريم.
وأفاد في مبحث الاشتغال: «الموضع الثاني في الشك في المكلف به مع العلم بنوع التكليف بأن يعلم الحرمة او الوجوب، ويشتبه الحرام او الواجب»[1].
وقال في المسألة الاولى من مسائل، المطلب الثالث – في مباحث دوران الأمر بين الوجوب والحرمة -:
«وليس العلم بجنس التكليف – المردد بين نوعي الوجوب والحرمة – كالعلم بنوع التكليف المتعلق بأمر مردد حتى يقال: ان التكليف في المقام معلوم اجمالاً.»[2]
[1] . الشيخ الانصاري، فرائد الاصول، ج2، ص195.
[2]. الشيخ الانصاري، فرائد الاصول، ج2، ص180.