درس خارج اصول مبحث الحجيت خبر الواحد جلسه پنجاه
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه پنجاه
الثالث: أنه لو سلمنا أن الرجوع إلى البراءة لا يوجب شيئا مما ذكر من المحذور البديهي، وهو الخروج عن الدين، فنقول: إنه لا دليل على الرجوع إلى البراءة من جهة العلم الإجمالي بوجود الواجبات والمحرمات، فإن أدلتها مختصة بغير هذه الصورة، ونحن نعلم إجمالا أن في المظنونات واجبات كثيرة ومحرمات كثيرة.
والفرق بين هذا الوجه وسابقه: أن الوجه السابق كان مبنيا على لزوم المخالفة القطعية الكثيرة المعبر عنها بالخروج عن الدين، وهو محذور مستقل وإن قلنا بجواز العمل بالأصل في صورة لزوم مطلق المخالفة القطعية. وهذا الوجه مبني على أن مطلق المخالفة القطعية غير جائز، وأصل البراءة في مقابلها غير جار ما لم يصل المعلوم الإجمالي إلى حد الشبهة الغير المحصورة، وقد ثبت في مسألة البراءة: أن مجراها الشك في أصل التكليف، لا الشك في تعيينه مع القطع بثبوت أصله، كما في ما نحن فيه.
فإن قلت: إذا فرضنا أن ظن المجتهد أدى في جميع الوقائع إلى ما يوافق البراءة، فما تصنع ؟
قلت: أولا: إنه مستحيل، لأن العلم الإجمالي بوجود الواجبات والمحرمات الكثيرة في جملة الوقائع المشتبهة يمنع عن حصول الظن بعدم وجوب شئ من الوقائع المحتملة للوجوب وعدم حرمة شئ من الوقائع المحتملة للتحريم، لأن الظن بالسالبة الكلية يناقض العلم بالموجبة الجزئية، فالظن بأنه " لا شخص من العلماء بفاسق " يناقض العلم إجمالا بأن " بعض العلماء فاسق ".