بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هفتاد و چهار
وأما ما افاده العلامة و الشهيدان و المحقق الثاني و صاحب المناهل من الاحتساب فوجهه:
حسب ما افاده الشيخ (قدس سره): ان المؤونة فيما ورد من «الخمس بعد المؤونة» هي المؤونة المتعارفة فكل مكلف ذا رخصة في استثناء ما ينبغي له صرفه في معاشه عن ارباح سنته بحسب المتعارف فظاهر الاستثناء عدم تعلق الخمس به فاذا اقتر على نفسه وصرف في مؤونة اقل من ذلك، فانه لا يوجب تعلق الخمس بما زاد بعد خروجه عن موضوع تعلق الخمس.
وبعبارة اخرى:
ان اطلاق قوله (عليه السلام): «الخمس بعد المؤونة» جواز استثناء المؤونة المتعارفة من الارباح المتعلقة للخمس فهو مرخص في هذا الاستثناء سواء صرفها بتمامها في مؤونته، او لم يصرفها زاد عليها او نقص عنها فكما انه لو زاد عنها بلغت حد الاسرف لا تحسب من الاستثناء فكذلك اذا نقص عنها.
هذا غاية ما يمكن ان يقال في توجيه القول: ويظهر من تعبير الشيخ (قدس سره) «بل صرح في كشف الغطاء باختيار العدم وهو الاقوى»[1] ان فيه قوة، وادعاء نفي الخلاف من كاشف الغطاء بقوله: «لا اعرف فيه خلافاً» معارض بادعاء صاحب المناهل نفي الخلاف في القول المذكور مع ان التزام مثل العلامة والشهيدين والمحقق الثاني وصاحب المناهل به يوجب الترديد في نفي الخلاف عن القول الاخر.
وعمدة الاشكال فيه في الكلمات: ان المراد في الاخبار الواردة في مقام الاستثناء المؤونة المتعارفة غير البالغة حد الاسراف، ولكن المصروفة دون غيرها فان مقتضى ادلة استثناء مؤونته المتعارفة المراد منها عدم البالغ منها فليس فيها اطلاق يقتضي استثناء المتعارف منها سواء صرفها اولم يصرفها، كما ليس المراد منها مقدار المؤونة في مقام الاحتساب بلا تقييد بالصرف فكان معناه ان المستثنى المقدار الذي صرفه لا المقدار المتعارف ولو لم يصرف بعضه فالخارج عنه ما صرف دون المقدار الذي يجوز له صرفه او ينبغي صرفه من مثله.
و زاد الشيخ (قدس سره) في مقام الجواب انه كما نقص ما صرفه عن مقدار المتعارف باي جهة كتبرع متبرع او دفعة في الصرف لا يحسب له التفاوت الحاصل بين ما صرف وبين المؤنة المتعارفة التي يجوز له صرفها لو لا هذه الجهات فكذا في المقام الذي عرض النقص بها للتقتير والاقوى ما اختاره صاحب العروة (قدس سره) تبعاً لصاحب الجواهر والشيخ (قدس سرهما) لما مر ولان المؤونة المستثناة هي المؤونة الفعلية وهي لا تتحقق الا بالصرف فعلاً، واما التقديرية والمشروطة بانه لو صرفها تماماً تبلغ هذا المقدار غير مراد منها كما مر تفصليه في المباحث السابقة.
قال صاحب العروة: ( مسألة 66 ): إذا استقرض من ابتداء سنته لمؤنته أو صرف بعض رأس المال فيها قبل حصول الربح يجوز له وضع مقداره من الربح.[2]
محل البحث في هذه المسألة الدين الذي يتبلى به لتأمين مؤونته في سنته المالية قبل حصول الربح فافتى صاحب العروة (قدس سره) بجواز احتسابه من الربح، واما البحث في الديون السابقة عن عامه مما لم يتمكن من ادائه سابقاً قبل انقضاء عامه فسيأتي البحث عنه في مسالة 71.
واما في المقام فان الالتزام بجواز الاحتساب من الربح مبني على ان يكون مبدأ السنة التي يكون الخمس بعد خروج مؤونتها حال الشروع في الاكتساب وقد مر البحث فيه في مسالة 60.
وعليه فاذا استقرض في ابتداء السنة لتامين مؤونته، ولايحصل له الربح الا بعده فانه يجوز له احتساب مقداره من الربح المتاخر وهو مطابق للقاعدة لان مقتضى الادلة استثناء ما صرفه في مؤونة سنته من ارباحها فلا مانع عن احتسابه منه.
واما قولنا بان مبدأ السنة زمان حصول الربح – كما التزم به الشهيد الثاني في المسالك والروضة وصاحب المدارك وتبعهما السيد الخوئي (قدس سره) فربما يقال بعدم جواز احتسابه.
قال السيد الخوئي في تقريراته:
«هذا- ما أفتي به صاحب العروة من جواز الاحتساب - وجيه بناء على ما اختاره من أن مبدأ السنة من حين الشروع في الاكتساب فتستثني المؤنة حينئذ من الربح المتأخر، ولكن عرفت عدم الدليل عليه، بل ظاهر الأدلة أن مبدأها ظهور الربح مطلقا فيجوز صرفه في المؤونة. وأما إخراج مقدار المؤونة المصروفة سابقا ووضعه من الربح المتأخر فلا دليل عليه بوجه. نعم قد يتحمل في بعض الموارد مصارف في سبيل تحصيل الربح كالسفر إلى بلاد بعيدة كما لو اشترى بضاعة من بغداد بمائة دينار مثلا وذهب إلى لندن فباعها بخمسمائة فإن ذلك يتكلف بطبيعة الحال مصارف مأكله ومسكنه وأجور الطائرة ونحو ذلك. فإن هذا كله يخرج عن الربح المتأخر قطعا، بل لا ربح حقيقة إلا فيما عداه. ولكن هذا خارج عن محل الكلام كما مر، فإن الكلام في مؤونة الشخص وعائلته لا في مؤونة الربح والتجارة، فإنه لا كلام في استثنائها، بل لا يصدق الربح إلا بعد إخراجها كما عرفت.»[3]
ويمكن ان يقال: ان لازم ما قرره في المقام ان ما استقرضه لتامين مؤونة نفسه او عائلته قبل حصول الربح يعد من مؤونة السنة السابقة وحينئذ فمن المشكل جداً التفريق بين ما صرفه من المؤونة في سبيل تحصيل الربح الشامل لمؤنة نفسه نظير مصارف مأكله ومسكنه حسب ما افاده (قدس سره) حيث يجوز اخراجها عنده من الربح المتاخر المستلزم لكونه من مؤونة السنة اللاحقة
وبين ما صرفه منها في معاش عائلته الذي يعد من مؤونة السنة السابقة
مه ان المؤونة في ما ورد في استثنائها من الارباح المتعلقة للخمس بمعنى واحد هي ما يصرفه في سبيل تحصيل الربح او في معاشه فاذا قلنا بجواز اخراج الاول من الربح لزم القول بجوازه في الثاني، وان لم نتلزم بجواز اخراج الثاني لزمه عدم الالتزام به في الاول. هذا. مع انه سيأتي في مسالة 71 انه لو استقرض لتامين مؤونته في السنة السابقة ولم يتمكن من ادائه في نفس سنته يجوز اخراجه من الربح الحاصل في السنة اللاحقة وبالجملة المسألة خالية عن الاشكال ولا تفاوت في الاساس بين المبنيين في نتيجة المسألة.
[1]. الشيخ الانصاري، كتاب، ص 208.
[2]. العروة الوثقى(المحشي)، ج4، ص288.
[3]. السيد الخوئي، كتاب الخمس، ص256ـ 257.