بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه پنج
وذلك، نظير ما رواه الصدوق باسناده عن عمر بن اُذينة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: «ليس فيما دون الخمس من الإبل شئ، فإذا كانت خمسا ففيها شاة إلى عشر، فإذا كانت عشرا ففيها شاتان، فإذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث من الغنم ...»[1]
ومثله ما ورد في زكاة البقر مثل قوله (عليه السلام):
في كل ثلاثين بقرة تبيع حولي، وليس في أقل من ذلك شئ، وفي أربعين بقرة مسنة[2]...»
في صحيحة الفضلاء عن ابي جعفر و ابي عبدالله ع
قال السيد الحكيم (قدس سره) و قد يستدل عليه [على القول بجواز التصرف في العين الخمسية مع الضمان]: بأنه مقتضى الجمع بين النصوص المتقدمة و بين ما دل من النصوص على عدم جواز التصرف في الخمس، مثل رواية أبي بصير عن أبي جعفر (ع)- في حديث- قال: «لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل إلينا حقنا».[3]
ورواية اسحاق بن عمار قال: سمعت ابا عبدالله (عليه السلام): «يقول لا يعذر الله عبداً اشترى من الخمس شيئاً ان يقول: يارب اشتريته بمالي، حتى يأذن له اهل الخمس ونحوهما غيرهما.»[4]
ثم افاد في مقام الجواب عنه:
«و فيه- مضافاً إلى ما عرفت من الإشكال في النصوص المتقدمة-:أن ظاهرها صورة عدم الضمان، لجهل السائل فيها بوجوب الخمس. نعم لا يبعد خروج صورة نية عدم إعطاء الخمس عنها، فتحمل عليها النصوص الثانية. و لعل الأقرب في الجمع: حمل النصوص الأول على صورة الأداء و حمل الثانية على صورة عدمه، فالأداء يكون نظير الإجازة في عقد الفضولي أو أداء الدين بالنسبة إلى تصرف الراهن في العين المرهونة، فإن تحقق صح التصرف و لو مع نية عدمه، و ان لم يتحقق لم يصح و لو مع نيته. و الوجه في أقربيته: عدم ورود تلك النصوص لبيان صحة التصرف، و إنما استفيد منها ذلك في الجملة، فلا تصلح لمعارضة ما دل على عدم الصحة بدون الأداء و الصحة معه، كما هو مفاد النصوص الأخيرة. و لعل ذلك مقتضى القاعدة مع قطع النظر عن النصوص، بناء على أنه حق متعلق بالعين نظير حق الرهانة أو الجعالة. أما لو كان المستحق نفس العين فتشكل صحة التصرف بعد الأداء، إذ الحال تكون كما لو باع شيئاً ثمَّ ملكه.[5]
ويمكن ان يقال:
انه مضافاً الى ما اوردنا عليه (قدس سره) فيما استشكله في النصوص المقدمة من:
1 - ان ظاهر الاخبار المجوزة للتصرف، جواز دفع الخمس بالقيمة دون خصوص الثمن حتى امكن الالتزام بانتقال الخمس من العين اليه، لانه لم يقيد فيها الامام بكون الخمس من خصوص الثمن، بل في قوله الطلاق بالنسبة الى دفع مقداره من اي مال شاء.
2 - انه لا تقييد فيها بكون العين مورداً للتصرف البيعي قبل مضي الحول بل فيها الاطلاق، في قول الامام (عليه السلام) وفي سؤال الراوي بالنسبة الى ما قبل الحول وما بعده مضافاً الى ان للاكتساب الزراعي حول بحسب متعارف الناس ويعبر عنه بالسنة الزراعيّة و مبدأ الحول عند السيد الحكيم شروع الاكتساب المذكور، ومن المعلوم ان اخذ الحاصل لا يمكن معه الا في آخر السنة ويكون بيعه واقعاً غالباً بعد مضي السنة المذكورة، وعليه فان خصوصية المورد فيها مقتضى حملها على صورة مضي الحول.
يمكن ان يناقش فيما افاده:
بانه لو حملنا النصوص الدالة على المنع عن التصرف في العين الخمسية على صورة عدم الضمان او على صورة عزم الشخص على عدم دفع الخمس، ولا اقل على كونه غير قاصد لدفع الخمس حسب ما افاده ابتداً، لكانت النتيجة جواز التصرف فيها مع الضمان وفي فرض عدم كونه ممتنعاً بالنسبة الى دفع الخمس، وهذا عين مدعى صاحب الجواهر (قدس سره) و الشيخ (قدس سره) القائل بجواز التصرف فيها مع الضمان، وكون الضامن عازماً على الدفع او قاصداً له. وليس اشكالاً عليه.
واما بالنسبة الى ما افاده في وجه الجمع:
حيث حمل النصوص الاولى – ما استدل بها على جواز التصرف – على صورة الاداء والنصوص الاخرى على صورة عدمه، فمعناه كون اداء الخمس شرطاً متأخراً لجواز التصرف المتقدم ولذلك جعله نظير الاجازة في العقد الفضولي، او اداء الدين للراهن المتصرف في العين المرهونة، فانه مضافاً الى ما يرد على الشرط المتأخر الا في صورة ثبوته في كلام الشرع الكاشف عن كونه نحواً من الاعتبار والتعبد، يرد عليه:
ان لازم هذا الحمل جواز التصرف المتقدم مع تحقق الاداء المتأخر حتى مع كونه غير قاصد لدفع الخمس حين التصرف، بل حتى مع كونه عازماً لعدم ادائه. وهذا ليس مدعى صاحب الجواهر والشيخ (قدس سرهما) حيث انهما التزما بجواز التصرف مع ضمان العهدة وعزمه على الاداء واما بالنسبة الى ما افاده من عدم ورود تلك النصوص لبيان صحة التصرف، وانما استفيد منها ذلك في الجملة فلا تصلح لمعارضة ما دل على عدم الصحة...
ففيه: ان هذه النصوص وان لم ترد لبيان جواز التصرف وصحته الا انها وردت لبيان كفاية ما دفعه السائل بعنوان الخمس واجزاء فعله، وان دفع الخمس بعد البيع عمل بالوظيفة المقررة الشرعية، وبما انه ليس فيها اي تعرض للامام بالنسبة الى ما فعله السائل من التصرف في العين الخمس قبل اداء الخمس، ولا ارشاد بالنسبة الى عدم تصرفه فيها في المستقبل بهذا الصورة مع تصريحه ببيع العين وان ما يدفعه الى الامام هو ثمن العين او مال اخر يعادل ما عليه من الخمس. وهو من اظهر مصاديق التقرير الذي لا يقصر في الكاشفية عن القول والفعل، وعليه فان جواز التصرف ان لم يكن مدلولاً بالصراحة لكان مدلولاً لهذه النصوص بالالتزام، ومعه فلا وجه لما افاده من عدم صلاحيتها للمعارضة مع نصوص المنع.
ثم انه (قدس سره) صرح بانه لعل ذلك مقتضى القاعدة مع قطع النظر عن النصوص بناءً على انه حق متعلق بالعين نظير حق الرهانة او الجعالة.
فنقول ان الخمس حتى بناءً على كونه ملكاً لارباب الخمس لا حقاً كما احتمله سابقاً وايده بوجه لا يمكن تصوير تعلقه بذات العين بمقتضى هذه الروايات، وما مر من الوجوه الدالة على ان المراد من تعلق الخمس بالعين تعلقه بماليتها لا ذاتها، فضلاً عن كونه حقاً و مقتضى القاعدة في مثله جواز التصرف اذا لم يستلزم تضييع المالية او الحق عرفاً وجعله في الذمة، وقبوله في العهدة ان كانت الذمة قابلة لذلك اي متمكناً من الاداء فيما بعد التصرف، ولم يكن ممتنعاً لدفع الخمس، هو شرط لتجويز تصرفه كما صرح به الاعلام (قدس الله اسرارهم).
.[1] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج2، ص23، الحديث1604؛ وسائل الشيعة (آل البيت)،ج 9، الباب2 من أبواب زكاة الأنعام، ص 108، الحديث11639/1.
[2] وسائل الشيعة (آل البيت)،ج 9، الباب4 من أبواب زكاة الأنعام، ص 114، الحديث11647/1.
[3]. مستمسك العروة الوثقى، ج9، ص 556.
[4] وسائل الشيعة (آل البيت)،ج 9، الباب3 من أبواب الانفال، ص 542، الحديث12674/10.
[5]. مستمسك العروة الوثقى، ج9، ص، 557.