بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشتاد و سه
وأفاد المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) بعد بيان الايراد الاول على صاحب الحاشية وذيل
قوله: « ان قضية ذلك هو الاحتياط في اطراف هذه الطرق المعلومة بالاجمال لا تعيينها بالظن:
«لا يقال: الفرض هو عدم وجوب الاحتياط ، بل عدم جوازه ، لان الفرض إنما هو عدم وجوب الاحتياط التام في أطراف الاحكام ، مما يوجب العسر المخل بالنظام ، لا الاحتياط في خصوص ما بأيدينا من الطرق .»
واجاب عنه تفصيلاً:
« فإن قضية هذا الاحتياط هو جواز رفع اليد عنه في غير مواردها ، والرجوع إلى الأصل فيها ولو كان نافيا للتكليف ، وكذا فيما إذا نهض الكل على نفيه ، وكذا فيما إذا تعارض فردان من بعض الأطراف فيه نفيا وإثباتا مع ثبوت المرجح للنافي ، بل مع عدم رجحان المثبت في خصوص الخبر منها ، ومطلقا في غيره بناء على عدم ثبوت الترجيح على تقدير الاعتبار في غير الاخبار ، وكذا لو تعارض اثنان منها في الوجوب والتحريم ، فإن المرجع في جميع ما ذكر من موارد التعارض هو الأصل الجاري فيها ولو كان نافيا ، لعدم نهوض طريق معتبر ولا ما هو من أطراف العلم به على خلافه ، فافهم . وكذا كل مورد لم يجر فيه الأصل المثبت ، للعمل بانتقاض الحالة السابقة فيه إجمالا بسبب العلم به ، أو بقيام أمارة معتبرة عليه في بعض أطرافه ، بناء على عدم جريانه بذلك .»[1]
وحاصل ما افاده في مقام الجواب عن الاشكال المذكور:
انه يمكن الالتزام بالاحتياط في الطرق الا ان الاحتياط فيه يقتضي رفع اليد عنه في اطراف العلم الاجمالي بها في موارد:
منها: موارد عدم قيام الطريق للتكليف فيرجع فيها الى الاصل العملي ولو كان نافياً للتكليف.
ومنها: موارد قيام كل الطرق على نفي التكليف، فيرفع اليد عن الاحتياط.
ومنها: موارد تعارض الفردان من طريق واحد، احدهما مثبت للحكم والآخر ناف له، كتعارض الخبرين او اجماعين، فإنه يرفع اليد عن الاحتياط بمجرد التعارض.
نعم في خصوص الخبر اذا كان الرجحان للدليل المثبت للحكم يؤخذ به، وأما من ترجيح النافي بل ومع التساوي يرفع اليد عن الاحتياط، وأما في غير الخبر فيبتنى ذلك على ثبوت الترجيح في غير الاخبار من الطرق.
ومنها: موارد تعارض طريقين من اطراف العلم الاجمالي بثبوت طرق الى الاحكام، وكان التعارض على نحو يقتضي احدهما الوجوب والاخر التحريم. فيرفع اليد عن الاحتياط.
ومنها: موارد عدم جريان الاصول المثبتة للحكم كالاستصحاب مع العلم الأجمالي بنقض الحالة السابقة في احدهما.
وقد تعرض الشيخ للاشكال المذكور وفيه بأنه يمكن الالتزام بالاحتياط في غير الموارد التي يكون في الالتزام به محذور، وتعرض لبعض الوجوه التي ذكرها صاحب الكفاية (قدس سره)، وقد مر نقل كلامه (قدس سره).
وحاصل الكلامين: ان مع فرض ثبوت الطرق بمقتضى العلم الأجمالي به، فإنه لا تصل النوبة لاعتبار الظن، بعد امكان الاحتياط فيها في اكثر الموارد.
وأجاب صاحب الكفاية عن صاحب الحاشية (قدس سره) ثانياً بقوله:
«... لو سلم أن قضيته لزوم التنزل إلى الظن ، فتوهم أن الوظيفة حينئذ هو خصوص الظن بالطريق فاسد قطعا ، وذلك لعدم كونه أقرب إلى العلم وإصابة الواقع من الظن ، بكونه مؤدى طريق معتبر من دون الظن بحجية طريق أصلا ، ومن الظن بالواقع ، كما لا يخفى .»[2]
[1]كفاية الأصول، ص317- 318.