بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه دوازدهم
و یمکن ان یقال:
إنّ ما استدل به )قدس سره( لقبول توبة المرتد الفطري واقعاً فهو تام لانقاش فیه.
و أما بالنسبة الی قبول توبته ظاهراً فانه کما قربه (قدس سره) ان نفی التوبة فی الاخبار لیس بمعنی نفي الماهية لان التوبة هی الندامة عن الذنب و هي محققة للنادم واقعاً و حقيقة، بل بمعنی عدم ترتب الآثار المترتبة علی الذنب و فی المقام الارتداد، و ليس النفي المضاف الی العناوين الحقيقة بمعنی نفی مطلق الآثار المترتبة عليه، بل يکفي ترتب أثر في صدق النفي عن العنوان کما هو الحال فی تنزيل العناوين منزلة عناوين آخرى.
و فی المقام انما يتم صدق النفي بلحاظ الآثار المترتبة علی الإرتداد و معناه انه ليس ما أرتکبه فی زمان کالعدم، بل ان له آثار يترتب عليه بمقتضی الدليل القائم عليه، وان تقبل توبته من جهة ترتب العقاب و صدق عنوان الاسلام بمقتضی الشهادتين و امثاله و ما افاده السيد الخوئی (قدس سره) فی کون النفی بلحاظ ترتب الآثار الثلاثة فنقول:
ان هذه الآثار مذکورة فی الأخبار.
منها:
«ما رواه الصدوق بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: وَ مَنْ جَحَدَ نَبِيّاً مُرْسَلًا نُبُوَّتَهُ وَ كَذَّبَهُ فَدَمُهُ مُبَاحٌ- قَالَ فَقُلْتُ أَ رَأَيْتَ مَنْ جَحَدَ الْإِمَامَ مِنْكُمْ مَا حَالُهُ- فَقَالَ مَنْ جَحَدَ إِمَاماً مِنَ اللَّهِ وَ بَرِئَ مِنْهُ وَ مِنْ دِينِهِ- فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ عَنِ الْإِسْلَامِ- لِأَنَّ الْإِمَامَ مِنَ اللَّهِ وَ دِينَهُ مِنْ دِينِ اللَّهِ- وَ مَنْ بَرِئَ مِنْ دِينِ اللَّهِ فَهُوَ كَافِرٌ- وَ دَمُهُ مُبَاحٌ فِي تِلْكَ الْحَالِ- إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ وَ يَتُوبَ إِلَى اللَّهِ مِمَّا قَالَ...» [1]
و منها:
«ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنِ الْمُرْتَدِّ- فَقَالَ مَنْ رَغِبَ عَنِ الْإِسْلَامِ- وَ كَفَرَ بِمَا أُنْزِل عَلَى مُحَمَّدٍ ص بَعْدَ إِسْلَامِهِ- فَلَا تَوْبَةَ لَهُ وَ قَدْ وَجَبَ قَتْلُهُ- وَ بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ وَ يُقْسَمُ مَا تَرَكَ عَلَى وُلْدِهِ. »[2]
و منها:
ما رواه الکليني بالاسناد المتقدم عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار الساباطي قال:
«قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ كُلُّ مُسْلِمٍ بَيْنَ مُسْلِمِينَ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ- وَ جَحَدَ مُحَمَّداً ص نُبُوَّتَهُ وَ كَذَّبَهُ فَإِنَّ دَمَهُ مُبَاحٌ لِمَنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ وَ امْرَأَتُهُ بَائِنَةٌ مِنْهُ يَوْمَ ارْتَدّ وَ يُقْسَمُ مَالُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ وَ تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ وَ لَا يَسْتَتِيبُهُ.. »[3]
و رواه الصدوق باسناده عن هشام بن سالم.
فان العناوين المذکورة فی الاخبار ثلاثة.
1- کون امرأته بائنة منه يوم ارتد.
2- تقسم أمواله علی ورثته.
3- قتله.
اما الاول:
فانه لاشبهة فی انقطاع الزوجية بمجرد حدوث الکفر، و فی هذه الاخبار و غيرها بينونة الزوجة للرجل الذی أرتد.
و اما بالنسبة الی المرأة المرتدة فان المذکور فی الاخبار انها تستتاب و تحبس ولا تقتل. و لا تعرض للاخبار بالنسبة الی بينونة الرجل عنها او تقسيم أموالها.
نظير:
«ما رواه الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الْمُرْتَدَّةِ عَنِ الْإِسْلَامِ قَالَ- لَا تُقْتَلُ وَ تُسْتَخْدَمُ خِدْمَةً شَدِيدَةً- وَ تُمْنَعُ الطَّعَامَ وَ الشَّرَابَ إِلَّا مَا يُمْسِكُ نَفْسَهَا- وَ تُلْبَسُ خَشِنَ الثِّيَابِ وَ تُضْرَبُ عَلَى الصَّلَوَاتِ.»[4]
وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَلَبِيِّ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ أَخْشَنَ الثِّيَابِ
و ايضاً: ما رواه الشیخ ایضاً بالاسناد المذکور عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: إِذَا ارْتَدَّتِ الْمَرْأَةُ عَنِ الْإِسْلَامِ- لَمْ تُقْتَلْ وَ لَكِنْ تُحْبَسُ أَبَداً.ً.[5]
هذا و يحتمل ان يکون الوجه فی الاقتصار فيه علی الحد مفروغية البينونة و تقسيم الأموال للمرتد بعنوانه و التأکيد فی خصوص المرأة بانها لاتقتل و تحبس.
کما يتحمل ان يکون الوجه عدم البينونة لان المانع من الزوجية في الرجل عدم جواز نکاح الکافر المسلمة و بما أنّ الارتداد توجب الکفر فانما تنقطع الزوجية به و هذا بخلاف المرأة لجواز نکاح الکافرة للمسلم مقطعة علی المشهور او دائماً عند بعض.
وعليه: فانَّ أدلة ترتب اثر بينونة الوجه لا اطلاق لها بالنسبة الى بقائها حتى بعد التوبة.
وان قوله (ع): «من رغب عن الاسلام... وبانت امرأته» في صحيحة محمد بن مسلم عن ابي جعفر (ع) وقوله(ع): «وامرأته بائنة منه يوم ارتد» في صحيحة عمار الساباطي عن أبي عبدالله (ع) وتعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها وامثالها؛ إنَّما يدل على البينونة بمجرد حدوث الكفر، ولكن لا اطلاق فيه بالنسبة الى ما لو تاب واسلم.
بل ربما يقال: إن البينونة من لوازم الكفر فتتبدل بتبدل الموضوع من الكافر الى المسلم بناءً على قبول توبته. كما إنّه لا اطلاق فيه بالنسبة الى المرأة المرتدة بما مرَّ من عدم حدوث البينونة بمجرد ارتدادها.
نعم، تبقى هذه البينونة حتى بعد توبة المرتد، الا أنها بعد التوبة ترتفع بالعقد، واما في حال الإرتداد لا ترتفع به، ومعه فان أثر البينونة قابل للارتفاع بعد حدوث التوبة.
هذا بالنسبة الى أثر البينونة من حيث ادلتها.
وعليه فتكون النتيجة جواز العقد على زوجته بعد توبته وبعد خروجها عن العدة، وقد جزم به في المسالك، والظاهر انه مختار المشهور.
وذلك:
لأن البينونة التي اقتضتها الادلة هي ارتفاع صرف علاقة الزوجية.
قال السيد الحكيم (قدس سره) في المستمسك:
«أما جواز العقد عليها بعد الخروج عن العدة - كما جزم به في محكي المسالك - فلأن البينونة التي تضمنتها النصوص يراد بها ارتفاع علاقة الزوجية ، لا الحرمة الأبدية .
ودعوى :
أن إطلاق البينونة يقتضي الحرمة الأبدية - كما في الجواهر - ممنوعة ، وإنما الذي يقتضي ذلك الاطلاق الأزماني للبينونة ، لكنه غير ثابت.
وأما جوازه قبلها فلأن الأمر بالاعتداد إنما هو بالإضافة إلى غيره من الأزواج، لا بالإضافة إليه، فلا مانع من جواز العقد عليها مطلقا ، كما عن حدود الروضة أن له وجها .
اللهم إلا أن يشك في قابليته للتزويج بها ، فيرجع إلى أصالة عدم ترتب الأثر على العقد كما تقدم.»[6]
[1] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 28، ص223.
[2] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج28، ص223-234.
[3] . الوسائل الباب 1 من حد المرتد الحدیث 1-2-3
[4] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج28، ص330.
[5] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج28، ص330. الباب 4 من ابواب حد المرتد الحدیث 1-2
[6] . مستمسك العروة، ج2، ص121.