بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشتاد و شش
الوجه الثاني: من الوجهين الذي لاختصاص اعتبار الظن بالطريق.
قال في الكفاية:
« ثانيهما: ما اختص به بعض المحققين.
قال: ( لا ريب في كوننا مكلفين بالأحكام الشرعية، ولم يسقط عنا التكليف بالأحكام الشرعية، وأن الواجب علينا أولا هو تحصيل العلم بتفريغ الذمة في حكم المكلف، بأن يقطع معه بحكمه بتفريغ ذمتنا عما كلفنا به، وسقوط تكليفنا عنا، سواء حصل العلم معه بأداء الواقع أو لا، حسبما مر تفصيل القول فيه.
فحينئذ نقول:
إن صح لنا تحصيل العلم بتفريغ ذمتنا في حكم الشارع، فلا إشكال في وجوبه وحصول البراءة به، وإن انسد علينا سبيل العلم كان الواجب علينا تحصيل الظن بالبراءة في حكمه، إذ هو الأقرب إلى العلم به.
فيتعين الاخذ به عند التنزل من العلم في حكم العقل، بعد انسداد سبيل العلم والقطع ببقاء التكليف، دون ما يحصل معه الظن بأداء الواقع، كما يدعيه القائل بأصالة حجية الظن.»[1]
هذا ما نقله صاحب الكفاية عن بعض المحققين ومراده صاحب الهداية( قدس سره).
وأضاف الشيخ (قدس سره) في نقله عنه:
« وبينهما بون بعيد.
إذ المعتبر في الوجه الأول هو الأخذ بما يظن كونه حجة، لقيام دليل ظني على حجيته سواء حصل منه الظن بالواقع أو لا، وفي الوجه الثاني لا يلزم حصول الظن بالبراءة في حكم الشارع، إذ لا يستلزم مجرد الظن بالواقع الظن باكتفاء المكلف بذلك الظن في العمل، سيما بعد النهي عن اتباع الظن، فإذا تعين تحصيل ذلك بمقتضى العقل يلزم اعتبار أمر آخر يظن معه رضى المكلف بالعمل به، وليس ذلك إلا الدليل الظني الدال على حجيته، فكل طريق قام ظن على حجيته عند الشارع يكون حجة، دون ما لم يقم عليه ذلك»انتهى بالفاظه [2]
وافاد الشيخ (قدس سره) بعد نقله:
« وأشار بقوله: " حسب ما مر تفصيل القول فيه " إلى ما ذكره سابقا في مقدمات هذا المطلب، حيث قال في المقدمة الرابعة من تلك المقدمات:»وما نقله الشيخ هنا عن صاحب الحاشية بالفاظه:
«إن المناط في وجوب الأخذ بالعلم وتحصيل اليقين من الدليل... .»[3]
للمكلف اليقين بفراغ ذمته، مع انه يحصل هذا اليقين في اتباع الطرق المنصوبة.
هذا حاصل ما افاده صاحب الحاشية (قدس سره) في المقام.
واورد عليه صاحب الكفاية (قدس سره) بوجوه ثلاثة:
الاوّل:
ان العقل يستقل بلزوم تفريغ الذمة عند اشتغالها بتكليف من المولى، وليس للشرع حكم مولوي في هذا المقام، بل لو كان له حكم فيه لكان ارشاداً الى حكم العقل.
والعقل في مقام تفريغ الذمة يستقل بان الاتيان بالمكلف به الواقعي يوجب تفريغها كما انه يحكم بان الاتيان بالمكلف به الظاهري الذي هو مؤدى الطرق المنصوبة والمقررة مفرغ للذمة، وعليه فلا فرق عند العقل في تفريغ الذمة بين الاتيان بالمكلف به الواقعي بما هو، والمكلف به الظاهري حسب ما قرره الشرع.
هذا مضافاً:
الى انه لو تم حصول العلم بفراغ الذمة عند الاتيان بالمكلف به الظاهري الجعلي، لكان حصوله باتيان المكلف به الواقعي بالاولوية.
لان كفاية الاتيان بالمكلف به الظاهري انما هو لتنزيل الشارع المكلف به الظاهري منزلة المكلف به الواقعي.
[1]. كفاية الاصول، ص319- 320.
[2]. فرائد الاصول، ج1، ص454ـ 455.
[3]. فرائد الاصول، ج1، ص 455.