بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه نهم
اما الطريق الثاني.
فرواه الكليني عن محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان.
اما محمد بن اسماعيل:
فهو محمد بن اسماعيل البندقي النيسابوري.
ذكره الشيخ في رجاله من دون تعرض لحاله من التوثيق او التضعيف.
وقال الشيخ الحر العاملي في خاتمة الوسائل:
«ابو الحسن البندقي وهو نقي الحديث، لا يروي عن ضعيف، ويعد اصحابنا المتأخرون حديثه حسناً وبعضهم صحيحاً.»[1]
والمهم فيه امران:
1 ـ حكم العلامة قدس سره في المنتهي والمختلف وغيرهما من كتبه بصحة حديث يرويه عن زرارة وهو في طريقه.
2 ـ حكم الشهيد في الذكري بصحة الحديث الذي هو في طريقه في مسأله 11 من قرائة الصلاة.
والوجه توثيقه لتصحيح العلمين الطريق المشتمل عليه خصوصاً العلامة قدس سره وهو من الطبقة الثامنة.
ويروي عنه الكليني بلا واسطة كما صرح بذلك اعلام الرجال.
وأما الفضل بن شاذان
قال النجاشي: «الفضل بن شاذان بن الخليل ابو محمد الازدي النيسابوري كان ابوه من اصحاب يونس، وروي عن ابي جعفر الثاني، وقيل عن الرضا(ع) ايضاً وكان ثقة، احد اصحابنا الفقهاء والمتكلمين، له جلالة في هذه الطائفة.»[2]
وقال الشيخ في الفهرست:
فضل بن شاذان النيشابوري، متكلم، فقيه، جليل القدر.[3]
وقال العلامة في الخلاصة:
«... وكان ابوه من اصحاب يونس، وروي عن ابي جعفر (ع)، وقيل عن الرضا (ع) ايضاً.
وكان ثقة، جليلاً، متكلماً له عظيم شأن في هذه الطائفة.
قيل: انه صنف مائة وثمانين كتاباً، وترحم عليه ابو محمد عليه السلام مرتين وروي ثلاثاً ولاءً.
ونقل الكشي عن الائمة مدحه، ثم ذكر ما ينافيه، وقد اجبنا عنه في كتابنا الكبير، وهذا الشيخ اجل من ان يغمز عليه، فإنه رئيس طائفتنا[4].
وهو من الطبقة السابعة.
ثم ان الطريقين ينتهي الي حماد بن عيسي عن حريز عن زرارة.
اما حماد بن عيسي: فهو ابو محمد الجهني البصري.
قال النجاشي:
«كان ثقة في حديثه صدوقاً، له كتاب الزكاة عن حريز ويسير من الرجال وكتاب الصلاة.»[5]
وفي الرجال:
عدة الشيخ من اصحاب الصادق وقال: بقي الي زمان الرضا (ع) ذهب به السيل في طريق مكة بجحفة.
كما عده من اصحاب الكاظم (ع) وقال: له كتاب ثقة.[6]
وقال الشيخ قدس سره في الفهرست.
«حماد بن عيسي الجهني غريق الجحفة، ثقة له كتاب النوادر، كتاب الزكاة، كتاب الصلاة.[7]
وقال العلامة في الخلاصة:
«كان متحرزاً في الحديث، روي عن ابي عبدالله عشرين حديثا وابي الحسن والرضا، ومات في حياة ابي جعفر الثاني، ولم يحفظ عنه رواية من الرضا، ولا عن ابي جعفر، وكان ثقة في حديثه صدوقاً. قال: سمعت عن ابي عبدالله (ع) سبعين حديثا، فلم ازل ادخل الشك علي نفسي حتي اقتصرت علي هذه العشرين وهو من الطبقة الخامسة.
وهو رواه عن حريز.
وهو حريز بن عبدالله السجستاني ابو محمد الازدي.
قال الشيخ في الفهرست[8]:
.... ثقة، كوفي، سكن سجستان، له كتب منها كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصيام، كتاب النوادر.
ومثله العلامة في الخلاصة[9].
ووثقه المجلسي في الوجيزة[10].
وهو من الطبقة الخامسة.
وهو رواه عن زرارة
وهو زرارة بن اعين بن سنسن الشيباني.
قال النجاشي:
... شيخ من اصحابنا في زمانه ومتقدمهم، وكان قارئا فقيهاً متكلماً شاعراً، اديبا، قد اجتمعت فيه خصال الفضل والدين.[11]
وقال العلامة في الخلاصة:
«وقد ذكر الكشي احاديث تدل على عدالته، وعارضت تلك الأحاديث اخبار اخر تدل على القدح فيه، قد ذكرناها في كتابنا الكبير، وذكرنا وجه الخلاص عنها، والرجل عندي مقبول الرواية، مات رحمه الله سنة خمسين ومائة[12]
والشيخ قدس سره عده في رجاله تارة من اصاحب الباقر (ع) ....[13]
وتارة من اصحاب الصادق (ع)....[14]
وثالثة: من اصحاب الكاظم (ع) وقال: زرارة بن اعين الشيباني ثقة روي عن ابي جعفر وابي عبدالله[15].
وهو من الطبقة الرابعة.
فالرواية صحيحة علي طريقيها.
ومن الاخبار التي استدل بها لاعتبار الاستصحاب رواية الخصال.
قال صاحب الكفاية:
«ومنها: قوله (ع)
«من كان علي يقين فأصابه شك فليمض علي يقينه، فإن الشك لا ينقض اليقين،» او «فإن اليقين لا يدفع بالشك.»
وهو وان كان يحتمل قاعدة اليقين لظهوره في اختلاف زمان الوصفين، وإنما يكون ذلك في القاعدة دون الاستصحاب ضرورة امكان اتحاد زمانهما.
الا ان المتداول في مورده هو مثل هذه العبارة، ولعله بملاحظة اختلاف زمان الموصوفين وسرايته الي الوصفين، لما بين اليقين والمتيقين من نحو من اتحاد. فافهم.»
والرواية ما رواه الشيخ الحر العاملي في الوسائل قال:
وفي الخصال باسناده عن علي (ع) في حديث الاربعمائة قال:
من كان علي يقين ثم شك، فليمض علي يقينه، فإن الشك لا ينقض اليقين...
هذا ما رواه في الوسائل، وفي الخصال: من كان علي يقين فشك...
ولعله ظفر علي نسخة من الخصال فيها «ثم شك»[16]
ثم ان هنا رواية اخري مروية عن امير المؤمنين عليه السلام قريبة بمضمون رواية الخصال، وهي ما رواه المجلسي في البحار ـ في كتاب العلم ـ عن المفيد في الارشاد ومضمونها:
قال امير المؤمنين (ع): من كان علي يقين فأصابه شك فليمض علي يقينه، فإن اليقين لا يدفع بالشك[17].
وظاهر صاحب الكفاية قدس سره الاستدلال في المقام بهما حيث قال:
«او فإن اليقين لا يدفع بالشك.»
وقال الشيخ في الرسائل:
«ومنها ما عن الخصال بسنده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ( عليه السلام )، قال: " قال أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه: من كان على يقين فشك فليمض على يقينه، فإن الشك لا ينقض اليقين .»
ثم افاد قدس سره:
«وفي رواية اخري عنه: من كان على يقين فأصابه شك فليمض على يقينه، فإن اليقين لا يدفع بالشك"، وعدها المجلسي – في البحار - في سلك الأخبار التي يستفاد منها القواعد الكلية .»[18]
ثم ان صاحب الكفاية قدس سره تعرض لايراد علي الاستدلال بهما وحاصله:
ان قوله (ع) فأصابه شك ـ او فشك علي ما في نسخة الخصال ـ ظاهر في التعقيب اي حصول الشك عقيب حصول اليقين، لأن الفاء العاطفة ظاهر في التعقيب، واختلاف زمان الوصفين، مع اتحاد متعلقيهما انما يكون في قاعدة اليقين دون الاستصحاب.
فإن المعتبر في الاستصحاب اختلاف زمان الموصوفين المتيقن والمشكوك دون الوصفين، لامكان اتحاد زمان الوصفين في الاستصحاب.
والايراد من الشيخ قدس سره في الرسائل، قال:
«اقول:
لا يخفي ان الشك واليقين لا يجتمعان حتى ينقض أحدهما الآخر، بل لا بد من اختلافهما.
إما في زمان نفس الوصفين:
كأن يقطع يوم الجمعة بعدالة زيد في زمان، ثم يشك يوم السبت في عدالته في ذلك الزمان.
وإما في زمان متعلقهما وإن اتحد زمانهما:
كأن يقطع يوم السبت بعدالة زيد يوم الجمعة، ويشك - في زمان هذا القطع - بعدالته في يوم السبت .
وهذا هو الاستصحاب، وليس منوطا بتعدد زمان الشك واليقين كما عرفت في المثال .
وحيث إن صريح الرواية اختلاف زمان الوصفين، وظاهرها اتحاد زمان متعلقهما، تعين حملها على القاعدة الأولى، وحاصلها: عدم العبرة بطرو الشك في شئ بعد اليقين بذلك الشئ .
ويؤيده:
أن النقض حينئذ محمول على حقيقته، لأنه رفع اليد عن نفس الآثار التي رتبها سابقا على المتيقن، بخلاف الاستصحاب، فإن المراد بنقض اليقين فيه رفع اليد عن ترتيب الآثار في غير زمان اليقين، وهذا ليس نقضا لليقين السابق، إلا إذا اخذ متعلقه مجردا عن التقييد
بالزمان الأول .
وبالجملة:
فمن تأمل في الرواية، وأغمض عن ذكر بعض لها في أدلة الاستصحاب، جزم بما ذكرناه في معنى الرواية [19].
[1]. وسائل الشيعة، 20/462.
[2]. النجاشي، رجال النجاشي، ص306ـ 307.
[5]. النجاشي، رجال النجاشي، ص122.
[6]. رجال الشيخ، 187، 334.
[8]. الشيخ الطوسي، الفهرست، ص118.
.[9] العلامة الحلي، خلاصة الأقوال، ص134.
[10]. العلامة المجلسي، الوجيزة، ص148.
[11]. النجاشي، رجال النجاشي، ص175.
[12]. العلامة الحلي، خلاصة الأقوال، ص152.
[13]. الشيخ الطوسي، الفهرست، ص126.
[14]. الشيخ الطوسي، الفهرست، ص210.
[15]. الشيخ الطوسي، الفهرست، ص337.
[16]. وسائل الشیعة (آل البیت)، باب من أبواب نواقض الوضوء، الحدیث1.
[17]. العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج2 ص272 باب 32 من كتاب العلم، الحديث3.
[18]. الشيخ الانصاري، فرائد الاصول، ج3 ص68.
[19]. الشيخ الانصاري، فرائد الاصول، ج3 ص68ـ 69.