درس خارج اصول مبحث الحجيت خبر الواحد جلسه سي و شش
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سي و شش
والتحقيق: ان الوجوه العقلية التي تعرض لها الشيخ (قدس سره) يمكن الالتزام بكل واحد منها في ظرف، وهو ظرف عدم حصول العلم بالتكاليف الثابتة في الشريعة.
اما الوجه الاول، فإن العلم الاجمالي بثبوت الاحكام في الشريعة غير قابل للمناقشة، ويمكن تصوير انحلالها بالعلم الاجمالي بما يثبت من الاخبار، ولكنه لا يفيد لنا بعد عدم اقتضائه اكثر من وجوب العمل دون الاعتبار والحجية، وقد مر ان العمدة في الاخبار تخصيص عمومات الكتاب وتقييد اطلاقاتها في الاجزاء والشرائط والموانع وامثاله، وبعد عدم اقتضاء العلم الاجمالي الحجية فإنه لا يفيد الاستناد اليه في الاخذ بالاخبار.
مضافاً الى تحكيم الاشكال في الاخبار المتعارضة خصوصاً اذا التزمنا بجريان الاصول ولو بعضها في اطراف العلم الاجمالي.
وأما الوجهين الاخيرين فهما مبتنيان على اساس قابل للالتزام وهو حكم العقل بكفاية الامتثال الظني بعد عدم التمكن من الامتثال القطعي للاحكام الثابتة في خصوص الاخبار، وأنه حاكم بلزوم الاخذ بالطريق الى الواقع الاقرب فالاقرب، خصوصاً بعد عدم امكان الاحتياط او عدم جوازه على ما سيأتي البحث عنه. ولكن العمدة في الجواب، انه لا تصل النوبة في اعتبار الروايات الى هذه المرتبة لتمكننا بعد عدم حصول العلم العقلي بالتكاليف، عن تحصيل الوثوق بها على ما مر تقريبه في السيرة العقلائية، فإن اكثر اخبارنا ولو مع ضم بعض القرائن اليها يفيد الوثوق، وهو علم عرفاً كالاطمينان، وحجة عقلائية. وقد مر اعتبار السيرة بعدم ردع الشارع بل امضائه لها في موارد كثيرة، وعليه فلا تصل النوبة الى الاخذ بها بمقتضى العلم الاجمالي، او بحكم العقل بكفاية الامتثال الظني، بعد حصول الوثوق بالتكاليف من الاخبار ويتعبد حصوله بالامتثال وتفريغ العهدة عن التكاليف الثابتة في الشريعة.
ثم انه قد افاد الشيخ (قدس سره) بعد نقل الوجوه العقلية الثلاثة: « هذا تمام الكلام في الأدلة التي أقاموها على حجية الخبر، وقد علمت دلالة بعضها وعدم دلالة البعض الآخر. والإنصاف: أن الدال منها لم يدل إلا على وجوب العمل بما يفيد الوثوق والاطمئنان بمؤداه، وهو الذي فسر به الصحيح في مصطلح القدماء، والمعيار فيه: أن يكون احتمال مخالفته للواقع بعيدا، بحيث لا يعتني به العقلاء ولا يكون عندهم موجبا للتحير والتردد الذي لا ينافي حصول مسمى الرجحان، كما نشاهد في الظنون الحاصلة بعد التروي في شكوك الصلاة، فافهم. وليكن على ذكر منك، لينفعك فيما بعد.»
ويلاحظ عليه (قدس سره): ان ما افاده من اعتبار الاخبار من جهة افادتها الوثوق و الاطمينان بمؤداه انما هو مقتضى السيرة العقلائية على ما مر، وعمدة الآيات والروايات التي استدل بها في المقام راجعة اليها. وهو تام غير قابل للمناقشة، ونتيجتها اعتبار الخبر لا الخبر الثقة بعنوانه، بل الخبر الموثوق به الذي افاد (قدس سره) هو المفسر بالصحيح في مصطلح القدماء.
وأما الوجوه العقلية فهي وجوه انما يلتزم بها مع عدم حصول ما أفاده الشيخ هنا في مقام النتيجة، فلا تصل النوبة اليها في اعتبار الخبر على مامر.
الكلام في حجية مطلق الظن.
قال صاحب الكفاية: «فصل: في الوجوه التي اقاموها على حجية الظن، وهي اربعة: الأول: إن في مخالفة المجتهد لما ظنه من الحكم الوجوبي أو التحريمي مظنة للضرر، ودفع الضرر المظنون لازم. أما الصغرى، فلان الظن بوجوب شئ أو حرمته يلازم الظن بالعقوبة على مخالفته أو الظن بالمفسدة فيها، بناء على تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد. وأما الكبرى، فلاستقلال العقل بدفع الضرر المظنون، ولو لم نقل بالتحسين والتقبيح، لوضوح عدم انحصار ملاك حكمه بهما، بل يكون التزامه بدفع الضرر المظنون بل المحتمل بما هو كذلك ولو لم يستقل بالتحسين والتقبيح، مثل الالتزام بفعل ما استقل بحسنه، إذا قيل باستقلاله، ولذا أطبق العقلاء عليه، مع خلافهم في استقلاله بالتحسين والتقبيح، فتدبر جيدا.»