بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه شصت و چهارم
واما رواية صفوان الجمال عن ابي عبدالله (ع)
فرواها محمد بن علي بن الحسين باسناده عن البزنطي، عن صفوان الجمال قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام ): قد عرفتني بعملي، تأتيني المرأة أعرفها بإسلامها وحبها إياكم، وولايتها لكم ليس لها محرم، قال: إذا جاءت المرأة المسلمة فاحملها، فإن المؤمن محرم المؤمنة، ثم تلا هذه إ الآية: " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض . ورواه الشيخ بإسناده عن موسى القاسم، عن عبد الرحمن عن صفوان بن مهران نحوه [1]
اما جهة الدلالة فيها:
فان صفوان السائل عن الامام (ع) جمَّال وهو شغله كما يظهر من الرواية ذهاب الحجاج وانما يسئل عن قبول المرأة التي ليس معها زوجها او محرمها ولكنه يصرح بانه يعرفها.
فاجابه الامام (ع) بانه لا بأس في قبوله، ولا مشكل في ذلك بلسان الامر به بانه اذا جاءت المرأة المسلمة عندك للذهاب الى الحج، اي جاءت وحدها فاقبلها وعلله (ع): بان المؤمن محرم المؤمنة.
فان المراد من هذه العبارة ليس ان كل مؤمن محرم لكل مؤمنة بمعنى جواز النظر اليها، بل هي تنزيل بمعنى انه كما يحصل للمرأة الاعتماد بمحرمها فانما يحصل لها الاعتماد بكل مؤمن، وان معية المؤمن كاف في حصول الامن المعتبر في ذهاب المرأة الى الحج، والمهم في امر الامام (ع) التعبير بالمسلمة، اي كل مرأة جائت اليك على ظاهر الاسلام فاقبلها للذهاب الى الحج وصح حجها مع معَّيته لسائر المسلمين بل المؤمنين، واساس النظر في هذه المعية حصول الاطمينان للمرأة بذلك وكفاية ذلك في صحة الحج.
هذه جهة الدلالة في الرواية.
اما جهة السند فيها:
اما طريق الصدوق.
فرواها باسناده عن البزنطي. والمراد احمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي واسناد الصدوق اليه صحيح.
واما احمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي. فهو من مشايخ الثقاة ووجهاء الاصحاب وثَّقه الشيخ في كتابيه والعلامة في الخلاصة، وهو من الطبقة السادسة حسب ما عرفت.
وهو وراها عن صفوان الجمال. وهو صفوان بن مهران بن المغيرة الاسدي.
قال النجاشي: «... بن المغيرة الأسدي مولاهم ثم مولى بني كاهل منهم، كوفي، ثقة، يكنى أبا محمد، كان يسكن بني حرام بالكوفة وأخواه حسين ومسكين. روى عن أبي عبد الله [ عليه السلام ]، وكان صفوان جمالا. له كتاب يرويه...»[2]
وعده الشيخ في رجاله من اصحاب الصادق (ع)[3]. وافاد العلامة في الخلاصة: كوفي، ثقة، يكني ابا محمد[4]. وعده المفيد في الارشاد من ثقات ابي عبدالله (ع)[5]
فالرواية صحيحة بطريق الصدوق.
واما طريق الشيخ:
فرواها باسناده عن موسى القاسم، وهو موسى بن القاسم بن معاوية بن وهب البجلي وقد عرفت توثيقه من النجاشي والشيخ والعلامة وهو من الطبقة السادسة.
واسناد الشيخ اليه صحيح كما مرَّ.
وهو وراها عن عبد الرحمن. وهو عبدالرحمن بن ابي نجوان التميمي، ابوالفضل ـ
قال النجاشي: «... روى عن الرضا وروى ابوه ابو نجران عن ابي عبدالله وروى عن ابي نجران حنان، وكان عبدالرحمن ثقة ثقة معتمداً على ما يرويه...»[6].
وعده الشيخ في رجاله تارة من اصحاب الرضا (ع) وتارة من اصحاب الجواد (ع) [7].
وقال العلامة (قدس سره) في الخلاصة:
«كان عبدالرحمن ثقة ثقة معتمداً على ما يرويه.»[8] وهو من الطبقة السادسة.
وهو رواها عن صفوان بن مهران. وقد عرفت وثاقته وجلالة شأنه وانه من الطبقة السادسة ايضاً.
وهو وراه عن صفوان الجمال عن ابي عبدالله.
فالرواية صحيحة على طريق الشيخ ايضاً.
واما رواية ابي بصير.
فرواها الشيخ باسناده عن موسى بن القاسم عن عن عبد الرحمن عن مثنى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن المرأة تحج بغير وليها، فقال: إن كانت مأمونة تحج مع أخيها المسلم.»[9]
ومدلولها، صحة حج المرأة اذا لم يكن معها محرم، اذا حصل لها الامن في ذهابها، فانه يصح منها الحج مع اخوانها المسلمين. فدلالتها كسابقتها.
اما جهة السند فيها.
فرواها الشيخ باسناده عن موسى بن القاسم وقد عرفت صحة الاسناد اليه منه ووثاقة موسى بن القاسم وانه من الطبقة السادسة
وهو رواها عن عبدالرحمن. وهو عبدالرحمن بن ابي نجران التميمي وقد عرفت عند البحث في سند صحيحة صفوان الجمال، وثاقته وجلالة قدره وانه من الطبقة السادسة ايضاً.
وهو رواها عن المثنى. وهو المثنى بن الوليد الحناط.
قال النجاشي: «مثنى بن الوليد الحناط، مولى كوفي روى عن ابي عبدالله له كتاب يرويه جماعة»[10]
وقال العلامة في الخلاصة: «مثنى بن الوليد، قال الكشي قال ابو نصر محمد بن مسعود قال: علي بن الحسن انه كوفي حناط لا بأس به»[11]
وقال العلامة المامقاني: «الظاهر كونه امامياً فاذا انضم الى ذلك نفي البأس عنه الذي رواه الكشي اندرج الرجل في الحسان»[12]
لا تنصيص على وثاقته في كتب الرجال وما فيها لا يزيد على ما استظهر العلامة المامقاني من حسنه.
الا انه افاد السيد الخوئي (قدس سره) المستند في ذيل هذه الرواية:
«والمثنى الذي روى عن ابي بصير في هذه الرواية هو مثنى الحناط الثقة بقرينة روايته عن ابي بصير ورواية عبدالرحمن بن الحجاج عنه»[13]
وما استظهره من ان المثنى في الرواية هو مثنى الحناط تام بقرينة رواية عبدالرحمن بن الحجاج عنه وروايته عن ابي بصير.
ولكن الالتزام بتوثيقه منه انما كان لاجل انه من رجال كامل الزيارات فيشمله التوثيق العام من ابن قولوية.
ولكن مع عدم تمامية الالتزام بهذا التوثيق العام، انه لا يتم توصيف الرواية بالصحيحة، كما لم يذكر الرواية السيد الحكيم في مقام الاستدلال في المقام والحق ان الرواية صحيحة عندنا لان مثنَّى بن الوليد الحناط روى عنه ابن ابي عمير واحمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي فيشمله التوثيق العام من الشيخ في العدة.
هذا مضافاً الى نقل جماعة كثيرة من اعلام الحديث عنه نظير الحسن بن محبوب والحسين بن ابي العلاء وعبدالله بن مسكان والحسن بن علي الوشاء وعبدالرحمن بن ابي نجران.
وعليه فالرواية صحيحة عندنا على طريق الشيخ (قدس سره).
والمثنَّي من الطبقة الخامسة.
وهو رواها عن ابي بصير وقد مر الكلام في وثاقته وهو من الطبقة الرابعة.
وهنا رواية اخرى يمكن الاستدلال بها في المقام وهي رواية عبدالرحمن الحجاج.
وهي ما رواه الشيخ (قدس سره) باسناده عن موسى بن القاسم عن النخعي، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام ).
قال: سألته عن المرأة تحج بغير محرم، فقال: إذا كانت مأمونة ولم تقدر على محرم فلا بأس بذلك»[14]
اما جهةالدلالة فيها:
فانه وقع السؤال عن المرأة التي حجت بغير محرم، فاجاب الامام (ع) بصحة الحج، ولكن مع الاشتراط بامرين:
1 ـ اذا كانت مأمونة.
2 ـ اذا لم تقدر على الحج مع المحرم لها.
وعليه فاذا قدرت على المحرم ولكن حجت بغير محرم فمفاده ان في حجها بأس وان كانت مأمونة.
هذا ظاهر الرواية، ولذا لم يذكرها العلمين لتقيد الصحة فيها بعدم قدرتها على وجدان المحرم الذي حج معها.
ولكن المشكل هنا انه هذه الرواية لو تمت سنداً ودلالة هل تصلح لتقييد الروايات المطلقة التي دلت على صحة حجها اذا كانت مأمونة سواء قدرت على ان يحج محرمها معها ام لا.
ويلزم في مقام الاستدلال من دفع هذه الشبهة.
وما يسهل الخطب لنا ان الاصحاب اعرضوا عن هذا الاشتراط الصريح في الرواية، وكأنَّ فتوى الجميع صحة حج المرأة بغير محرم اذا كانت مأمونة بلا اشتراط حضور المحرم عندها، وبما ان اعراض الاصحاب يوجب الوهن في الدلالة، فلا نلتزم بالاشتراط المذكور فيها.
ولكن السيد الخوئي لا بد له من التخلص عن هذه الرواية المقيدة للمطلقات مع انه لا يلتزم باستلزام الاعراض الوهن في الدلالة، ولا ندري كيف لم يتعرض لهذه الجهة في مقام الاستدلال. وهذا الايراد لا يرد على غيره كالسيد الحكيم لانهم يلتزمون بايجاب الاعراض الوهن وسيأتي ان الرواية صحيحة حتى على مبنى السيد الخوئي (قدس سره).
[1] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص153.
[3] رجال الشيخ الطوسي، ص198.
[4]. العلامة الحلي، خلاصة الاقوال، ص154.
[5]. الشيخ المفيد، الارشاد، ص270.
[7].رجال الشيخ الطوسي، ص360 ص376.
[8] العلامة الحلي، خلاصة الاقوال، ص205.
[9]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص154، الباب58، ح5.
[10]. رجال النجاشي، ص414.
[11]. العلامة الحلي، خلاصة الاقوال، ص276.
[12]. المامقاني، تنقيح المقال، ج2، ص53.
[13]. السيد الخوئي، مستند العروة، كتاب الحج، ج1، ص280.
[14]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص154، الباب58، ح6.