درس خارج اصول مبحث الحجيت خبر الواحد جلسه نود و يك
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه نود و يك
قال الشيخ (قدس سره):
« والتحقيق: أنه لا إشكال في أن المقدمات السابقة - التي حاصلها بقاء التكليف، وعدم التمكن من العلم، وعدم وجوب الاحتياط، وعدم جواز الرجوع إلى القاعدة التي يقتضيها المقام - إذا جرت في مسألة، تعين وجوب العمل بأي ظن حصل في تلك المسألة من أي سبب، وهذا الظن كالعلم في عدم الفرق في اعتباره بين الأسباب والموارد والأشخاص، وهذا ثابت بالإجماع وبالعقل. وقد سلك هذا المسلك صاحب القوانين، حيث إنه أبطل البراءة في كل مسألة من غير ملاحظة لزوم الخروج عن الدين، وأبطل لزوم الاحتياط كذلك مع قطع النظر عن لزوم الحرج. ويظهر أيضا من صاحبي المعالم والزبدة، بناء على اقتضاء ما ذكراه لإثبات حجية خبر الواحد للعمل بمطلق الظن، فلاحظ.»[1]
وحاصل ما افاده صاحب الكفاية (قدس سره) في المقام:
ان مقدمات الانسداد مع القول بتماميتها تقتضي استقلال العقل باعتبار الظن دون كونه طريقاً منصوباً من ناحية الشارع واستدل لذلك:
ان هذه المقدمات لا يوجب نصب الظن طريقاً من ناحية الشارع، وذلك لأن الشارع يمكنه الاكتفاء بما استقل به العقل في حال الانسداد من اعتبار الظن في مقام التحفظ على تكاليفه، فإن هم الشارع تمكن المكلف من الوصول الى تكاليفه في حال الانسداد ومع استقلال العقل باعتبار الظن في حاله كان الفرض حاصلاً، فلا حاجة الى مكفله لنصب الظن طريقاً الى الاحكام الثابتة من قبله.
وبالجملة: ان اعتبار الظن في حال الانسداد انما كان لاجل تمكن المكلف من اطاعة اوامر المولى المفروض وجوبها في عمدة العبد، وباستقلال العقل اعتبار الظن يتمكن المكلف من الاطاعة الواجبة في قالب الاطاعة الظنية كما يتمكن منها في قالب الاطاعة العلمية في ظرف انفتاح باب العلم، والحاكم في باب الاطاعة هو العقل وليس للشارع الا الارشاد به، فلا موجب لوروده بعنوان انه شارع في هذا المقام ونصبه الظن الذي اعتبره العقل في مقام الاطاعة طريقاً الى احكامه لعدم الحاجة اليه وساحته منزهة عن اللغو.
وهنا اشكال:
وهو انه يلزم على ذلك التفكيك بين حكم العقل وحكم الشرع، فإنه لو التزمنا بقاعدة الملازمة وإن كلما حكم به العقل لحكم به الشرع للزم هنا ثبوت نصب الشارع الظن طريقاً بمجرد استقلال العقل به بمقتضى قاعدة الملازمة، ونفي نصب الشارع الظن طريقاً الى احكامه نفي للقاعدة المذكورة وهو باطل.
وأجاب صاحب الكفاية (قدس سره)عن هذا الاشكال:
انه لا يمكن استكشاف حكم الشرع من حكم العقل في المقام بقاعدة الملازمة؛ وذلك لأن الملازمة انما يمكن تصويرها مع قابلية المورد لهما، اي بعد تصوير قابلية المورد لكل من الحكم الشرعي والحكم العقلي يمكن القول بالملازمة بينهما، وأما اذا كان المورد قابلاً لحكم العقل دون الشرع فلا وجه لجريان الملازمة المذكورة، وهذا نظير باب الاطاعة والمعصية، فانهما لا يقبلان لورود حكم الشرع عليهما بالوجوب والتحريم الشرعيين، وعمدة الوجه فيه:
انه لا يمكن ان يكون للشارع بالنسبة الى فعل الواجب ارادة مستقلة غير ارادة فعل الواجبات، والى ترك المحرم ارادة مستقلة غير ارادة ترك المحرمات.
توضيح ذلك: ان للشارع اوامر ونواهي، لأنه اما ان يطلب شيئاً فيأمر به او يطلب عدم فعله فينهى عنه، وليس له اضافة الى طلب شيء او طلب عدمه امر اخر يطلب فيه اتيان اوامره او يطلب فيه ترك نواهيه الذي يعبر عنه بالاطاعة، لأن ارادة الاتيان بالمأمور به حاصل بأمره، وترك المنهي عنه حاصل بنهيه، فلا حاجة لأن يطلب الاتيان بأوامره ثانياً او ترك نواهيه لأنه من تحصيل الحاصل ويكون لغواً تعالى شأنه عن ذلك، فلو صرح في مورد بوجوب الاطاعة و تحريم المعصية، لكان ذلك للارشاد دون التكليف الذي حصل بنفس الأوامر والنواهي، ولا يترتب على الامر بالاطاعة والنهي عن المعصية غير ما يترتب على نفس الاتيان بالمأمور به وترك المنهي عنه، كما هو الحال في اوامر الطبيب حيث لا يترتب على امره غير ما يترتب على نفس المأمور به من الشفاء وعدمه.
هذا ما قرره الشيخ (قدس سره) في مقام بيان عدم قابلية المورد للملازمة.
[1]فرائد الاصول، ج1، ص464.