بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و بيست و پنج
ثم ان بناءً على الالتزام بكون النهي ارشاداً الى عدم تمكن القياس من الكاشفية عن الواقع في غالب الموارد، واختصاصه بصورة انفتاح باب العلم، فلا موضوع للاشكال في تعميم النتيجة في مقدمات الانسداد.
وأما بناءً على الالتزام بتعميم النهي لصورة الانسداد، فإنه يشكل الامر من جهة حكم العقل باعتبار الظن من اي سبب حصل الشامل للظن القياسي مع النهي الوارد من الشرع بالنسبة الى خصوص القياس.
وعمدة الوجه في دفع الاشكال في هذا المقام ما مر تقريبه من صاحب الكفاية (قدس سره) وأساس نظره هو ان النهي عن طريق خاص في باب الانسداد انما يكون كنصب طريق ظني من ناحية الشارع في حال الانفتاح، فإنه كما ان نصب الشارع الظن في حال الانفتاح لا ينافي حكم العقل بلزوم الامتثال العلمي، كذلك ان نهيه عن سلوك طريق في حال الانسداد لا ينافي حكم العقل بلزوم الامتثال الظني واعتبار مطلق الظن، وأساس هذا الوجه من المحقق صاحب الهداية (قدس سره)، وعمدة نظره حسب تقريب صاحب الكفاية (قدس سره) ان حكم العقل باعتبار الظن في حال الانسداد كحكمه باعتبار العلم – اي لزوم الامتثال العلمي – انما كان في مقام اطاعة الشارع وامتثال اوامره، فلو اكتفى في مقام امتثاله بالظن ولو مع تمكن المكلف من العلم، فإنه ليس للعقل مطالبة في مقام اطاعة الشارع اكثر من مطالبة نفس الشارع بما هو المولى، وكذلك ان في فرض الانسداد اذا كان الشرع لا يقبل الامتثال بالظن القياسي، فإن العقل الحاكم بلزوم تأمين اغراض المولى واستيفائها باطاعته وامتثال أوامره كيف يحكم بكفاية الامتثال بالظن القياسي. وأساس نظر العلمين صاحب الحاشية وصاحب المعالم (قدس سرهما)، ان كل ما يمكن القول به في دفع الاشكال في مقام نصب الطريق نلتزم به في مقام نهيه عن طريق.
ويمكن ان يقال:
ان في ظرف انفتاح باب العلم ان الشارع في مقام نصب الطريق انما يجعل مؤدى طريقه علماً تعبداً، فيكون الامتثال به امتثالاً علمياً، لا ظنياً، وأن العقل الحاكم بلزوم الامتثال العلمي انما يحكم به بلا فرق فيه بين العلم الوجداني وما يراه المولى علماً. هذا مع ان الطرق المنصوبة من ناحية الشارع في حال الانفتاح انما تعتبر مع عدم تمكن المكلف من الوصول الى الحكم الواقعي، ولذا قرر ان مؤدى هذه الطرق حكم ظاهر منجز للواقع مع مطابقته ومعذر عند مخالفته، فلا يكون اعتبار هذه المنصوبات مطلقاً يشمل حتى صورة التمكن من الحكم الواقعي، وان شئت قلت ان اعتبارها محصور في صورة انسداد الطريق الى الحكم الواقعي.
وعليه فلا يتم قياس النهي عن القياس بنصب الطرق المذكورة.
الا ان يقال:
ان في فرض الانفتاح ونصب الشارع الطرق الظنية ان المكلف متمكن من الواقع بالاحتياط والتحفظ على اطراف الواقع المحتمل، فاكتفاء الشارع بها ليس في فرض عدم التمكن من ادراك الواقع فلا محالة ينافي نصبه الطرق المذكورة حكم العقل بلزوم الاطاعة العلمية، ونرى عدم اشكال القوم على نصب هذه الطرق من جهة منافاته لحكم العقل، وعليه فإن كل ما يمكن ان يقال فيه يقال به في المقام.
ولكنه يمكن ان يلاحظ فيه:
بأنه لا يتم القول بامكان الاحتياط في جميع الموارد، فإنه لو تم تمكن المكلف منه فإنه يختص ببعض ابواب الفقه كالعبادات دون مثل القضاء، والحكومات، والمعاملات كما مر في تقريب كلام السيد البروجردي في عدم امكان التمسك بالاحتياط عند البحث في مقدمات الانسداد.
هذا مع عدم امكان الاحتياط للمكلف في بعض الموارد كدوران الأمر بين المحذورين او عدم وجوبه كموارد استلزامه اختلال النظام او العسر والحرج. كما صرح به صاحب الكفاية (قدس سره).
نعم، يمكن القول بأن في موارد امكان الاحتياط، وعدم استلزامه المحاذير المتقدمة انما يكتفي الشارع بمؤدى الطرق في مقام امتثاله ولا يوجب على المكلف الاتيان بالواقع.
وعليه فيمكن هنا القول بأن نصب هذه الطرق الظنية مناف لحكم العقل بلزوم الامتثال القطعي.
والقول بأن هذه الطرق قد جعلها الشارع علماً تعبداً لا يوجب صيرورتها علماً واقعاً وحقيقة حتى امكنها نفي حكم العقل في مواردها تخصصاً.
وعليه فلا محالة تكون هنا نقطة توجب عدم منافاة النصب المذكور مع حكم العقل بلزوم الامتثال القطعي، وكانت هذه النقطة هي الوجه عيناً في عدم منافاة نهي الشارع عن طريق خاص مع حكم العقل باعتبار الظن مطلقاً. وما افاده صاحب الكفاية (قدس سره) ابتنائا على كون حكم العقل في مراتب الامتثال، انما كان في مقام اطاعة المولى وامتثال أوامره، واستيفاء اغراضه، وليس له مطالبة اكثر من اكتفائه بامتثال حسب نظر.
قال صاحب الكفاية:
«فصل: اذا قام ظن على عدم حجية ظن بالخصوص، فالتحقيق ان يقال:
بعد تصور المنع عن بعض الظنون في حال الانسداد : إنه لا استقلال للعقل بحجية ظن احتمل المنع عنه، فضلا عما إذا ظن، كما أشرنا إليه في الفصل السابق، فلا بد من الاقتصار على ظن قطع بعدم المنع عنه بالخصوص، فإن كفى، وإلا فبضميمة ما لم يظن المنع عنه وإن احتمل، مع قطع النظر عن مقدمات الانسداد، وإن انسد باب هذا الاحتمال معها، كما لا يخفى، وذلك ضرورة أنه لا احتمال مع الاستقلال حسب الفرض ومنه قد انقدح أنه لا تتفاوت الحال لو قيل بكون النتيجة هي حجية الظن في الأصول أو في الفروع أو فيهما، فافهم».[1]
[1] . كفاية الاصول، ص 327-328.