درس خارج اصول مبحث الحجيت خبر الواحد جلسه صد و نوزده
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و نوزده
وأفاد الشيخ في نقد هذا الوجه:
ان هذا الوجه وإن كان حسناً وقد اخترناه سابقاً، الا انه ربما لا يساعده مقام الاثبات وذلك:
لأن ظاهر اكثر الاخبار الناهية عن القياس، المنع عن سلوكه لا بما فيه المفسدة ذاتاً بل بما ان سلوكه معرض للوقوع في خلاف الواقع، فهي في مقام الارشاد الى الاجتناب عنه من جهة عدم الاتقان بادراك الواقع به غالباً، فالنهي راجع الى سلوكه من باب الطريقية، وقد مر في الوجه السابق ان النهي اذا كان على وجه الطريقية بأن نهى عنه فقد العلم عن سلوك هذا الطريق من حيث انه ظن يحتمل فيه الخطاء فهو قبيح، لأنه معرض لفوات الواقع فينتقض به الغرض.
نعم ظاهر بعض اخر من الاخبار ثبوت المفسدة الذاتية ولكن دلالة الاكثر اظهر، فهي حاكمة على الطائفة الاخيرة.
نعم، يمكن ان يقال:
ان الاخبار الواردة الناهية عن سلوك طريق القياس الظاهرة في النهي عنه على وجه الطريقية لابد من حملها على النهي عنه في فرض انفتاح باب العلم، حيث ان المكلف متمكن من الرجوع الى الائمة والوقوف على الاحكام علماً بخلاف صورة الانسداد الذي لا طريق له في الوقوف عليها الا سلوك الظن.
هذا بالنسبة الى الاخبار والادلة اللفظية.
وأما الادلة القطعية – حسب تعبيره (قدس سره) – كالاجماع المنعقد على حرمة العمل به حتى مع الانسداد لا وجه له غير المفسدة الذاتية، لأن مع تعميم النهي لا مناص الا حملها على وجود المفسدة في سلوك القياس، كما انه لو قام الدليل على حجية الظن مع التمكن من العلم يلزم حمله على وجود المصلحة المتداركة لخلاف الواقع فيه.
ضرورة ان حمله على الأمر بالعمل بالظن من جهة الطريقية دون وجود المصلحة المتداركة فيه مخالف لحكم العقل بقبح الاكتفاء بغير العلم مع تيسر العلم.
ويمكن ان يقال:
ان ما عبر به الشيخ (قدس سره) بالادلة القطعية، وذكر الاجماع والضرورة ضمن مصاديقها يمكن ان يقال فيها:
اما الاجماع، فإن من المشكل جداً كونه اجماعاً تعبدياً غير مستند الى الاخبار الكثيرة الواردة في النهي عن القياس، فإن كل من افتى بالنهي عنه كان مستنده الروايات المذكورة ومعه كيف يمكن الاستناد به بعنوان دليل مستقل.
وأما الضرورة، فإن مع احتمال كون مدرك الفتاوى الروايات الكثيرة الواردة في المقام وأساس التزام عامة الطائفة هذه الفتاوى، فكيف يمكن التزام باعتبارها مستقلاً عن الاخبار المذكورة.
هذا كله مع ان الاجماع و الضرورة المذكور لا لسان لهما حتى امكن احراز اطلاق النهي منهما، بحيث يشمل صورة الانفتاح كالانسداد، بل مع العناية الى التقريب الذي افاده في قبح صدور النهي على وجه الطريقية عند الانسداد، وعدم احراز كون النهي مولوياً مستنداً على مفسدة ذاتية فيه فلا اقل من الشك في دلالتهما على النهي بهذا الاطلاق. وبما انهما دليلان غير لفظيين، يلزم عند الشك الاقتصار عليهما على المتيقن وهو فرض الانفتاح والتمكن من الامتثال العلمي.