بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه بیست و هفتم
فيمكن ان يقال:
انه ليس مراد صاحب الفصول ولا صاحب الكفاية دلالة الغاية علي الاستصحاب وحدها، لأن الغاية من توابع الكلام وحدوده المقيدة له وأصل المتبوع انما يتركب من الموضوع والمحمول، فالغاية المذكورة يلزم اما ان يرجع الي الموضوع او المحمول او كليهما.
فإن كان راجعا، الي الموضوع لكان الكلام ان كل شيء ما لم تعلم انه حرام حلال، او كل شيء ما لم تعلم انه نجس طاهر، وهو صريح في قاعدة الطهارة ورجوع المحمول الي العنوان المشتبه وكذا في قاعدة الحلية.
وإن كان راجعاً الي المحمول كما هو صريح صاحب الكفاية في الكفاية لأمكن استظهار الاستصحاب منه مع غمض العين عن المحاذير السابقة.
وبما مر من التقريب وقواه الشيخ انها راجعة الي الموضوع دون المحمول.
وحينئذ فكون الروايات دالة علي القاعدة والاستصحاب معاً يبتني علي رجوع الغاية اليهما اي الي الموضوع والمحمول معاً، وهذا بظاهره لا يتم الالتزام به ولو عند صاحب الفصول وصاحب الكفاية.
الا ان الوجه الذي قربه صاحب الكفاية دفعاً لمحذور استعمال اللفظ في اكثر من معني واحد التمسك اولاً باطلاق قوله (ع) كل شيء حلال او كل شيء طاهر واطلاقه.
ببيان: ان هذه الجملة مع قطع النظر عن الغاية المذكورة فيها انما تدل بعمومها بما انه مصدر بكل، اي كل شيء.... علي طهارة الاشياء وحليتها بعناوينها الاولية. فيكون دليلاً اجتهادياً حسب تعبيره علي طهارة الأشياء واقعاً، او حليتها كذلك.
والجملة حينئذ بعمومها اذا صارت مذيلة بالغاية اي حتي تعلم انه حرام او نجس فإنما يفيد الاستصحاب، لأن الحكم الاولي بالحلية والطهارة حينئذ مستمرة بمقتضي الغاية الي عروض الرافع.
ونفس هذه الجملة اي كل شئ طاهر او كل شئ نجس فيها اطلاق ـ وهو غير العموم المستفاد من الكل ـ وهذا الاطلاق انما يشمل جريان الحكم في جميع حالات الشئ وإراد صاحب الكفاية من الحالات المذكورة كون الشيء مشتبها من حيث الطهارة او الحلية بالشبهة الحكمية والشبهة الموضوعية كما يشمل الشيء غير المشتبه بهما.
والجملة باطلاقها بهذا التقريب انما يدل علي القاعدة اي قاعدتي الطهارة والحلية.
وعليه فإن دلالة الجملة بعمومها علي شئ ودلالتها بطلاقها علي شئ آخر لا يستلزم استعمال اللفظ في اكثر من معني واحد.
هذا، ولكن في هذا التقريب اشكال واضح وهو ان العموم المستفاد من لفظة ولكن الاطلاق المدعي فيها فإنما يشمل جميع حالات الموضوع بانواعها بلا شبهة، الا ان كون الشي مشتبها بالشبهة الحكمية او الشبهة الموضوعية او غير مشتبه ليس من حالات الموضوع اي الشئ، بل هو من حالات المكلف، فإنه تارة يكون عالماً بحكم الشيء وتارة شاكاً، وإن شكه تارة يكون من جهة الشبهة له في الحكم او في الموضوع وحالات المكلف غير حالات الموضوع في الجملة اي الشئ. فكيف يمكن التمسك بهذا الاطلاق لدلالة الجملة علي القاعدة.
وصاحب الكفاية قدس سره قد توجه الي هذا الاشكال، وإن كان ظاهره عدم قبوله الا انه افاد:
«وإن ابيت الا عن عدم شمول اطلاقه بمثل هذه الحالة التي في الحقيقة ليست من حالاته، بل من حالات المكلف وإن كانت لها اضافة اليه فهو بعمومه لما اشتبهت طهارته لازمة له لا ينفك عنه ابداً كما في بعض الشبهات الحكمية والموضوعية. يدل بضميمة عدم الفصل بينه وبين سائر المشتبهات علي طهارتها كلها.