بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه چهل و هشتم
اما بالنسبة الى رواية محمد بن مسلم عن ابي جعفر (ع) بقوله:
جاءت امرأة الى النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت: يا رسول الله: ما حق الزوج على المرأة؟
فقال: ان تطيعه ولا تعصيه ولا تصدق من بيته الا باذنه ولا تصوم تطوعاً الا باذنه، ولا تمنعه نفسها وان كانت على ظهر قتبٍ، ولا تخرج من بيتها الا باذنه، وان خرجت بغير اذنه لعنتها ملائكة السماء....
فان الصدقة من بيت الرجل وماله فانه لا شبهة في اشتراطه باذن الزوج لانه تصرف في ماله، ولا يجوز التصرف في مال الغير وان كان زوجاً للشخص وان كان زوجة، ويستثنى ما صرفها في نفقتها.
واما قوله(ع): «ولا تصوم تطوعاً الا باذنه»:
فهو موافق لقوله(ع) في رواية عمرو بن جبير العزرمي عن أبي عبدالله (ع) بقوله (ع): «جاءت امرأة الى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول الله ما حق الزوج على المرأة، فقال: أكثر من ذلك، قالت: فخبرني عن شئٍ منه، قال: ليس لها ان تصوم الا باذنه.
وهو ظاهر في الصوم الندبي دون الواجب لعدم اشتراط الواجب باذنه.
ولكنه ينافيه قوله: «وسألته عن المرأة: الها ان تصوم بغير اذن زوجها؟ قال:لا بأس».
وهو مطلق يشمل الصوم الواجب والمندوب
وربما يقال بان وجه الجمع بينهما: تقييد الخبرين الاوليين بها في الحج المندوب.
ويمكن أنْ يقال:
ان المراد من قوله(عليه السلام): «لا بأس» غير ظاهر في الحج الواجب من اصله لان معنى عدم البأس عدم المانع عن الاتيان بالصوم اي جاز له ذلك، وهذا التعبير لا يناسب في الواجب لان معنى الجواز اختيارها في الاتيان به، وهذا لا معنى له في الواجب، لان في الصوم الواجب يلزم على الزوجة الاتيان به ولو مع عدم اذنه، بل مع نهيه.
وعليه لا يبعد ان يجمع بينهما، بان جواز الاتيان بالصوم المندوب لا يحتاج الى الاذن ولكن لا مطلقاً، بل اذا لم يستلزم تضييع حق الزوج والروايتان الاوليتان الظاهرتان في المنع انما تدلان على لزوم الاستيذان اذا استلزم الصوم تضييع حقه، ضرورة ان الصوم فعل شخصي وهو سواء كان مباحاً او مستحباً لا يرتبط بالزوج الا بالنسبة الى ما يمكن فيه ضياع حقه في زمان الصوم. والا فان الصلاة على النبي وآله مستحب في جميع الاصوال ولا نحتاج الى اذن الزوج بالنسبة الى الزوجة، وان الفعل المستحب بما هو مستحب لا يشترط فيه الاذن اي لا يشترط الاذن في رجحانه، بل ما يشترط فيه انما هو حيثية التحفظ على حق الزوج.
واما قوله (ع): «ولا تمنعه نفسها وان كانت على ظهر قتب» فان ظاهره وجوب التحفظ على حق الزوج في التمكين في جميع الحالات ولو كانت بحسبها صعبة مثل كونها في حال الركوب. وهذا ايضاً مما لا اشكال فيه.
واما قوله (ع) بعد ذلك: «ولا تخرج من بيتها الا باذنه»
فهل المستفاد منه اشتراط الخروج من بيتها باذن الزوج مطلقاً، ولو لم يستلزم ضياع حقه؟
فلقائل أنْ يقول:
ان ذكر هذا الكلام اي قوله (ع): «ولا تخرج من بيتها الا باذنه» بعد قوله(ع): «ولا تمنعه نفسها وان كانت على ظهر قتب» الظاهر في رعاية حق الزوج من تمكينها له في جميع الاحوال، لئلا تضيع حقه في ذلك.
وبعد قوله (ع): «ولا تصوم تطوعاً الا باذنه» الظاهر بما مرّ في ان المراد منه الاشتراط فيما اذا استلزم ضياع حق الزوج.
وكذا بعد قوله(ع): «ولا تصدق من بيته الا باذنه» الظاهر في رعاية حق الزوج في ماله كرعايته في حقه في تمكينها له.
انما يوهم عدم تمامية الاطلاق بقرينة السياق.
ويؤيده:
وقوع نفس الجملة اي «ولا تخرج من بيتها بغير اذنه»:
بعد قوله (ع): «ليس لها ان تصوم الا باذنه» يعني تطوعاً.
وقبل قوله(ع): «وعليها ان تطيب باطيب طييها. وتلبس احسن يثابها وتزين باحسن زينتها، وتعرض نفسها غدوة وعشية....»
في جواب سؤال المرأة في قوله: جاءت امرأة الى رسول الله فقالت:
ما حق الزوج على المرأة؟ فقال: اكثر من ذلك، قالت: فخبرني عن شئ منه، في رواية عمرو بن جبير العزرمي عن ابي عبدالله (ع):
حيث ان الرسول صلوات الله عليه وعلى آله كان في مقام بيان حقوق الزوج وذكر عدم الخروج من البيت في عداد هذه الجملات مما يؤيد ان تمام المقصود فيها رعاية حق الزوج اما في ماله او في جهة التمكين عنه في جميع الحالات.
كما يويد هذا المعنى
قول رسول الله صلى الله عليه وآله في رواية السكوني عن ابي عبدالله (ع): «ايما امرأة خرجت من بيتها بغير اذن زوجها، فلا نفقة لها حتى ترجع.
حيث انه ظاهر في ان الخروج يستلزم ضياع حق التمكين لان النفقة في قبال التمكين وان الناشزة أسقطت حقها في النفقه لعدم تمكينها.
وقد مرّ في كلام صاحب المدارك (قدس سره):
ان الدليل الاول ـ وهو موثق اسحاق بن عمار عن ابي ابراهيم (ع) حيث استدل به على لزوم اشتراط اذن الزوج في الحج الندبي ـ انما يقتضي المنع من الحج اذا استلزم تفويت حق الزوج والمدعي اعم من ذلك....
وعليه فان اطلاق توقف الخروج على الإذن واشتراطه به اذا لم يستلزم تضييع حق للزوج قابل للمناقشة.
ومع فرض تمامية الاطلاق فيما دل بظاهره على اعتبار الاذن في الخروج فيمكن تقييده بمدلول رواية اسحاق بن ابراهيم عن أبي ابراهيم حسب ما مرَّ من تقريب الدلالة فيه.
وقد افاد السيد الحكيم (قدس سره) في ذيل قول صاحب العروة في آخر هذه المسألة: «ولا فرق في اشتراط الاذن بين ان يكون ممنوعاً من الأستمتاع بها لمرض، او سفر اولا»
قال: «لما عرفت من عموم خبر السكوني.
نعم: لو كان الموجب لاعتبار الاذن منافاته لحق الاستمتاع كان للتفصيل بين الممنوع وغيره في محله، اذ في الاول لا يكون السفر منافياً للحق المذكور.»
والحاصل:
انه لو كان المستند لاشتراط الحج المندوب من الزوجة باذن زوجها ما ورد في المنع عن خروجها عن بينه بغير اذنه واشتراط خروجها بالاذن فربما لا يتم الاستناد به فيما لم يستلزم الحج تفويت حق الزوج، اذ فرض عدم تمامية الاطلاق هناك انما يلازم عدم تمامية الاطلاق في هذا المقام.
وافاد السيد الاستاذ (قدس سره) في ذيل قول المحقق في الشرائع: « ولا يصح حجها تطوعاً الا باذن زوجها.»
«استدل بوجوه ترجع الى منافاة الحج لحقوق الزوج على الزوجة وهي اولا:
ان مقتضى العلاقة الزوجية ان يكون امر الزوجة بيد الزوج في جميع امورها بحيث لا يكون لها حق في اي امر بدون اذنه، وهو مما قرره الشارع قوله الكريم: {الرجال قوامون على النساء}[1]
وفيه انه لا دليل على هذه الدعوى ولا شاهد من العرف والعقلاء واما قوله عز وجل، فلم يظهر انه يراد به المعنى المدعى.
وثانياً:
ان من حقوق الزوج على الزوجة السكن بمعنى ان امر سكناها بيده، فله ان يمنعها من اي مكان شاء المكث فيه.
وفيه:
ان هذا يبنى على عموم الحق بنحو يحق له ان يمنعها من الخروج ولو لم يناف استمتاعاته، والا فلا يتم لو اريد من حق السكن لزوم تبعيتها له في سكنى البلد الذي يروم السكن فيه لا اكثر، وتحقيقه في غير هذا المقام.
مضافا الى انه اخص من المدعى ، اذ يمكن ان يكون هذا الحق ساقطا بالاشتراط في ضمن العقد فلا يمنع عن الحج.
وثالثا:
ان الذهاب الى مكة ينافي حق الزوج في الاستمتاع بزوجته.
وفيه:
انه اخص من المدعى اذ يمكن ان يفرض عدم قدرة الزوج على الاستمتاع لمرض او حبس او نحوها، والمدعى ان له الحق في المنع مطلقاً.
فالتحقيق:
ان في المقام نصا يدل على جواز منعه الزوجة من الحج الندبي وهو رواية اسحاق بن عمار عن ابي الحسن...»[2]
ويمكن ان يقال: ان غاية ما يستفاد من الرواية المذكورة حسب ما عرفت ان للزوج النهي، والمدعى اشتراط الحج الندبي من الزوجة باذنه وقد مرَّ امكان كون امكان النهي مستنداً الى حق الزوج.
[1] سورة النساء، الاية 34.
[2] . السيد الروحاني، المرتقى الى الفقه الارقى، ج1، ص209-210.