درس خارج اصول مبحث الحجيت خبر الواحد جلسه شصت و هشت
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه شصت و هشت
كما يلزم الدقة في ان اساس دليل الانسداد حسب ما عرفت العلم الاجمالي بثبوت الاحكام في الشريعة، ومع الالتزام بعدم تنجيز العلم المذكور ليس لنا دافع لجريان الاصول المرخصة في الاطراف المحتملة للحكم، وقد عرفت عدم تمامية الوجوه التي اقامها الشيخ على اثبات عدم جواز الاهمال لما مر من انه لولا العلم المنجر فلا تكليف حتى يلتزم من جريان البرائة في موارد احتمالها اهمال فضلاً عن الخروج عن الدين ضرورة ان الثابت بالبرائة او الاستصحاب حكم شرعي ظاهري فعلي لا سبيل معه للحكم الواقعي الغير الفعلي كما في سائر موارده، او صرف كثرة موارده لا توجب محذوراً، وليس الاهمال في عدم امتثالها الا اهمالا للأحكام الغير الفعلية ولا محذور فيه. كما مر من ان الخروج عن الدين لا يلزم ترك مجموع الأحكام عمداً، لأن التدين بالدين عند الجميع الالتزام بالاصول الاعتقادية دون الامتثال في احكام الشريعة.
وعليه فإن مع عدم تنجز العلم الاجمالي بالالتزام بمسلك الاقتضاء حسب ما قرره صاحب الكفاية المستلزم لامكان جريان الاصول المرخصة في اطراف العلم الاجمالي ينهدم اساس دليل الانسداد.
وصاحب الكفاية وإن كان متردداً بين المبنى المذكور ومسلك العلية التامة في الفصول المختلفة في الكفاية وسائر كتبه، الا ان بيانه في المقام يستوجب التوقف في البحث وصرف العنان الى حد تأثير العلم الاجمالي.
فنقول: ان حجية العلم حجية ذاتية ليست بجعل جاعل، ومعنى الحجية الكاشفية الذاتية و هذا الكاشف الذاتي علة تامة لانكشاف معلومه، ويتبعه التنجيز وهو جعل مسئولية المعلوم على عنق العالم به، فلا شبهة في تقبيح العقل المخالفة له بأي وجه، وهذا مما لا شبهة فيه.
انما الكلام في ان العلم الاجمالي كيف يمكن خروجه عن هذه الكاشفية والتنجيز؟
ربما يقال: ان العلم الاجمال لا ينكشف به المعلوم تمام الانكشاف، ووجهه انه اذا تردد المعلوم بين الامرين فلا محالة يحتمل في كل طرف بخصوصه عدم وجود المعلوم، وإن شئت قلت: جهل بوجه بالنسبة الى المعلوم، ولذا ربما يقال في تعريفه انه علم مشوب بالجهل، ولذا يقال ان رتبة الحكم الظاهري محفوظ في اطراف العلم الاجمالي، لأن موضوع الحكم الظاهري الجهل بالواقع والشك فيه، وحيث ان في كل طرف من اطراف العلم الاجمالي بخصوصه لا يرتفع الجهل والشك بالواقع، فلذا يقال ان موضوع الحكم الظاهري متحقق فيه.
ولكن المشكل هنا ان هذا المعنى انما تحقق في كل طرف من اطراف العلم بخصوصه مع قطع النظر عن الطرف الاخر، واما بالنظر اليه فإنه ليس الواقع مجهولاً ولا الحكم الواقعي مشكوكاً، لأن المعلوم المنكشف في البين لا شبهة في كونه منكشفاً بالعلم الكاشف الذاتي التي يتبعه التنجيز وتقبيح العقل المخالفة له بأي وجه.
ولذلك ان المهم في المقام هو ان الشك والجهل المتحقق في كل طرف من اطراف العلم بخصوصه هل يمكن موضوعيته للحكم الظاهري ام لا؟
فيمكن ان يقال: انه اذا امكن قطع النظر عن الطرف الآخر، وحصر النظر على الطرف بخصوصه فإنه لا مانع من تحقق الموضوع للحكم الظاهري، وأما مع النظر الى الطرف الاخر فهل يتحقق الموضوع المذكور، وهنا يمكن قطع النظر عن الطرف الاخر وحصره في خصوص الطرف الخاص، ومعنى امكان قطع النظر المنع عن الكاشفية الذاتية، وعليه الكاشف لانكشاف معلولها وتبعية التنجيز وتقبيح العقل المخالفة له بأي وجه.
نعم ربما يتفق ذلك بانعدام الطرف الاخر، او خروجه عن تعلق التنجيز، بحيث لا يبقى في الطرف الموجود الا الاحتمال والشك المحض، بلا اقتران بالعلم الكاشف.