بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بيست و سه
بل فيما رواه محمد بن الحسن باسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن عبدالله بن القاسم الحضرمي عن عبدالله بن سنان قال:
قال ابو عبدالله (عليه السلام):
على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب لفاطمة عليها السلام ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس فذاك لهم خاصة يضعونه حيث شاؤوا، وحرم عليهم الصدقة حتى الخياط يخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منه دانق إلا من أحللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة، إنه ليس من شئ عند الله يوم القيامة أعظم من الزنا إنه ليقوم صاحب الخمس فيقول: يا رب سل هؤلاء بما أبيحوا.[1]
فان في هذه الرواية قد صرح بوجوب الخمس فيما يغتنمون الناس ويكتسبون، وهي وان ربما يناقش في سندها من جهة اشتماله على عبدالله بن القاسم الحضرمي لان اسناد الشيخ الى محمد بن علي بن محبوب صحيح. ومحمد بن علي بن محبوب الاشعري ثقة فقيه عين على ما ذكره النجاشي، وهو رواه عن محمد بن الحسين، والظاهر انه محمد بن الحسين بن ابي الخطاب بقرينة محمد بن علي بن محبوب عنه، قال النجاشي فيه: جليل من اصحابنا عظيم القدر كثير الرواية ثقة عين حسن التصانيف مسكون الى روايته وهو رواه عن عبدالله بن القاسم الحضرمي عن عبدالله بن سنان وهو من اعيان الثقاة.
فلا كلام في السند الا من جهة عبدالله بن القاسم الحضرمي قال فيه النجاشي عبدالله بن القاسم الحضرمي يعرف بالبطل كذاب غال يروي عن الغلاة لا خير فيه و لا يعتمد بروايته له كتاب يرويه عنه جماعة[2]. وقال العلامة (قدس سره) في الخلاصة: واقفي، وهو يعرف بالبطل، وكان كذابا، روى عن الغلاة، لا خير فيه ولا يعتد بروايته، وليس بشئ، ولا يرتفع به[3]. وفي رجال النجاشي والفهرست له كتاب روى عبدالله بن عبدالرحمن الصفار عن محمد بن الحسين عنه.
والظاهر انه عبدالله بن القاسم الحضرمي ويعرف بالبطل دون عبدالله بن القاسم الحارثي حسب نقل المحقق الاردبيلي في جامع الرواة ولايثبت كونه هو الحارثي على ما قاله ابن الغضائري عبدالله بن القاسم البطل الحارثي بصري كذاب غال ضعيف تروك الحديث معدول عن ذكره.[4]
ومقتضي كلام النجاشي ان عبدالله بن القاسم الحضرمي يعرف بالبطل.
قال السيد الخوئي (قدس سره) في معجم رجال الحديث:
« لم يظهر من النجاشي ضعف عبد الله في الحديث، وإنما ضعفه في نفسه من جهة الغلو، وأما ابن الغضائري فلا اعتماد على ما نسب إليه، ولكن مع ذلك لا يعتمد على روايته لعدم توثيق له .»[5]
ويمكن ان يقال:
انه يمكن تحصيل الاعتبار لنقله بنقل محمد بن الحسين بن ابي الخطاب عنه فانه كما مرّ ممن قال النجاشي فيه: «جليل من اصحابنا عظيم القدر كثير الرواية ثقة عين حسن التصانيف مسكون الى روايته [6]
وهو ممن روي كتاب عبدالله بن القاسم الحضرمي
كما يمكن ذلك من جهة نقل ابن ابي عمير عنه عن جعفر بن محمد (صلوات الله عليه) على ما في الفقه وحسب نقل المحقق الاردبيلي في جامع الرواة .
فيشمله التوثيق العام من الشيخ في العدة.
ففي الفقيه:
وروي محمد بن ابي عمير عن عبدالله بن القاسم عن الصادق جعفر بن محمد عن ابيه عن جده عن علي (عليه السلام):
خرج يقتبس لأهله نارا فكلمه الله عز وجل ورجع نبيا، و خرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان عليه السلام، وخرجت سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين ".[7]
واسناد الصدوق الى محمد بن ابي عمير صحيح حسب ما في الخلاصة للعلامة (قدس سره).
وثانياً:
ان بالنسبة الى ما افاده من انه لايمكن الالتزام بوجوب خمسين حتى لو سلمنا تعدد العنوان فيمكن ان يلاحظ فيه:
ان هذا استبعاد محض لانه اذا فرض ان كل عنوان من العناوين المتعلقة للخمس سبب مستقل لوجوب الخمس، فان تعدد السبب يقتضي تعدد المسبب ولايتفاوت الحال بين وجوب دفع خمسين في زمان واحد او زمانين عند انطباق العناوين، فاذا انطبق عنوان الكسب وعنوان الغوص، وقلنا بتعدد الخمس في مورده، فانه حين ما غاص وجب عليه خمس بعنوان الغوص واذا اتخذ الغوص كسباً له في سنته حسب الفرض، فانما يجب عليه خمس اخر، فان التزمنا بتعلق الخمس بالارباح بمجرد حصولها، فانما يجب عليه خمسان فيما اخذ بالغوص معاً وفي وقت واحد وهو زمان حصول الغوص. وان قلنا بتعلق الخمس بالارباح بعد مضي سنة من حصولها كما نسب ذلك الى ابن ادريس لوجب عليه الخمس في ابتداء السنة عند حصول الغوص و خمس اخر في آخر السنة بعنوان الربح بعد اخراج المؤونة، ولا استبعاد في كل منها. ولايقاس ذلك بما اذا لم يكن الغوص مكسباً له وغاص بحسب الاتفاق اخرج اللؤلؤ فانه يلزمه الالتزام بخمسين. وذلك لانانلتزم عند اخراج اللؤلؤ بالغوص بخمس واحد، لان اخراج اللؤلؤ مصداق للغوص وليس عنواناً مستقلاً لوجوب الخمس. نعم ورد في مورد اللؤلؤ اخبار خاصة بوجوب الغوص، ولكنها تحمل على بيان المصداق ولذا نرى عدم تعنون عنوان خاص له في كلمات الفقهاء، وانما تعرضوا للبحث عنه ذيل بحث الغوص، بل مثلوا للغوض باخراج اللؤلؤ. وقد مر في كلام صاحب العروة: «الرابع الغوص وهو اخراج الجواهر من البحر مثل اللؤلؤ والمرجان».
والحاصل: ان العمدة في مستند القول بعدم وجوب الخمس ما افاده الشيخ (قدس سره) وايده السيد الخوئي بان موضوع وجوب الخمس الغنيمة بمعنى الفائدة والعناوين المذكورة في الروايات مصاديق لموضوع الفائدة ولا معنى لتعدد الخمس عند انطباق المصاديق او المصداقين ثم ان من العناوين الموضوعة للخمس المال الحلال المختلط بالحرام.
[1] وسائل الشيعة، ج9، الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس، ص503، الحديث12586/8.
[2] النجاشي، رجال النجاشي، ص226، الرقم549.
[3] العلامة الحلي، خلاصة الاقوال، ص370، الباب عبدالله، الرقم9.
[4] أحمد بن الحسين ابن الغضائري، رجال ابن الغضائري، ص78، الرقم90-15.
[5] السيد الخوئي، معجم رجال الحديث، ج11، ص304.
[6] نقلا من جامع الرواة لمحمد علي الأردبيلي، ج2، ص96.
[7] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج3، ص165، الحديث3609.