بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهارم
قال السيد الاستاذ قدس سره:
«ويمكن ان يجعل ما افاده ناظرا إلى ما أفاده المحقق الأصفهاني ههنا . فقد أفاده ( قدس سره ) : في مقام بيان عدم امكان تطبيق الاستصحاب ههنا بلحاظ الركعة المفصولة :
ان صلاة الاحتياط اما ان تكون صلاة مستقلة لها امر مستقل ، تكون جابرة لنقص الصلاة على تقديره من حيث المصلحة ، وعلى تقدير التمام تكون نافلة . واما ان تكون جزء من الصلاة المشكوكة العدد .
فعلى الأول :
لا مجال لاستصحاب عدم الاتيان بالرابعة ، لان مرجعه إلى التعبد بالأمر بها بعين الامر بالصلاة . والمفروض ان الامر بصلاة الاحتياط امر مستقل ، وليس هو بقاء للامر الأول له واقعا ولا ظاهرا .
وعلى الثاني :
لا مجال للاستصحاب أيضا ، إذ كونها جزء يرجع إلى كون الصلاة المأمور بها ذات تسليمتين وتكبيرتين . ومن الواضح انه يعلم بعدم كون الصلاة الواقعية كذلك ، فلا يمكن التعبد الظاهري بها بواسطة الاستصحاب .
فليس الاشكال من حيث مانعية زيادة التسليمة والتكبيرة حتى يقال بتقييد اطلاق أدلة المانعية وبقاء الامر بذوات الاجزاء على حالها .
بل الاشكال من حيث وجوب هذه الزيادات بنحو الجزئية التي لا مجال لدخولها في الواجب الا بتبدل الامر بما عداها إلى الامر بما يشتمل عليها .
وبعبارة أخرى :
ان الامر المتيقن في السابق غير الثابت فعلا ، فلا يكون هذا الامر بقاء للسابق كي يصح إجراء الاستصحاب بلحاظه .
هذا خلاصة ما افاده في مقام بيان عدم امكان عمل " ولا ينقض . . . " على الاستصحاب» [1].
ثم افاد في مقام الاشكال علي المحقق الاصفهاني قدس سره:
«والذي ينظر اليه قدس سره:
هو ان مقتضي جزئية صلاة الاحتياط تبدل الامر الصلاتي السابق إلى أمر بمركب آخر يشتمل على تسليم وتشهد زائدين . وهذا مما لا يحتمل ان يثبت في الواقع كي يتعبد به في مرحلة الظاهر .
والسر فيه :
هو ان مثل هذا الحكم على تقديره ثابت لموضوع خاص ، وهو خصوص من كانت صلاته في الواقع ناقصة ، إذ صلاة الاحتياط على تقدير التمام تكون لغوا . ومن الواضح ان العلم بهذا الموضوع مستلزم لارتفاع الحكم لزوال الشك ، ومع الجهل به لا يكون الحكم فعليا لان فعليته بالعلم بموضوعه . اذن فلا يكون هذا الحكم فعليا في حال من الأحوال .
فهو نظير عنوان الناسي الذي لا يمكن ان يؤخذ موضوعا للحكم الشرعي ، لان العلم به ملازم لزواله فالمحذور في ثبوت مثل هذا الحكم واقعا هو المحذور في ثبوت الحكم لعنوان الناسي .
ولكن هذا المحذور يتأتى فيما إذا فرض جزئية التشهد والتسليم .
اما لو فرض ان مقتضى دليل صلاة الاحتياط هو عدم مانعية التشهد والتسليم الزائد ، فلا محذور ، وذلك لامكان تقيد المانعية واقعا في مرحلة البقاء بغير صورة الشك في عدد الركعات ، فلا يكون التشهد والسلام الزائدان مانعين واقعا على تقدير نقصان الصلاة .
والى هذه الجهة ينظر المحقق العراقي ( رحمه الله ) في كلامه السابق . فقد ركز كلامه على تقيد أدلة المانعية بغير صورة الشك .
ومن هنا يظهر ارتباط كلامه بكلام المحقق الأصفهاني .[2]
ثم انه قدس سره اورد على المحقق العراقي قدس سره في هذا الوجه بقوله:
وعليه فيقع الكلام مع المحقق العراقي في ناحيتين :
الناحية الأولى :
في أن مقتضى دليل صلاة الاحتياط هل هو رفع مانعية السلام في غير محله ، أو هو يتكفل اثبات جزئية هذا السلام ؟ .
وهذه هي نقطة اختلاف المحقق العراقي مع المحقق الأصفهاني . ويمكن ان يرجح منظور المحقق العراقي بأنه لا دليل على ثبوت الامر الشرعي بالسلام من باب الجزئية ، وذلك لان المصلي عند الشك يتردد امره بين مانعية التسليم - لو كان صلاته ناقصة - وجزئيته - لو كانت تامة - ، فإذا رفع الشارع مانعية التسليم لو كان زائدا ، كان مقتضى الاحتياط اللازم لزوم الاتيان بالسلام لحكم العقل به ، لأنه مقتضى قاعدة الاشتغال لاحتمال انه في الركعة الأخيرة ، فيؤتى به برجاء المطلوبية .
ومعه لا حاجة إلى الامر الشرعي ، بل يكون الاتيان بصلاة الاحتياط بهذا النحو مما يحكم به العقل بعد رفع مانعية التسليم لو كان زائدا .
لكن هذا ان تم فهو بالنسبة إلى التسليم دون التكبير الزائد ، فان الامر به ظاهرا في كونه لاجل الجزئية ، إذ لا يحكم به العقل وإن لم يكن مانعا .
الناحية الثانية :
في تمامية ما افاده من صحة تطبيق الاستصحاب على تقدير رفع الشارع مانعية السلام .
والذي يبدو لنا انه غير تام وذلك : لان مقتضى ما افاده انه لا يمكن تطبيق الاستصحاب الا بملاحظة تقييد دليل المانعية ، والا فمع المانعة كيف يصح تطبيق الاستصحاب على الركعة المنفصلة بالتسليم ؟ .
إذ يكون مقتضاه ان تكون الركعة موصولة . وعليه فيعتبر ان يقوم - في مرحلة سابقة على الاستصحاب - دليل على عدم مانعية التسليم . ثم يأتي تطبيق دليل الاستصحاب بعد ذلك .
وليس الامر كذلك ، لان دليل عدم مانعية التسليم هو نفس دليل الاتيان بركعة منفصلة بعنوان عدم نقض اليقين بالشك ، وليس دليل رفع المانعية في مرحلة سابقة عليه ، بل بنفس هذا الدليل ، فيمتنع حمله على الاستصحاب .
والذي يتلخص ان الاشكال على المحقق العراقي من ناحيتين . فلاحظ»[3].
ومنها: ما افاده المحقق العراقي قدس سره ايضاً بما محصله:
ان مجري الاستصحاب في المقام ليس هو عدم الاتيان بالركعة الرابعة كي يتأتى الحديث السابق ، بل هو الاشتغال بالصلاة المتيقن سابقا المشكوك لا حقا ، فالمراد عدم نقض اليقين بالاشتغال ، بالشك فيه .
وعليه ، فيلزمه البناء على اشتغال ذمته بالصلاة ، ومقتضاه لزوم الامتثال يقينا ، وهو يكون - بمقتضى الأدلة الخاصة وهذا بالخصوص - بالاتيان بصلاة الاحتياط [4].
وأورد عليه السيد الاستاذ قدس سره:
«ويمكن الخدش فيه: بأن المراد بالاشتغال المستصحب ان كان هو الاشتغال العقلي ، فهو مما لا مجال لاستصحابه لأنه حكم عقلي .
وان كان المراد به وجوب الصلاة شرعا ، فمن الواضح ان وجوب الصلاة ليس إلا وجوب الاجزاء بالاسر ، لان الصلاة هي عين الاجزاء بالاسر ، وليست هي امرا مسببا عن الاجزاء وخارجا عنها .
وعليه ، فمع الاتيان بسائر الركعات لا يشك في بقاء الامر المتعلق بها ، وانما الشك في بقاء وجوب الركعة المشكوكة خاصة ، فيرجع إلى استصحاب عدم الاتيان بالركعة الرابعة الذي عرفت الكلام فيه[5].
ومنها:
ما افاده السيد الخوئي قدس سره في مصباح الاصول:
فإنه قدس سره بعد ان اورد علي صاحب الكفاية قدس سره فيما ناقش علي الشيخ قدس سره بقوله:
«وأما ما ذكره صاحب الكفاية من أن الصحيحة ساكتة عن قيد الاتصال والانفصال فنقيد إطلاقها بروايات اخر دالة على وجوب الاتيان بركعة منفصلة .
ففيه:
أن مقتضى أدلة الاستصحاب هو البناء على اليقين السابق وعدم الاعتناء بالشك الطارئ ، وفرض وجوده بمنزلة العدم ، ولازم ذلك وجوب الاتيان بركعة أخرى متصلة ، فليس التنافي - بين الصحيحة على تقدير دلالتها على الاستصحاب وبين الروايات الاخر - بالاطلاق والتقييد ، حتى يجمع بينهما بتقييد الصحيحة بها ، بل بالتباين ، لدلالة الصحيحة على وجوب الاتيان بركعة أخرى متصلة ، والروايات الاخر على وجوب الاتيان بها منفصلة . فالأخذ بالصحيحة يستلزم رفع اليد عن الروايات الاخر التي عليها اعتماد المذهب[6].
ثم اجاب قدس سره عن اشكال الشيخ علي دلالة الصحيحة علي الاستصحاب بقوله:
«وأما ما ذكره الشيخ قدس سره من الاشكال علي الصحيحة، ففيه:
انه لا تلزم من الاستدلال بها مخالفة المذهب .
وذلك : لما مر آنفا من أن معنى دلالة الامر الظاهري على الاجزاء هو توسعة الواقع ، لعدم معقولية التحفظ على الواقع مع اجزاء شئ آخر عنه ، فمعنى اجزاء الصلاة الواقعة فيها زيادة التشهد والتسليم عن الواقع هو توسعة الواقع بمعنى أن الواجب على المتيقن هو الصلاة بلا زيادة التشهد والتسليم ، وعلى الشاك بين الثلاث والأربع مثلا ، هو الصلاة الواقعة فيها زيادة التشهد والتسليم ، لكن مع التقييد بعدم الاتيان بالركعة الرابعة في الواقع ، لان المستفاد من الروايات أن وجوب الاتيان - بالركعة المنفصلة على الشاك بين الثلاث والأربع - مختص بما إذا لم يأت بالرابعة في الواقع ، فمن شك - بين الثلاث والأربع ، وبنى على الأربع وتشهد وسلم ، ثم لم يأت بالركعة المنفصلة نسيانا أو عمدا ، ثم انكشف أنه اتى بالركعة الرابعة - ليس عليه شئ .
فيكون الموضوع لوجوب الركعة المنفصلة المكلف المقيد بأمرين :
الأول: كونه شاكا .
الثاني: كونه غير آت بالرابعة .
فإذا شك المكلف بين الثلاث والأربع ، فقد حصل أحد القيدين بالوجدان وهو الشك ، والقيد الآخر - وهو عدم الاتيان بالرابعة - يحرز بالاستصحاب ، لكونه متيقنا بعدم الاتيان وشك فيه ، فيحكم بوجوب الاتيان بالركعة المنفصلة .
فتلخص مما ذكرنا :
أن مقتضى الاستصحاب بملاحظة الأخبار الخاصة هو الاتيان بالركعة المنفصلة لا الاتيان بالركعة المتصلة ، حتى يكون العمل به مخالفا للمذهب ، بل في نفس الصحيحة قرينة على أن المراد من قوله ( ع ) : قام وأضاف إليها ركعة أخرى ، هي الركعة المنفصلة ، وهي قوله ( ع ) في صدر الصحيحة لبيان حكم الشك بين الاثنين والأربع : يركع ركعتين بفاتحة الكتاب ، فان تعيين الفاتحة يدل على كون المراد ركعتين منفصلتين ، وإلا كان مخيرا بين الفاتحة والتسبيحات. ، بل لعل الأفضل الاتيان بالتسبيحات .
فيكون المرد من قوله ( ع ) : قام وأضاف إليها ركعة أخرى ، أيضا هي الركعة المنفصلة ، لكون هذه الركعة في الشك بين الثلاث والأربع من سنخ الركعتين السابقتين في الشك بين الاثنين والأربع . وفى الصحيحة قرينة أخرى على كون المراد هي الركعة المنفصلة ، وهي قوله ( ع ) : " ولا يدخل الشك في اليقين ، ولا يخلط أحدهما بالآخر " فان ظاهر عدم خلط الشك باليقين وبالعكس هو الاتيان بالركعة المشكوكة منفصلة عن الركعات المتيقنة .
فتلخص مما ذكرنا :
صحة الاستدلال بالصحيحة .
غاية الامر: أن مقتضى الاستصحاب بملاحظة الأخبار الخاصة هو الاتيان بالركعة المشكوك فيها منفصلة »[7].
[1]. الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم، منتقى الأصول تقرير البحث السيد محمد الروحاني، ج6، ص112؛ الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهاني، نهاية الدراية في شرح الكفاية، ج 3، ص39.
[2]. الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم، منتقى الأصول تقرير البحث السيد محمد الروحاني، ج6، ص112-113.
[3]. الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم، منتقى الأصول تقرير البحث السيد محمد الروحاني، ج6، ص114-115.
[4]. الشيخ محمد تقي البروجردي، نهاية الافكار تقرير بحث المحقق ضياء الدين العراقي، ج4، ص62.
[5]. الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم، منتقى الأصول تقرير البحث السيد محمد الروحاني، ج6، ص115.
[6]. البهسودي، مصباح الاصول تقرير البحث السيد الخوئي، ج3، ص63.
[7]. البهسودي، مصباح الاصول تقرير البحث السيد الخوئي، ج3، ص93-94.