بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه چهل و پنجم
ويمكن ان يقال:
انه لا شبهة في تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد النفس الأمرية اي الواقعية، وقد مر التزام صاحب الكفاية قدس سره بأن للحكم مراتب اربعة الملاك والمراد منه المصالح والمفاسد، والجعل والانشاء، والفعلية، والتنجز، وأفاد بأن لكل مرتبة شأن العلية بالنسبة الي المرتبة المتأخرة، فإن الجعل والانشاء عنده معلول للمصالح والمفاسد، وهذه المناطات علة له.
ولكنه لا شبهة في توسط ارادة المولي بين المناط والجعل، وإن كانت ارادته لا تتخلف عن المناط، لأن المصلحة هي الموجب للشوق المنتهي الي ارادة الفعل من الغير بالجعل والانشاء، فإن الجعل ناشء عن الارادة الناشئة من المناط. الا انه ربما تمت المصلحة الموجبة لارادة الفعل، الا ان المولي لا يريدها بوجود المانع او فقد الشرط، وإن كان كل ما انشأه وجعله نشأ عن المصلحة لفرض الحكمة في افعال المولي الحكيم.
وعليه فإن شأن الملاك شأن المقتضي دون العلة التامة من قبيل الاسباب التوليدية التي لا توسط للارادة فيها بين السبب والمسبب بل الجعل معلول للارادة، والارادة هي العلة التامة له، وإن كان المقتضي للارادة المناط والمصالح والمفاسد الواقعية.
ومن طرف آخر ان الحكم حقيقته الاعتبار الناشيء عن الارادة التشريعية.
وأما الاعتبار العقلائي انما يتحقق اذا كان الاعتبار الناشيء عن الارادة المذكورة التي صدر عمن له الاهلية للحكم، وفي فرض تحقق الموضوع.
فإذا لم يصدر الاعتبار المذكور عمن له الاهلية، او لم يتحقق الموضوع فإنه لا يصير الاعتبار المذكور موضوعاً للاعتبار العقلائي، والموضوعية للاعتبار العقلائي انما هي في مرتبة فعلية الحكم، ولا دخل له بمقام الانشاء والجعل.
فالانشاء والجعل وهو الحكم في مرتبة الانشاء هو ايجاد الاعتبار الناشيء عن الارادة التشريعية.
ثم ان كون شئ سبباً للتكليف او شرطاً له او مانعاً او رافعاً انما ينشأ عن كونه سبباً لاتصاف الفعل المتعلق لاعتبار المولي بالمصلحة او كونه شرطاً له، او كونه مانعاً او رافعاً للاتصاف المذكور.
وأنه لولاه لما اتصف الفعل بالمصلحة، وعليه فإن دخله في الحكم اي الانشاء والجعل مما لا سبيل لانكاره، الا ان تمام الكلام في كيفية هذا الدخل.
فبالنظر الي اتصاف الفعل المتعلق للاعتبار بالمصلحة مسبباً عن السبب المذكور او مشروطاً بالشرط المذكور، كان الدخل تكوينياً واقعياً لا سبيل للجعل فيه.
وبالنظر الي ان ارادة المولي باعتبار الفعل علي ذمة الملكف مسببة عن السبب المذكور، وأنه لولاه لما تعلقت ارادة المولي بايجاد اعتباره كان الدخل جعلياً اعتبارياً.
وحيث ان تمام البحث في المقام انما هو في الارادة الموجبة للانشاء لا في المصالح الموجبة للإرادة، فلا محالة يكون اعتبار السبب اي كون الشئ سبباً للتكليف جعلياً اعتبارياً كنفس المسبب اي الحكم التكليفي المسبب عن السبب المذكور.
ويلزم هنا التنبيه علي امرين:
1 ـ ان الموضوع للأثر اي الموضوع لترتب الآثار العقلائية هو نفس السبب، بمعني انه لولا جعل السبب من المشرع الحكيم لا يصير المسبب عند تحققه موضوعاً لترتيب الآثار العقلائية.
وبما انه لا معني لاعتبار السبب وجعله الا ناشئاً عن ارادة المولي، فالموضوع لترتيب الآثار هو نفس السبب ونفس الشرط، وكذا نفس المانع والرافع، دون السببية والشرطية والمانعية والرافعية، فإن هذا العنوان توصيف لكيفية الدخل لا نفس موضوع الأثر.
فإن الاثر لا يترتب علي السببية بل علي السبب.
2 ـ ان جعل السبب في الاعتبارات الشرعية يمكن ان يكون علي نحو الاستقلال، بمعني ان يصدر من الشارع اعتبار خاص لجعل السبب، كما ربما يقال ذلك في جعل الاستطاعة سببا لوجوب الحج اذا كانت الاية الشريفة في مقام بيان سببية الاستطاعة دون بيان وجوب الحج.
كما يمكن ان يكون علي نحو التبعية اي صدر عن المولي جعل السبب تبعاً لجعل الحكم التكليفي وتبعاً لاعتباره، كما يقال ذلك في آية الحج، بناءً علي كونه في مقام بيان وجوب الحج، وإنما يعتبر سببية الاستطاعة تبعاً لوجوبه.
ولكن هذه التبعية انما يكون في الاعتبار، اي ان في وعاء الاعتبار كان اعتبار السبب وجعله تبعاً لاعتبار المسبب وجعله.
وهذا غير وعاء الانتزاع كما صوّره الشيخ قدس سره.
لأن اعتبار السبب تبعاً انما يكون في مقام الجعل وايجاد الاعتبار، وقبل مرتبة الفعلية للحكم .
وأما انتزاع السببية عن الحكم المقيد انما يمكن بعد صدور الحكم وبعد اعتباره وجعله.
مع: ان انتزاع السببية انما هو انتزاع توصيف قد تحقق نفس الوصف قبل ذلك وفي مقام الجعل والاعتبار. وليس ذلك الا كشف عما تحقق في الواقع ثبوتاً في مقام الاثبات.
وعليه فلا موضوعية لهذا الانتزاع.
مع ان الانتزاع في كل امر انما ينشأ عن منشأ انتزاعه، ومنشأ انتزاع السببية في مقام الاثبات، انما هو ما تحقق في مقام الاعتبار والجعل، فلا كاشفية له اكثر مما تحقق قبل ذلك، وقد مر ان موضوع الأثر في المقام هو نفس ما تحقق فيما قبل ذلك اي المنشأ للانتزاع دون نفس المنتزع وهو السببية.
وما مر منا من الجعل التبعي في السببية وامثاله من الاحكام الوصفية انما هو الجعل التبعي في مقام الاعتبار دون الجعل بتبع جعل المنشأ لانتزاعه في المنتزع، فإن ما ينتزع عن الحكم المقيد لا اثر له غير الكاشفية في مقام الاثبات، ولا يكشف اكثر عن ان الموضوع لترتيب الآثار هو السبب المجعول من الجاعل في مقام الاعتبار.