درس خارج فقه السابع: ما يفضل عن مؤنة سنته ومؤنة عياله جلسه هشتاد و سه
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشتاد و سه
ولذلك يمكن الاشكال على السيد الخوئي (قدس سره) بانه وان اصطلح التعبير عن مصارف الحج بمؤونته الا يخرج عن المؤونة بمفهومها العرفي، وهو الصرف فيما يحتاج اليه الظاهر في كون ذلك باختياره، ولا اختيار له في المقام لتعلق الوجوب به، فانه يلزمه صرفها وبذلها، ولو لم يصرف عصى. وعليه فربما لم يتوجه الاشكال على صاحب العروة. بان المؤونة لا تصدق عرفاً الا لدى الصرف الخارجي، وذلك لما مر من خروج البذل الواجب والصرف الملزم به عن عنوان المؤونة، فلا يعتبر فيه ما يعتبر في المؤونة، وهذا المعنى جار وسار في المسألة الآتية ايضاً.
وصاحب العروة (قدس سره) حيث لا يتم له هذا الوجه عنده بتمامه والا لأفتى بعدم وجوب الخمس دون الاحتياط في ادائه، الا ان تردده بينه وبين ما افاده السيد الخوئي (قدس سره) من اعتبار الصرف الخارجي في المؤونة، الذي التزم به صاحب العروة جزماً في غير هذه الموارد يوجب اختياره الاحتياط.
ويمكن ان يقال: ان تعلق الوجوب بالصرف في مورد كمصارف الحج واداء الدين وامثاله لا يوجب خروج ذلك عن عنوان المؤونة، فان صرف المال بعنوان نفقة العيال واجب شرعاً وتصدق عليه المؤونة، وكذا بالنسبة الى كل واجب النفقة له والميزان في المؤونة بمفهومها العرفي ما صرفه مما ينبغى منه صرفه، بلا فرق بين الواجب وغيره، فان الضرائب المالية واجب عرفي يلزم دفعه وقدمر احتسابه من المؤونة عند العرف ويؤيده احتسابه منها في بعض الروايات، فمصارف الحج في المقام من قبيل سائر المؤونات وما حققه السيد الخوئي (قدس سره) من اعتبار الصرف والبذل في مفهومها تام وعليه لكان القول بوجوب الخمس اقوى.
ثم ان المصرح به في بعض الكلمات، من وجوب الخمس في المقدار المتمم لمصارف حجه اذا عصى ولم يسر في عامه. مما يشكل الالتزام به وذلك لانه وان عصى في عدم الاتيان بالحج في عامه مع تمكنه منه الا انه بقي وجوبه في ذمته، فاذا اراد تفريغها في السنوات المتأخرة فما الوجه لخروج ما يصرفه لمصارفه عن عنوان المؤونة في سنة الاتية، فان كان الوجه عصيانه في اتيان الواجب بمجرد حصول الاستطاعة فهو لا يستحق فيه اكثر من العقوبة في تأخيره.
وان كان الوجه تمكنه في عام الاستطاعة بان ياتي بمصارفه من ارباحه، فان عدم صرفه فيه ليس له اثر اكثر من عدم خروجه بعنوان المؤنة عن الارباح، فلا يدخل في الاستثناء.
هذا مع ان من يتأخر في اداء دينه الى انقضاء السنة، فانه يستحق العقوبة للتأخير، ولكنه هل يلتزمون هولاء الاعاظم بان ادائه من ارباح السنة اللاحقة لا يدخل في مؤنته وانه يتعلق به الخمس.
الرابعة: اذا حصلت الاستطاعة من ارباح سنين متعددة، وجب الخمس فيما سبق على عام الاستطاعة. واما المقدار المتمم لها في تلك السنة، فلا يجب خمسه اذا تمكن من المسير، واذا لم يتمكن فكما سبق يجب اخراج خمسه.
قال السيد الخوئي (قدس سره): «وأما لو حصلت [الاستطاعة] من أرباح سنين عديدة فلا ينبغي التأمل في وجوب الخمس فيما سبق على عام الاستطاعة لعدم المقتضي للاستثناء ، وأما المقدار المتمم لها الحاصل في السنة الأخيرة فحكمه حكم الاستطاعة بتمامها في عام الربح فتجري فيها الوجوه الثلاثة المتقدمة من التمكن من المسير وعدمه والعصيان فلاحظ»[1] .
ونظر بعض الاعلام كالمحقق العراقي والسيد الحكيم وغيرهما الى قول صاحب العروة (قدس سره): واما المقدار المتمم لها في تلك السنة، فلا يجب خمسه اذا تمكن من المسير بزيادة: وسافر ايضاً ليصرفه يحتسب من مؤونته وهو في محله.
والمسألة خالية عن الاشكال.
[1] السيدالخوئي، كتاب الخمس، ص263.