بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بيست و چهار
الثاني: من الامرين الذين ذكرهما صاحب الكفاية (قدس سره) في الخاتمة.
قال في الكفاية:
«الظن الذي لم يقم على حجيته دليل، هل يجبر به ضعف السند أو الدلالة بحيث صار حجة ما لولاه لما كان بحجة، أو يوهن به ما لولاه على خلافه لكان حجة، أو يرجح به أحد المتعارضين، بحيث لولاه على وفقه لما كان ترجيح لأحدهما، أو كان للآخر منهما، أم لا ؟»[1]فهنا امور ثلاثة ترجع الى ان الظن الذي لم يقم على اعتباره دليل خاص اي الظن المطلق هل يترتب عليه آثار اخرى غير الحجية كالجابرية لضعف السند في الرواية او لقصور الدلالة فيها، او كونه موهناً لحجة اخرى اذا اقام على خلافها او كونها مرجحاً لاحد المتعارضين على الاخر.
والبحث هنا في ترتب هذه الاثار الثلاثة اعني الجبر والوهن والترجيح قال في الكفاية بالنسبة الى الجبر والوهن:
«ومجمل القول في ذلك: إن العبرة في حصول الجبران أو الرجحان بموافقته، هو الدخول بذلك تحت دليل الحجية، أو المرجحية الراجعة إلى دليل الحجية، كما أن العبرة في الوهن إنما هو الخروج بالمخالفة عن تحت دليل الحجية، فلا يبعد جبر ضعف السند في الخبر بالظن بصدوره أو بصحة مضمونه، ودخوله بذلك تحت ما دل على حجية ما يوثق به، فراجع أدلة اعتبارها.
وعدم جبر ضعف الدلالة بالظن بالمراد لاختصاص دليل الحجية بحجية الظهور في تعيين المراد، والظن من أمارة خارجية به لا يوجب ظهور اللفظ فيه كما هو ظاهر، إلا فيما أوجب القطع ولو إجمالا باحتفافه بما كان موجبا لظهوره فيه لولا عروض انتفائه، وعدم وهن السند بالظن بعدم صدوره، وكذا عدم وهن دلالته مع ظهوره، إلا فيما كشف بنحو معتبر عن ثبوت خلل في سنده، أو وجود قرينة مانعة عن انعقاد ظهوره فيما فيه ظاهر لولا تلك القرينة، لعدم اختصاص دليل اعتبار خبر الثقة ولا دليل اعتبار الظهور بما إذا لم يكن ظن بعدم صدوره، أو ظن بعدم إرادة ظهوره.»[2]
وحاصل ما افاده (قدس سره):
انه بالنسبة الى جبر ضعف السند بالظن الذي لم يقم على اعتباره دليل من الشرع افاد (قدس سره) بانه لابد من ملاحظة ادلة اعتبار الخبر، فان قلنا ان موضوع هذه الادلة خبر الثقة فلا وجه للجبر، لانه اذا لم يكن الراوي للخبر ثقة، فلا محالة لايوجب الظن وثاقته ليندرج تحت ادلة اعتباره، واما اذ قلنا بان الحجة هي الخبر الموثوق به، فان الظن يتمكن من تتميم الوثوق بصدوره او بصحة مضمونه فيرجع الامر فيه الى ادلة الحجية وقد مر من صاحب الكفاية ان موضوعها خبرالثقة كما ان ما التزم به الشيخ (قدس سره) اعتبار الخبر الموثوق به وان العمدة في اعتباره قيام السيرة العقلائية عليه.
واما جبر ضعف الدلالة:
فحاصل ما افاده ان مقتضى ادلة اعتبار الظهورات اعتبار ظهور اللفظ في يقين المراد فالظن بالمراد معتبر اذا كان مستنداً الى ظهور اللفظ.
واما اذا حصل الظن بالمراد ولكن لا من ناحية ظهور اللفظ، بل مستنداً الى امارة اخرى خارجية فلا دليل على اعتباره
وبعبارة اخرى:
ان الامارة الظنية الخارجية لا توجب اكثر من الظن بالمراد والظن بالمراد ليس موضوعاً لادلة الحجية ولا دليل على اعتبارها، بل الدليل انما قام على اعتبار ظهور الكلام في المراد والامارة الخارجية لا تقتضي ظهوره فيه واما بالنسبة الى الوهن:
فافاد (قدس سره) بان الظن اذا لم يقم على اعتباره دليل بالخصوص لايقتضي الوهن لا في السند ولا في الدلالة.
ووجهه: ان ادلة اعتبار الخبر ليس مدلولها اعتبار الخبر الذي لم يقم الظن على خلافه، بل مدلولها اعتبار الخبر سواء حصل ظن على خلافه او لا، فالظن بعدم صدور الخبر او عدم تمامية دلالته لا يوجب الوهن في الخبر الجامع لشرائط الاعتبار بحسبها لا سنداً ولا دلالةً.
ثم افاد (قدس سره):
بانه اذا كان الظن الذي حصل على خلاف الخبر صدوراً او مضموناً كشف عن ثبوت خلل في سنده او وجود قرينة مانعة عن انعقاد ظهوره في الموارد فلا محالة يسقط به اعتبار الخبر أمن من جهة الصدور، او من جهة المضمون، ولكن يختص ذلك بما اذا كشف الظن المذكور عن ذلك بنحو معتبر.
والانكشاف على نحو معتبر عن ثبوت خلل في السند او الدلالة يلزم ان لا يكون مستنداً الى الظن غير المعتبر الذي هو موضوع كلامه في البحث في المقام، لانه مع فرض عدم اعتباره كيف يمكن كشف الخلل عنه بوجه معتبر، لان الطريق المعتبر هو العلم او العلمي، فاذا حصل القطع، او دل دليل معتبر على ثبوت خلل في السند او الدلالة، فانه لا شبهة في ثبوت الوهن فيهما بمقتضاه، ولكن هذا خارج عن موضوع البحث، فان موضوع البحث عروض الوهن من ناحية الظن المطلق دون العلم او الظن الخاص، الا ان يكون مراده (قدس سره) البحث عن موهنية الظن، وانه يوجب الوهن مع فرض اعتباره وعدمه في فرض عدم الاعتبار.
هذا ويمكن ان يقال:
ان التزامه بعدم استبعاد جبر الضعف في السند او الدلالة الظاهر من قوله «فلا يبعد جبر ضعف السند في الخبر بالظن بصدوره او بصحة مضمونه ودخوله بذلك تحت ما دل على حجية ما يوثق به» لا يساعد مع التزامه بعدم كونه الظن موجباً للوهن، للملازمة بين الجبر والوهن وانه كلما اوجب الجبر في الخبر لم يوجب الوهن فيه اذا قام على خلافه ومن المشكل جداً التفكيك بينهما، فاذا قام الظن على ثبوت خلل في سند الرواية، وكان المفروض اعتبار الخبر الموثوق به، وكان الوجه لاعتبار الخبر السيرة العقلائية او مثلها، فلا شبهة في خروج الخبر عن كونه موثوقاً به مع قيام الظن على خلافه، ويبتني حد سقوط الاعتبار على حد قوة الظن، لانه من المشكل جداً حصول الوثوق مع قيام الظن، وهو الاحتمال الراجح على الخلاف. هذا بالنسبة الى الوثوق بالصدور.
واما من جهة الدلالة والظهور، فان الاعتبار انما يكون بظهور المضمون في المراد فلو كان ظاهراً فيه لكان حجة، وعمدة الوجه لاعتبار الظهور السيرة العقلائية واساس هذه السيرة كاشفية الظهورات عن المرادات، فالظهورات معتبرة اذا كشفت عن المرادات عندهم، وهذه الكاشفية تتحقق اذ الم يقم ما نيافي لها من القرائن ولو خارجية، فهل بناء العقلاء على اعتبار الظهور وكاشفيته عن المراد مع قيام الاحتمال الراجح اي الظن على عدم الكاشفية؟
نعم، ان الظهور كاشف عن المراد، واما اذا حصل الوثوق بعدم كون المراد ما يظهر من اللفظ فكيف يمكن اعتبار الظهور المذكور في بنائهم، والوثوق حجة عقلائية سواء حصل من طريق معتبر او طريق غير معتبر. وقد مر في باب حجية الخبر انه كان الاعتبار في الخبر الموثوق به بالوثوق دون الخبر.
نعم لم ثبت اعتبار الظهور بدليل غير السيرة العقلائية، بان يثبت بدليل شرعي كما لو ثبت اعتبار خبر الثقة بالتعبد، فلا شبهة في عدم ثبوت الوهن بحصول الوثوق. ومن المعلوم ان حصول الوثوق لا يلازم دائماً اعتبار سبب الحصول شرعاً، فيلزم تقييد الظن القائم على الخلاف بعدم بلوغه حد الوثوق. وان كان ما دون ذلك من الظن غير البالغ الى هذه الدرجة قابل لان يسقط به ما يعتبرونه العقلاء من الكاشفية، اي كاشفية الظهورات عن المرادات.
وربما نرى ما يكشف عنه في عدول الاصحاب عن الظهورات مع اعراض بعض الاعلام عنها، وان لا يلتزمون بحجية الشهرة. واما الترجيح بالظن.
[2] كفاية الصول، ص332-333.