بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه شصت و یکم
و اما بالنسبة الی شرائط المجعول.
و المراد بها الشرائط و الاسباب و الموضوعات الدخیلة فی المنشأ و الوجوب الحاصلین بالانشاء و الایجاب.
و قد صرح المحقق النائینی قدس سره هنا و فی غیره من المقامات ان الاحکام مجعولة علی نحو القضایا الحقیقية، و هی ما یتقوم بفرض وجود الموضوع فیه، و معنی فرض وجود الموضوع فی بیانه لحاظ الموضوع بشرائط وجودها ای بجمیع ما یکون فیه دخل فی تحقق الموضوع من الشرائط و الاجزاء و الموانع و القواطع. و لولا لحاظ الموضوع بهذه الخصوصیات لا یمکن تصویر تعلق الحکم به، لأن الحکم من الامور ذات الاضافة، و لولا تصویر المتعلق له لا یمکن تصویره.
و فی هذا المقام هل یمکن للمولی انشاء المجعول بلا لحاظ موضوعه و متعلقه؟ و اذا لم يمکن ذلک فما معنی فرض وجود الموضوع؟
فإن فرض وجود الموضوع انما یکون بلحاظ کل ما له دخل فی تحقق المتعلق من الاجزاء و الشرائط و ... و لا یکفی صرف لحاظ هولاء بأنفسها بل لحاظ کل واحد منها و لحاظ حد دخلها و لحاظ ضمها بحیث یصیر الملحوظ نهائیاً الماهیة المخترعة المرکب منهما بکیفیاتها المختلفة.
و هذا اللحاظ بهذه الصورة انما یکون محلها الارادة التشریعیة، و لا تتعلق الارادة الا بالملحوظ بهذه الکیفیة.
و هنا فنسئل انه ما معنی الجعل، و هل یکون للجعل معنی غیر ذلک، ای لحاظ الشیء و ارادته؟
و هل تأثیر هذا اللحاظ فی الحکم و المجعول تأثیر بالوجود الخارجی لهذه الملحوظات، و کیف یمکن تصویر دخل فرض وجود الموضوع و التأکید علی عدم ترتب الحکم الا علیه مع عدم دخله بوجوده العلمی الفرضی، و کیف یمکن تصویر هذا الدخل فی الوجود الخارجی.
نعم، ان الوجود الخارجی و نعبر عنه بتحقیق الموضوع خارجاً انما هو دخیل فی فعلیة الحکم، لا فی الحکم قبل فعلیته، و فی مقام تحقق المجعول.
و علیه فما افاده صاحب الکفایة فی الشرط المتأخر من ان المقوم لتحقق المشروط الشرط بوجوده العلمی انما کان مراده ان التقید بالشرط المذکور متحقق فی مقام اللحاظ، و ان التأخر انما یکون لوجود الشرط خارجاً. و لا یرد علیه الاشکال منه قدس سره من الخلط بین شرائط الجعل و شرائط المجعول لاشتراک الموردین فی دخل التقید بوجوده العلمی فیهما.
الثانية:
ان المحقق النائيني قرر مثل الجزئية والمانعية والسببية انتزاعية لا تنالها يد الجعل التأسيسي والجعل الامضائي لا مستقلاً ولا تبعاً.
فإنه لا شبهة في انتزاع هذه الامور بعد تعلق التكليف بالمركب منها المنبسط عليها، وصحة هذا الانتزاع.
الا ان الكلام هنا معه في مرحلة سابقة عن تعلق التكليف بها، فإنه اذا اراد الشارع تعلق تكليفه بمركب مخترع منه الذي هو الكل المنتزع عن انضمام مجموع من الاسباب والشرائط، فلا محالة يستحيل عدم تعلق لحاظه بها قبل جعل الحكم وقبل تعلق التكليف، لأن تمام الكلام انما هو في تقيد التكليف او المكلف به بها، فإنه ليس التكليف الذي اراد المولي جعله مطلقاً بالنسبة اليها كما ليس الموضوع له المتعلق له مطلقاً بالنسبة اليها، بل ان هنا تقيد بها في المقامين، ويستحيل التقيد بلا لحاظ القيد والمقيد، فالجزء ملحوظ كالشرط والسبب وامثاله في مقام تعلق الحكم، بلا فرق في ذلك بين الجعل والمجعول.
ولا نعني باللحاظ الا تصور كل ما له دخل في تكليفه بأي نحو او ما له دخل في متعلق تكليفه، مظافاً الي تصوير مقدار دخله ومحاسبته من حيث وجود الموانع والمزاحم والمعارض، واختيار ما هو محقق لغرضه في مقام المحاسبة.
ثم بعد ذلك انما يتحقق جعل التكليف علي المتعلق المخترع من قبله، ومقام هذا التصور والمحاسبة والاختيار هو الارادة التشريعية، وليس معلوله الا الجعل والانشاء.
وهذا بلا فرق بين الجزء والشرط والسبب و... في التكليف او المكلف به.
نعم: لا ينافي ذلك انتزاع مثلها بعد تحقق الجعل بالمتعلق وتحقق المجعول، ولكن هذا لا اثر له، بل تمام الاثر انما يكون علي الانشاء في ظرف التقيد بها.
وقد مر ان الجزئية والشرطية وصف للجزء والشرط ودخلهما، وامثالهما في التكليف او المكلف به وهو صرف انتزاع عنها، وليس تمام حقيقتها، فإذا لوحظ الجزء منضماً الي سائر الاجزاء والشرائط في المتعلق فإنما يتحقق الموضوع للجزئية، وإن شئت قلت المنشأ لانتزاع الجزئية.