بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشتاد و چهار
ثم اورد صاحب الكفاية (قدس سره) اشكالاً بقوله:
لا يقال:
« إنما لا يكون أقرب من الظن بالواقع، إذا لم يصرف التكليف الفعلي عنه إلى مؤديات الطرق ولو بنحو التقييد.»[1]
وهذا الاشكال اشارة الى بيان صدر من صاحب الحاشية وصاحب الفصول في ذيل كلامهما.
« ومرجع هذين القطعين عند التحقيق إلى أمر واحد وهو القطع بأنا مكلفون تكليفا فعليا بالعمل بمؤدى طرق مخصوصة»[2]
وصاحب الكفاية اسقط الجملة المذكورة بخلاف الشيخ (قدس سره) وما افاده في لا يقال في متن الكتاب راجع اليها.
ومحصله:
ان نصب الطرق من ناحية الشارع عند انسداد باب العلم والعلمي يوجب صرف التكاليف المتوجهة الى العباد عن التكاليف الواقعية الى مؤديات الطرق.
ونتيجته حصر التكاليف الفعلية بها، واهمال ما ليس مؤدى هذه الطرق منها. ففي الحقيقة ان نصب هذه الطرق يوجب تقييد الاحكام والتكاليف واشتراطها بكونها مؤدى الطرق بعد ما كانت مطلقة عند تمكن المكلف من العلم او العلمي. والواقع الذي لم تؤده الطرق المذكوره ليس بفعلي، بل كان باقياً في مرتبة الانشاء.
هذا واجاب عنه صاحب الكفاية(قدس سره):
« فإن الالتزام به بعيد، إذ الصرف لو لم يكن تصويبا محالا، فلا أقل من كونه مجمعا على بطلانه، ضرورة أن القطع بالواقع يجدي في الاجزاء بما هو واقع، لا بما هو مؤدى طريق القطع، كما عرفت. ومن هنا انقدح أن التقييد أيضا غير سديد، مع أن الالتزام بذلك غير مفيد. ومن هنا انقدح أن التقييد أيضا غير سديد، مع أن الالتزام بذلك غير مفيد، فإن الظن بالواقع فيما ابتلي به من التكاليف لا يكاد ينفك عن الظن بأنه مؤدى طريق معتبر، والظن بالطريق ما لم يظن بإصابته الواقع غير مجد بناء على التقييد، لعدم استلزامه الظن بالواقع المقيد به بدونه. »[3]
وحاصل ما افاده (قدس سره):
ان الالتزام بصرف التكاليف عن التكاليف الواقعية الى مؤديات الطرق، لو لم يستلزم التصويب، فلا اقل من انه باطل اجمعت الاصحاب على بطلانه.
توضيح ذلك:
انه لو كان المراد من الانصراف المذكور بمقتضى القطع بنصب الطرق، ان نصب الطرق اذا كان موجباً لانصراف الاحكام الفعلية المتوجهة الى المكلف الى مؤديات الطرق بحيث لا يبقى في البين واقع مشترك بين الكل، والحكم المتوجه الى كل من كان ادى الطريق الحكم بالنسبة اليه، ويثبت الحكم له، ومن لا يؤدي الطريق الحكم بالنسبة اليه بل اخطأ الطريق بالنسبة اليه. فهذا تصويب، لانه ليس هنا واقع ثابت سواء اداه الطريق او لم يؤده، بل ان هنا ما اداه الطريق فقط.
ولا شبهة في بطلان التصويب.
وان كان المراد ان نصب الطرق من ناحية الشارع يوجب انصراف الاحكام الى الاحكام الواقعية التي ادتها الطرق، وحصرها بها، واهمال الاحكام التي لم تؤدها الطرق، بمعنى ان نصب الشارع يوجب فعلية الاحكام التي هي مؤديات الطرق وعدم فعلية غيرها، فانه وان لم يكن تصويباً الا انه باطل ايضاً مجمع على بطلانه وذلك: لان المكلف اذا اتى بالواقع بما هو عند العلم به يكون مجزياً قطعاً وان لم يكن الواقع المذكور مؤدى الطريق. وان العقل قد استقل بان الاتيان بالمكلف به الحقيقي بما هو هو لا بما هو مؤدى الطريق مبرء للذمة بلا شبة ومع تنزيل الظن منزلة العلم في مقام الكاشفية عن الواقع عند فقدان العلم ان الاتيان بالواقع المظنون مبرء للذمة بما انه اقرب الطرق الى الواقع في مقام الكاشفية عنه، وانه ليس للمكلف طريق اقرب من الظن اليه.
وان كان المراد، ان نصب الطرق من ناحية الشارع انما يوجب تقييد الاحكام الواقعية بان تكون مؤديات الطرق واشتراطها بها وان الواقع الذي لا يكون مؤدى الطريق لا يكون تكليفاً فعلياً على المكلف وان كان ثابتاً في واقعه باقياً في مرتبة الانشاء، وليس ذلك الا لكونه فاقداً للشرط ومنفصلاً عن القيد الذي اوجبه نصب الطرق. وهو كونه مؤدى الطريق. وهذا ايضاً باطل لعين ما مر في الوجه الثاني من الصرف.
واورد عليه ايضاً. بان على القول بالتقييد فانه لا يفيد مجرد حصول الظن بالطريق ما لم يحصل الظن باصابته للواقع والتكليف حينئذ هو الواقع الذي اداه الطريق لا نفس مؤدى الطريق بما هو.
وهذا الاشكال انما يرد على التقييد دون الصرف. لان بناءً عليه لكان التكليف نفس المودى بما هو.
ثم انه اورد (قدس سره) على الالتزام بالصرف والتقييد معاً:
ان الشارع انما نصب هذه الطرق لانها غالبة المطابقة مع الواقع فالمعيار له في نصبه كاشفيتها عن الواقع في غالب الموارد، وعليه فاذا دار الامر بين اعمال الظن في تعيين الطريق او في تعيين الواقع لا يتم الالتزام لاعماله في تعيين الطريق.
هذا مع انه لو كان المقصود من نصب هذا الطريق ليس مجرد الكاشفية ومطابقتها للواقع غالباً، بل المقصود تدارك مصلحة الواقع بها عند عدم مطابقتها فانه ليس معناه تقييد الواقع بها واعتبار تدارك مصلحة الواقع قيداً في ارادة الواقع. بل المقصود نصبها وجعلها بها هو الواقع ولو تعبداً، وهذا غير التقييد. فمؤدى الطرق واقع جعلي اعتباري ولا وجه لترجيح الظن بما جعله الشارع واقعاً تعبداً على الظن بالواقع في مقام دوران الامر بينهما كما هو الحال عند انفتاح باب العلم.
وبالجملة انه ليس مراد الشارع من نصب الطرق عدم ارادة الواقع الا ما اداه الطريق لتنحصر التكاليف الفعلية في مؤديات الطرق. واما الواقع الذي لم يؤده الطريق وان حصل الظن به يجوز الاهمال فيها لعدم فعليتها.
.[1] كفاية الاصول، ص 318.
.[2] الشيخ محمد حسين الحائري، الفصول الغروية في الأصول الفقهية، ص277.