درس خارج فقه السابع: ما يفضل عن مؤنة سنته ومؤنة عياله جلسه صد و بيست و سه
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و بيست و سه
قال السيد الحكيم (قدس سره):
قد تقدم- في المسألة الثانية عشرة من مسائل المعدن- التصريح من التذكرة و المنتهى بجواز بيع المعدن و تعلق الخمس بالثمن، مستشهداً له- في الأخير-بخبر: «من وجد ركازاً فباعه» المتقدم هناك.[1]
ويشهد له ايضاً:
مصححة ريان بن الصلت المتضمنة لوجوب الخمس في ثمن السمك والقصب والبردي الذي يبعه من اجمة قطيعته[2] .
وخبر ابي بصير المروي في السرائر«في الرجل يكون في داره البستان فيه الفاكهة ياكله العيال، انما يبيع منه الشيء بمائة درهم او خمسين درهماً هل عليه الخمس؟ فكتب اما ما اكل فلا، واما البيع فنعم فهو كسائر الضياع»[3].
وقدمر في كلام الشيخ (قدس سره) في الرسالة:
لكنّ الظاهر: عدم وجوب أن يخرج من كلّ عين خمسة، لصدق إخراج خمس الفائدة، بل الظاهر أنّ الحكم كذلك في الكنز و الغوص و المعدن إذا اشتملت على أجناس مختلفة. هل يجوز دفع القيمة في هذه الأشياء؟ الظاهر ذلك، كما صرّح به بعض، بل يظهر من حاشية المدقّق الخوانساري في مسألة وجوب بسط نصف الخمس على الأصناف، أنّ جواز أداء القيمة مذهب الأصحاب - و سيجيء حكاية كلامه في تلك المسألة-، لقوله عليه السلام لمن وجد كنزا فباعه: «أدّ خمس ما أخذت» يعني من الثمن. و رواية ريّان بن الصلت المتقدّمة في ثمن السمك و البردي و القصب من القطيعة. و رواية السرائر المتقدّمة فيما يباع من فواكه البستان- و الاجتزاء بخمس الثمن في هذه الأخبار محمول على الغالب، من عدم نقصان الثمن عن القيمة، و إلّا فلا اعتبار بالثمن- و ما تقدّم في مسألة الغنيمة من رواية أبي سيّار حيث جاء بثمانين ألف درهم إلى الصادق عليه السلام.[4]
والمهم هنا ان السيد الخوئي (قدس سره) لايمكنه الخدشة في بعض هذه الروايات سنداً مثل رواية ريان ابن الصلت فانها مارواه الشيخ في التهذيب باسناده عن الريان وقد افاد (قدس سره) في معجم رجال الحديث بان اسناد الشيخ الى الريان بن الصلت صحيح كطريق الصدوق اليه مع انه لاشبهة في تمامية وثاقة ريان[5].
وكذا انه صرح (قدس سره) بصحيحة رواية السرائر فان هذه الرواية رواها محمد بن ادريس في آخر السرائر نقلاً من كتاب محمد بن محبوب عن احمد بن هلال عن ابن ابي عمير ابان بن عثمان عن ابي عبدالله (عليه السلام).
قال (قدس سره) بعد ذكر الرواية: عند الاستدلال بها لوجوب الخمس في الهبة. كما ان السند صحيح فان ابن إدريس و ان ذكر في آخر السرائر فيما سماه بالنوادر طرقه إلى أرباب الكتب و لم تثبت لدينا صحة شيء منها فلا يعتمد عليها لا سيما و ان في بعضها كطريقه الى ابان بن عثمان شيء لا يمكن تصديقه، و لكن خصوص طريقه الى محمد بن علي بن محبوب صحيح لأنه إنما يرويه عما رآه من خط الشيخ و طريق الشيخ الى ابن محبوب صحيح. و قد روى هذه الرواية من طريق ابن محبوب.
و اما أحمد بن هلال فهو و ان كان فاسقا ينسب الى الغلو مرة و الى النصب اخرى، بل عن شيخنا الأنصاري (قده) ان مثله لم يكن يتدين بدين لما بين النسبتين من بعد المشرقين. ولكن الظاهر انه ثقة في نقله و ان كان فاسدا في عقيدته حيث توقف على ابي جعفر و لم يقبل نيابته عن الإمام لأنه كان يرى نفسه أحق بالنيابة إذ لا ينافي ذلك ما نص عليه النجاشي من كونه صالح الرواية كما لا يخفى.[6]
الا ان يقال: بانه (قدس سره) لايلتزم بالدلالة فيها من جهة احتمال كون المراد فيها وقوع البيع قبل انتهاء السنة كالسيد الحكيم (قدس سره).
قال (قدس سره) في المستمسك بعد نقل معتبرة ابي بصير: لكن مفادها جواز إيقاع المعاملة على المال الذي فيه الخمس فينتقل الى الثمن، و لا تدل على جواز دفع القيمة. إلا أن يكون نوعاً من المعاوضة، و لا يخلو من تأمل. و لا يجوز له التصرف في العين قبل أداء الخمس، و إن ضمنه في ذمته. نعم قد يشكل الاعتماد عليها، من جهة عدم ظهورها في جواز ذلك بعد تمام الحول. و لا إطلاق لها يقتضيه، لعدم ورودها لبيان هذه الجهة فغاية مدلولها جواز إيقاع المعاملة عليه. و الظاهر أنه لا إشكال فيه في أثناء الحول، كما يقتضيه ما عرفت من ظهور الإجماع على جواز التأخير، بضميمة ظهور الإجماع أيضاً على عدم وجوب عزل مقدار الخمس، و محل الاشكال ما بعد الحول. اللهم إلا أن يتعدى اليه باستصحاب الولاية الثابتة في أثناء الحول، بناء على تقدمه على عموم المنع من التصرف في مال الغير. أو يدعى: أن نصوص التشريع لا تدل إلا على ثبوت حق في العين فیجوز دفعه ولو من غیر العین.[7]
[1] مستمسك العروة الوثقى، ج9، ص555.
[2] . وسائل الشيعة، باب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس، ص504، الحديث 12587/9.
[3] وسائل الشيعة، باب8 من أبواب ما يجب فيه الخمس، ص504، الحديث12588/10.
[4] الشيخ الأنصاري، كتاب الخمس، ص278.
[5] معجم رجال الحديث، ج8، ص219.
[6] السيد الخوئي، كتاب الخمس، ص212.
[7] . مستمسك العروة الوثقى، ج9، ص555.