بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد
ثم افاد (قدس سره) في القسم الثالث وهو ما كان الشغل مختلفاً، قال:
« إنما الكلام فيما لو كان الشغل مختلفا كما لو كان تاجرا وزارعا فربح في أحدهما وخسر في الآخر فهل يحكم بالجبر حينئذ ؟ أفتى قدس سره بالعدم نظرا إلى تعدد العنوان .»[1]
ولكن للمناقشة فيه مجال واسع. اذ العنوان وان تعدّد، الا ان شيئاً منهما لم يكن ملحوظاً بالذات، بل الكل مقدمة للاسترباح ولتحصيل المال، والاختلاف انما يكون في سبل تحصيله، فهو في آخر السنة يلاحظ مجموع العائد من كسبه المنشعب الى قسيمن او اقسام، فاذا ربح في البعض وخسر في الاخر يجري الكلام المتقدم حينئذ من انه لم يربح بمقدار خسارته، ولا اقل من الشك في صدق الاستفادة وشمول الادلة له، ومقتضى الاصل البراءة عن الوجوب ولكن الاحتياط في محله.
والمتحصل من جميع ما مر: ان الاظهر هو الجبر، سواء أتعدد العنوان ام اتحدّ وسواء اتعددت الانواع – في العنوان الواحد – او اتحدت، مع فرض تقدم الربح على الخسارة دون العكس. حيث ان الربح المتعقب بالخسارة كانه لا ربح.
ثم ان السيد الخوئي (قدس سره) – حسب ما عرفت – التزم بالجبر فيما كان الشغل مختلفاً:
فخالف مع صاحب العروة (قدس سره) القائل بقوة عدم الجبر.
قال في العروة بعد الالتزام بقوة الجبر في التجارات المختلفة من حيث الانواع:
«نعم لو كان له تجارة وزراعة مثلا فخسر في تجارته أو تلف رأس ماله فيها فعدم الجبر لا يخلو عن قوة خصوصا في صورة التلف، وكذا العكس، وأما التجارة الواحدة فلو تلف بعض رأس المال فيها وربح الباقي فالأقوى الجبر وكذا في الخسران والربح في عام واحد في وقتين سواء تقدم الربح أو الخسران فإنه يجبر الخسران بالربح.»[2]
وما يمكن ان يقال في المقام.
ان بالنسبة الى التجارة الواحدة يتم ما افاده صاحب العروة (قدس سره) من قوة الجبر وتبعه السيد الخوئي (قدس سره).
الا انه لا يتم الالتزام بما افاده السيد الخوئي (قدس سره) من اختصاص الجبر بالخسارة اللاحقة دون السابقة مبتنياً على ما اختاره من المبنى في كون مبدء السنة حصول الربح المانع عن دخول الخسارة السابقة في سنة الربح.
وقد مر الاشكال في اصل المبنى، واشكل منه التزام السيد الخوئي باستثناء ما يصرف في سبيل تحصيل الربح سابقاً على الربح من عدم اخراج المؤونة السابقة او الخسارة السابقة عن الربح المتأخر. كما ان الاشكل منه عدم دخل السنة في الاخراج المذكور وان مؤونة الربح يمكن اخراجها منه وان كانت في ضمن سنوات.
ومن العجب قياسه (قدس سره) بمؤونة استخراج المعدن والكنز الخارجين موضوعاً عن بحث تعلق الخمس بارباح السنة.
وقد صرح بذلك صاحب العروة (قدس سره) بقوله سواء تقدم الربح او الخسران فانه يجبر الخسران بالربح واما مع تعدد التجارة و تفريق رأس المال في انواعها:
فانه يتم التزام صاحب العروة (قدس سره) بالجبر وتبعه السيد الخوئي الا انه التزام باختصاص الجبر بالخسارة اللاحقة كما افاده في الصورة السابقة.
واما مع تعدد الشغل ومثل له صاحب العروة بانه كان له تجارة وزراعة فخسر في احدهما وربح في الاخر، فالتزم فيه صاحب العروة بقوة عدم الجبر
واختار السيد الخوئي الجبر وهو الاقوي.
ووجهه ما افاده السيد الخوئي – حسب ما مر في كلامه – من عدم كون كل من شعب التكسب ملحوظا بالذات، بل الكل مقدمة للاسترباح و تحصيل المال، وقد عرفت نفس الوجه عن السيد البروجردي (قدس سره).
والسيد الخوئي (قدس سره) وان اختص الجبر في المقام بخصوص الخسارة اللاحقة دون السابقة الا انه قد مر ان الاختصاص في غير محله وان المبنى غير تام.
فالحق جبر الخسارة بالربح مطلقاً وفاقاً للشهيد في الدروس وشيخنا الاعظم في الرسالة.
والاساس ما نقله الشيخ عن بعض: ان المناط الارباح الحاصلة في تجارة كل عام لا في خصوص كل مال، ويشهد له تعارف هذا المناط وظهور الادلة في ذلك.
السيد الخوئي، كتاب الخمس، ص278-280. .[1]
[2] . العروة الوثقى(المحشي)، ج4، ص296.