بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه شصت و شش
خصوص الروايات الواردة المشتملة على اضافة عنوان المؤونة بوجه الى اشخاص خاصة من ارباب المشاغل والمحن كالتجارة و الصناعة والزراعة مثل:
قوله (عليه السلام): «في امتعتهم وضياعهم (صنائعهم)، قلت: والتاجر عليه والصانع بيده، فقال: اذا امكنهم بعد مؤونتهم.» في صحيحة علي بن مهزيار.
ومثل قوله حاكياً عن الاختلاف بين الاصحاب، فقالوا: «يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة مؤونة الضيعة و خراجها، لا مؤونة الرجل وعياله، فكتب: الخمس بعد مؤونته ومؤونة عياله و بعد خراج السلطان» في رواية ابراهيم بن محمد الهمداني.
وكان الروايات المشتملة على بيان المورد – اي مورد حصول الربح – مثل:
قوله: «اخبرني عن الخمس اعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير ومن جميع الضروب وعلى الصناع وكيف ذلك؟ فكتب (عليه السلام) بخطه الخمس بعد المؤونة». في رواية محمد بن الحسن الاشعري
وقوله: «رجل اصاب من ضيعته من الحنطة مائةكر... فوقع الخمس مما يفضل من مؤونته» في رواية علي بن محمد بن شجاع.
بتقريب: ان المشتملة على اضافة المؤنة الى ارباب الحرف او المشتملة على بيان مورد حصول الربح ظاهرة في كونه موضوع المؤونة فيها التاجر والصانع والزارع وامثاله، وحيث ان مؤونة هذه الحرف والمهن انما تحاسب بحسب السنة عرفاً فلذا يمكن الاستظهار منها، ان مبدأ السنة فيها، بعد تمامية استظهار ان المراد من مؤونتهم مؤونة سنتهم بحسب ما هو المتعارف بين الناس.
فاساس نظره (قدس سره) استظهار هذا التعارف من اضافة المؤونة الى ارباب الحرف.
واما الروايات الغير المشتملة على هذه الاضافة، او ذكر المورد كالروايات المطلقة.
مثل قوله: «الخمس أخرجُه قبل المؤونة او بعد المؤونة؟ فكتب بعد المؤونة» في صحيحه البزنطي عن ابي جعفر (عليه السلام)
او قوله: «ان الخمس بعد المؤونة» في مرسلة الصدوق (قدس سره)
فالتزم السيد الحكيم (قدس سره) بانها اما مهملة مجملة، او مطلقة تقيد بما ذكر فلا تتكفل للمعارضة مع المشتملة على الاضافة او بيان المورد.
ويمكن ان يقال:
ان المؤونة المذكورة في الاخبار بعنوان الموضوع للاستثناء عن عمومات وجوب الخمس بعد تسلّم عدم كونها من المخترعات الشرعية ولا الموضوعات المستنبطة، فلا محالة ليس لنا فيها حقيقة شرعية – حسب ما مر توضيحه – فيلزم رجوع المكلف الى العرف في فهم المراد منه فهي موضوع عرفي، ولا تصرف ولا تحديد للشرع في مفهومها والمراد منها، و عليه فلا تفاوت بين الروايات المطلقة وبين الروايات المشتملة على بيان المورد او الاضافة في الدلالة على استثنائها بمفهومها العرفي عن عمومات وجوب الخمس.
ولا وجه لتصوير المعارضة بينهما، لان بيان الموارد من التجارة والمصناعة والزراعة وامثالها سواء كان في كلام الراوي او كلام الامام (عليه السلام) ليس الا من جهة انطباق العنوان بمفهومه العرفي على موارده بحسب ابتلاء السائل او السؤال عن خصوص مورده، وكذا الكلام في المشتملة على اضافة العنوان على موارده.
وبالجملة فلا وجه لتصوير المعارضة فضلاً عن توهم الاهمال او الاجمال في الاخبار المطلقة. واستظهار كون مبدء السنة، الشروع في التجارة او الزارعة او الصناعة ليس بمقتضى ذكر المورد ولا بيان العنوان مع الاضافة الى المورد، بل ليس الاستظهار المذكور بمقتضى هذه الاخبار، فان الظاهر منها بل الصريح فيها استثناء عنوان المؤونة من عمومات وجوب الخمس، ولا يستفاد من هذه الاخبار اكثر من ذلك، واما استظهار كون مبدأ السنة الشروع في الاكتساب دون زمان حصول الربح فانه ليس استظهاراً من الاخبار، بل هو استظهار من فهم ما هو المتعارف بين الناس بما هم اهل العرف العام، فانهم بالنسبة الى كل شغل ومهنة لا يحاسبون كل ربح مما يربحه الرجل مستقلاً كما لا يحاسبون كل مؤنة كذلك، بل الربح والفائدة في متعارفهم انما يحاسب بعد الكسر والانكسار بين الارباح الحاصلة والمصارف الخارجة ولكن لا بحسب الاسبوع او الشهر، بل بحسب السنة، فلو بقي في يده الفاضل من مؤونته يقولون انه ربح، والا انه خسر. كما ان العرف هو المعيار في تشخيص مصرف الزكاة حيث ان الفقيه من لا تتكفل ما يربحه لمؤونته بحسب السنة.
نعم، ربما يشكل كون مبداً السنة الشروع في التكسب بانحاله في غير اهل المهنة والعمل الذين ليس لهم شغل معين ولا يحصل لهم الربح الا نادراً. فالتزم السيد الحكيم (قدس سره) بانه يكفي في دعوى كون مبدأً السنة حصول الفائدة – مما لم يكن معها عمل – الاجماع.
وهذه الدعوى، مع كون الموضوع عرفياً لا يبعد استناده الى ان العرف لا نظر له بالنسبة الى خصوص المورد بخلاف مورد ارباب المهن والحرف، وعليه فبما انه ليس عنده معيار خاص لمبدأ السنة، فان حصول الربح وجه للمحاسبة عندهم. ومعه يشكل اعتبار الاجماع بما انه اجماع تعبدي غير مستند الى المدرك.
هذا مع انه لا يبعد ايضاً بان العرف يرى لكل احد سواء كان من اهل المهن او غيره سنة مالية يحاسب وضع الشخص بحسبه، ولو لم يكن له فيها الا مورد نادر للربح، وعلى اساس هذه السنة يحاسب مؤونته. وانه هل تكفي لمعاشه فيها او لا تكفي، وان مبدأ السنة في هذه الاشخاص المبدأ لهذه المحاسبة وهو جعلي غالباً حسب حال الاشخاص.
قال الصاحب العروة
(مسألة 62):
في كون رأس المال للتجارة مع الحاجة إليه من المؤنة إشكال فالأحوط كما مر إخراج خمسه أولا.
وكذا في الآلات المحتاج إليها في كسبه مثل آلات النجارة للنجار وآلات النساجة للنساج وآلات الزراعة للزراع وهكذا فالأحوط إخراج خمسها أيضا أولاً
قد مر الكلام فيه تفصيلاً، وقلنا ان الاقوى كونه من المؤنة مع الحاجة اليه وفي المقام يمكن تاييده بما افاده المحقق النائيني (قدس سره) في حاشيته على ما افاده المصنف:
«والاقوى عدم الوجوب في جميع ما يحتاج اليه في مؤونته كما تقدم»
وقد مر تفصيل ما افاده المحقق النائيني وغيره من ارباب النظر فيه.
قال صاحب العروة
( مسألة 63 ): لا فرق في المؤنة بين ما يصرف عينه فتتلف مثل المأكول والمشروب ونحوهما وبين ما ينتفع به مع بقاء عينه مثل الظروف والفروش ونحوها.
«فإذا احتاج إليها في سنة الربح يجوز شراؤها من ربحها وإن بقيت للسنين الآتية أيضا.»
وهو تام مر الكلام فيه تفصيلاً
وراد السيد الحكيم في المقام في حاشيته:
«أو في غيرها إذا كان من شأنه ادخارها لوقت الحاجة كالفراش الذي يحتاج إليه لضيوفه ونحوه من أواني ومعدات أخرى »
. العروة الوثقى، ج4، ص287.