English | فارسی
شنبه 02 دی 1391
تعداد بازدید: 922
تعداد نظرات: 0

درس خارج اصول مبحث الحجيت خبر الواحد جلسه چهل و نه

بسم الله الرحمن الرحيم

جلسه چهل و نه 

وأما المقدمة الثانية:

وهي عدم جواز إهمال الوقائع المشتبهة على كثرتها، وترك التعرض لامتثالها بنحو من الأنحاء، فيدل عليه وجوه:

الأول: الإجماع القطعي على أن المرجع على تقدير انسداد باب العلم وعدم ثبوت الدليل على حجية أخبار الآحاد بالخصوص، ليس هي البراءة وإجراء أصالة العدم في كل حكم، بل لا بد من التعرض لامتثال الأحكام المجهولة بوجه ما، وهذا الحكم وإن لم يصرح به أحد من قدمائنا بل المتأخرين في هذا المقام، إلا أنه معلوم للمتتبع في طريقة الأصحاب بل علماء الإسلام طرا، فرب مسألة غير معنونة يعلم اتفاقهم فيها من ملاحظة كلماتهم في نظائرها.

أترى: أن علماءنا العاملين بالأخبار التي بأيدينا لو لم يقم عندهم دليل خاص على اعتبارها، كانوا يطرحونها ويستريحون في مواردها إلى أصالة العدم ؟ ! حاشا ثم حاشا.

 مع أنهم كثيرا ما يذكرون أن الظن يقوم مقام العلم في الشرعيات عند تعذر العلم، وقد حكي عن السيد في بعض كلماته: الاعتراف بالعمل بالظن عند تعذر العلم، بل قد ادعى في المختلف في باب قضاء الفوائت الإجماع على ذلك.

الثاني: أن الرجوع في جميع تلك الوقائع إلى نفي الحكم مستلزم للمخالفة القطعية الكثيرة، المعبر عنها في لسان جمع من مشايخنا بالخروج عن الدين، بمعنى أن المقتصر على التدين بالمعلومات التارك للأحكام المجهولة جاعلا لها كالمعدومة، يكاد يعد خارجا عن الدين، لقلة المعلومات التي أخذ بها وكثرة المجهولات التي أعرض عنها، وهذا أمر يقطع ببطلانه كل أحد بعد الالتفات إلى كثرة المجهولات، كما يقطع ببطلان الرجوع إلى نفي الحكم وعدم الالتزام بحكم أصلا لو فرض - والعياذ بالله - انسداد باب العلم والظن الخاص في جميع الأحكام، وانطماس هذا المقدار القليل من الأحكام المعلومة.

 فيكشف بطلان الرجوع إلى البراءة عن وجوب التعرض لامتثال تلك المجهولات ولو على غير وجه العلم والظن الخاص، لا أن يكون تعذر العلم والظن الخاص منشأ للحكم بارتفاع التكليف بالمجهولات، كما توهمه بعض من تصدى للإيراد على كل واحدة واحدة من مقدمات الانسداد.

نعم، هذا إنما يستقيم في حكم واحد أو أحكام قليلة لم يوجد عليه دليل علمي أو ظني معتبر، كما هو دأب المجتهدين بعد تحصيل الأدلة والأمارات في أغلب الأحكام، أما إذا صار معظم الفقه أو كله مجهولا فلا يجوز أن يسلك فيه هذا المنهج.

والحاصل: أن طرح أكثر الأحكام الفرعية بنفسه محذور مفروغ عن بطلانه، كطرح جميع الأحكام لو فرضت مجهولة، وقد وقع ذلك تصريحا أو تلويحا في كلام جماعة من القدماء والمتأخرين:

منهم: الصدوق في الفقيه - في باب الخلل الواقع في الصلاة، في ذيل أخبار سهو النبي - حيث قال ( رحمه الله ): فلو جاز رد هذه الأخبار الواردة في هذا الباب لجاز رد جميع الأخبار، وفيه إبطال للدين والشريعة، انتهى.

 و منهم: السيد ( قدس سره ) حيث أورد على نفسه في المنع عن العمل بخبر الواحد، وقال: فإن قلت: إذا سددتم طريق العمل بأخبار الآحاد، فعلى أي شئ تعولون في الفقه كله ؟ فأجاب بما حاصله: دعوى انفتاح باب العلم في الأحكام.

ولا يخفى: أنه لو جاز طرح الأحكام المجهولة ولم يكن شيئا منكرا لم يكن وجه للايراد المذكور، إذ الفقه حينئذ ليس إلا عبارة عن الأحكام التي قام عليها الدليل والمرجع وكان فيها معول. ولم يكن وقع أيضا للجواب بدعوى الانفتاح الراجعة إلى دعوى عدم الحاجة إلى أخبار الآحاد.

بل المناسب حينئذ الجواب: بأن عدم المعول في أكثر المسائل لا يوجب فتح باب العمل بخبر الواحد.

والحاصل: أن ظاهر السؤال والجواب المذكورين التسالم والتصالح على أنه لو فرض الحاجة إلى أخبار الآحاد - لعدم المعول في أكثر الفقه -، لزم العمل عليها وإن لم يقم عليه دليل بالخصوص، فإن نفس الحاجة إليها هي أعظم دليل، بناء على عدم جواز طرح الأحكام، ومن هنا ذكر السيد صدر الدين في شرح الوافية: أن السيد قد اصطلح بهذا الكلام مع المتأخرين.

ومنهم: الشيخ ( قدس سره ) في العدة، حيث إنه - بعد دعوى الإجماع على حجية أخبار الآحاد - قال ما حاصله: أنه لو ادعى أحد أن عمل الإمامية بهذه الأخبار كان لأجل قرائن انضمت إليها، كان معولا على ما يعلم من الضرورة خلافه - ثم قال -: ومن قال: إني متى عدمت شيئا من القرائن حكمت بما كان يقتضيه العقل، يلزمه أن يترك أكثر الأخبار وأكثر الأحكام ولا يحكم فيها بشئ ورد الشرع به. وهذا حد يرغب أهل العلم عنه، ومن صار إليه لا يحسن مكالمته، لأنه يكون معولا على ما يعلم ضرورة من الشرع خلافه، انتهى.

ولعمري، أنه يكفي مثل هذا الكلام من الشيخ في قطع توهم جواز الرجوع إلى البراءة عند فرض فقد العلم والظن الخاص في أكثر الأحكام.

 ومنهم: العلامة في نهج المسترشدين - في مسألة إثبات عصمة الإمام - حيث ذكر: أنه ( عليه السلام ) لا بد أن يكون حافظا للأحكام، واستدل بأن الكتاب والسنة لا يدلان على التفاصيل - إلى أن قال -: والبراءة الأصلية ترفع جميع الأحكام.

ومنهم: بعض أصحابنا - في رسالته المعمولة في علم الكلام المسماة بعصرة المنجود - حيث استدل على عصمة الإمام ( عليه السلام ): بأنه حافظ للشريعة، لعدم إحاطة الكتاب والسنة به - إلى أن قال -: والقياس باطل، والبراءة الأصلية ترفع جميع الأحكام، انتهى.

ومنهم: الفاضل المقداد في شرح الباب الحادي عشر، إلا أنه قال: إن الرجوع إلى البراءة الأصلية يرفع أكثر الأحكام.

والظاهر: أن مراد العلامة وصاحب الرسالة ( قدس سرهما ) من جميع الأحكام ما عدا المستنبط من الأدلة العلمية، لأن كثيرا من الأحكام ضرورية لا ترفع بالأصل، ولا يشك فيها حتى يحتاج إلى الإمام ( عليه السلام ).

 ومنهم: المحقق الخوانساري في ما حكى عنه السيد الصدر في شرح الوافية: من أنه رجح الاكتفاء في تعديل الراوي بعدل، مستدلا - بعد مفهوم آية النبأ -: بأن اعتبار التعدد يوجب خلو أكثر الأحكام عن الدليل.

ومنهم: صاحب الوافية، حيث تقدم عنه الاستدلال على حجية أخبار الآحاد: بأنا نقطع مع طرح أخبار الآحاد في مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج والمتاجر والأنكحة وغيرها، بخروج حقائق هذه الأمور عن كونها هذه الأمور. وهذه عبارة أخرى عن الخروج عن الدين الذي عبر به جماعة من مشايخنا.

ومنهم: بعض شراح الوسائل، حيث استدل على حجية أخبار الآحاد: بأنه لو لم يعمل بها بطل التكليف، وبطلانه ظاهر.

ومنهم: المحدث البحراني صاحب الحدائق، حيث ذكر في مسألة ثبوت الربا في الحنطة بالشعير خلاف الحلي في ذلك، وقوله بكونهما جنسين، وأن الأخبار الواردة في اتحادهما آحاد لا توجب علما ولا عملا، قال في رده: إن الواجب عليه مع رد هذه الأخبار ونحوها من أخبار الشريعة هو الخروج عن هذا الدين إلى دين آخر، انتهى.

 ومنهم: العضدي - تبعا للحاجبي - حيث حكى عن بعضهم الاستدلال على حجية خبر الواحد: بأنه لولاها لخلت أكثر الوقائع عن المدرك.

 ثم، إنه وإن ذكر في الجواب عنه: أنا نمنع الخلو عن المدرك، لأن الأصل من المدارك، لكن هذا الجواب من العامة القائلين بعدم إتيان النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأحكام جميع الوقائع، ولو كان المجيب من الإمامية القائلين بإتمام الشريعة وبيان جميع الأحكام لم يجب بذلك.

 وبالجملة: فالظاهر أن خلو أكثر الأحكام عن المدرك المستلزم للرجوع فيها إلى نفي الحكم وعدم الالتزام في معظم الفقه بحكم تكليفي، كأنه أمر مفروغ البطلان. والغرض من جميع ذلك: الرد على بعض من تصدى لرد هذه المقدمة، ولم يأت بشئ عدا ما قرع سمع كل أحد، من أدلة البراءة وعدم ثبوت التكليف إلا بعد البيان، ولم يتفطن لأن مجراها في غير ما نحن فيه، فهل يرى من نفسه إجراءها لو فرضنا - والعياذ بالله - ارتفاع العلم بجميع الأحكام.

 بل نقول: لو فرضنا أن مقلدا دخل عليه وقت الصلاة ولم يعلم من الصلاة عدا ما تعلم من أبويه بظن الصحة - مع احتمال الفساد عنده احتمالا ضعيفا - ولم يتمكن من أزيد من ذلك، فهل يلتزم بسقوط التكليف عنه بالصلاة في هذه الحالة، أو أنه يأتي بها على حسب ظنه الحاصل من قول أبويه، والمفروض أن قول أبويه مما لم يدل عليه دليل شرعي ؟ فإذا لم تجد من نفسك الرخصة في تجويز ترك الصلاة لهذا الشخص، فكيف ترخص الجاهل بمعظم الأحكام في نفي الالتزام بشئ منها عدا القليل المعلوم أو المظنون بالظن الخاص، وترك ما عداه ولو كان مظنونا بظن لم يقم على اعتباره دليل خاص ؟

 بل الإنصاف: أنه لو فرض - والعياذ بالله - فقد الظن المطلق في معظم الأحكام، كان الواجب الرجوع إلى الامتثال الاحتمالي بالتزام ما لا يقطع معه بطرح الأحكام الواقعية.

 

کلیه حقوق این سایت متعلق به دفتر حضرت آیت الله علوی بروجردی می باشد. (1403)
دی ان ان