بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه شصت و پنجم
وهنا رواية اخرى يمكن الاستدلال بها في المقام وهي رواية عبدالرحمن الحجاج.
وهي ما رواه الشيخ (قدس سره) باسناده عن موسى بن القاسم عن النخعي، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام ).
قال: سألته عن المرأة تحج بغير محرم، فقال: إذا كانت مأمونة ولم تقدر على محرم فلا بأس بذلك»[1]
اما جهةالدلالة فيها:
فانه وقع السؤال عن المرأة التي حجت بغير محرم، فاجاب الامام (ع) بصحة الحج، ولكن مع الاشتراط بامرين:
1 ـ اذا كانت مأمونة.
2 ـ اذا لم تقدر على الحج مع المحرم لها.
وعليه فاذا قدرت على المحرم ولكن حجت بغير محرم فمفاده ان في حجها بأس وان كانت مأمونة.
هذا ظاهر الرواية، ولذا لم يذكرها العلمين لتقيد الصحة فيها بعدم قدرتها على وجدان المحرم الذي حج معها.
ولكن المشكل هنا انه هذه الرواية لو تمت سنداً ودلالة هل تصلح لتقييد الروايات المطلقة التي دلت على صحة حجها اذا كانت مأمونة سواء قدرت على ان يحج محرمها معها ام لا.
ويلزم في مقام الاستدلال من دفع هذه الشبهة.
وما يسهل الخطب لنا ان الاصحاب اعرضوا عن هذا الاشتراط الصريح في الرواية، وكأنَّ فتوى الجميع صحة حج المرأة بغير محرم اذا كانت مأمونة بلا اشتراط حضور المحرم عندها، وبما ان اعراض الاصحاب يوجب الوهن في الدلالة، فلا نلتزم بالاشتراط المذكور فيها.
ولكن السيد الخوئي لا بد له من التخلص عن هذه الرواية المقيدة للمطلقات مع انه لا يلتزم باستلزام الاعراض الوهن في الدلالة، ولا ندري كيف لم يتعرض لهذه الجهة في مقام الاستدلال. وهذا الايراد لا يرد على غيره كالسيد الحكيم لانهم يلتزمون بايجاب الاعراض الوهن وسيأتي ان الرواية صحيحة حتى على مبنى السيد الخوئي (قدس سره).
اما جهة السند في الرواية.
فرواه الشيخ (قدس سره) باسناده عن موسى بن القاسم وقد عرفت صحة اسناده اليه وتمامية توثيق موسى بن القاسم وانه من الطبقة السادسة.
وهو رواه عن النخعي. وهو ايوب بن نوح بن دراج النخعي ابوالحسين.
قال النجاشي: «أيوب بن نوح بن دراج النخعي أبو الحسين كان وكيلا لأبي الحسن وأبي محمد عليهما السلام، عظيم المنزلة عندهما، مأمونا، وكان شديد الورع، كثير العبادة، ثقة في رواياته، و أبوه نوح بن دراج كان قاضيا بالكوفة، وكان صحيح الاعتقاد، وأخوه جميل بن دراج... له كتاب نوادر»[2]
وقال الشيخ في الفهرست: «... ثقة له كتاب وروايات ومسائل عن ابي الحسين الثالث»[3]
وعده في رجاله في اصحاب الرضا (ع) تارة وقال: ايوب بن نوح بن دراج، كوفي مولى النخعي، ثقة.
واخرى في اصحاب الجواد (ع).
وثالثة في اصحاب الهادي (ع) وقال: ايوب بن نوح بن دراج ثقة. [4]
ومثل عبارة النجاشي والشيخ في الفهرست وعبارة العلامة قدس سره في الخلاصة فانه قال:
«... ثقة، له كتب وروايات ومسائل عن أبي الحسن الثالث (عليه السلام )، وكان وكيلا لأبي الحسن وأبي محمد (عليهما السلام )، عظيم المنزلة عندهما، مأمونا شديد الورع كثير العبادة، ثقة في رواياته»[5]
ووثقه الكشي وقال المحقق الاسترآبادي في رجاله الكبير.
« تقدم عن [ الكشي ] في أحمد بن إسحاق توقيع يتضمن توثيقه أيضا وقال الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة بعد عده من الممدوحين عن عمرو بن سعيد المدائني عن أبي الحسن - العسكري عليه السلام انه قال له ان أحببت ان تنظر إلى رجل من أهل الجنة فانظر إلى هذا يعنى أيوب بن نوح».[6] وهو من الطبقة السادسة.
وهو رواها عن صفوان بن يحيى وقد مرَّ تمامية وثاقته وجلالة قدره وانه من الطبقة السادسة.
وهو رواه عن عبدالرحمن بن الحجاج.
وهو عبدالرحمن بن الحجاج البجلي بياع السابري.
قال النجاشي: «عبد الرحمن بن الحجاج البجلي مولاهم كوفي بياع السابري سكن بغداد ورمي بالكيسانية روى عن ابي عبد الله وابي الحسن ع وبقي بعد أبي الحسن عليه السلام ورجع إلى الحق الرضا عليه السلام وكان ثقة ثقة ثبتا وجها»[7]
وافاد العلامة بعد ما يقرب من عبارة النجاشي:
وكان وكيلاً لابي عبدالله (ع) ومات في عصر الرضا (ع) وعلى ولايته.[8]
وذكره الشيخ (قدس سره) في الرجال في اصحاب الصادق وقال: عبدالرحمن بن الحجاج البجلي، مولاهم كوفي بياع السابري، استاذ صفوان بن يحيى.
وفي اصحاب الكاظم (ع)وقال: عبدالرحمن بن الحجاج من اصحاب ابي عبدالله (ع) مولى كوفي له كتاب. وهو من الطبقة الخامسة.
فالظاهر صحة الرواية بطريق الشيخ (قدس سره)
ويدل عليه ايضاً ما رواه الحميري عن الحسن بن ظريف عن الحسين بن علوان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن عليا (عليه السلام) كان يقول: لا بأس أن تحج المرأة الصرورة مع قوم صالحين إذا لم يكن لها محرم ولا زوج»[9].
وعبدالله بن جعفر الحميري ابوالعباس وثقه الشيخ في الرجال وفي الفهرست والعلامة وهو من اصحاب العسكري (ع) ومن الطبقة السابعة.
وهو رواها عن الحسن بن ظريف، وهو الحسن بن ظريف بن ناصح وثقه النجاشي والعلامة وهو من الطبقة السادسة
وهو وراها عن الحسين بن علوان الكلبي، وثقه النجاشي ونقل العلامة وثاقته عن ابن عقدة.
وهي صحيحة ايضاً.
ثم ان هنا صحيحة ثانية لمعاوية بن عمار عن ابي عبدالله.
وهي ما رواه الشيخ باسناده عن موسي بن القاسم عن صفوان عن معاوية بن عمار قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة تحج بغير ولي ؟ قال: لا بأس، وإن كان لها زوج أو أخ أو ابن أخ فأبوا أن يحجوا بها وليس لهم سعة فلا ينبغي لها أن تقعد، ولا ينبغي لهم أن يمنعوها... الحديث.
ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار نحوه[10]
ودلالتها قوية على المدعى جداً حيث ان صريحها صحة حجها وحدها وليس فيها تقيد بحصول الاطمينان لها بالامن، الا ان ذلك انما يظهر من حجها مع جماعة المسلمين الظاهر حصول الاطمينان بذلك بالمعية معهم خصوصاً ان الامن ملحوظ في الذهاب الى الحج خصوصاً بالنسبة الي المرأة والمهم فيها التصريح بصحة اتيانها بالحج ولو كان لها زوج او محرم الا انهما ابا عن معيتها في الذهاب الى الحج او انهما ليسا بمستطيعين وانه ليس على المرأة انتظار المعية معها في الحج بل لها ان يبادر اليها وحدها وبلا معيتها.
اما جهة السند فيها:
فقد مر تحقيق سند الرواية بطريق الشيخ عند البحث في سند الصحيحة الاولى لمعاوية بن عمار في المقام وقد عرفت صحته.
والرواية صحيحة على طريق الكليني ايضاً، كما عرفت.
فالمسألة خالية عن الاشكال وما افاده صاحب العروة (قدس سره) من عدم اشتراط وجود المحرم في حج المرأة اذا كانت مأمونة وفاقاً للمشهور تام لا كلا فيه.
ومنه ظهر الكلام في الفرع الثاني، وهو قوله (قدس سره):
«ولا فرق بين كونها ذات بعل اولا.»
لا طلاق الروايات السابقة ودلالة صحيحة معاوية بن عمار الثانية صريحاً على ذلك.
[1]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص154، الباب58، ح6.
[3]. الشيخ الطوسي، الفهرست، ص56.
[4]. رجال الشيخ الطوسي، ص252-323-385.
[5]. العلامة الحلي، خلاصة الاقوال، ص276.
[8]. العلامة الحلي، خلاصة الاقوال، ص204.
[9] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص155، الباب59من ابواب وجوب الحج، ح7.
[10] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص154، الباب58 من ابواب وجوب الحج، ح4.