بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه شصت و ششم
ثم ان هنا صحيحة ثانية لمعاوية بن عمار عن ابي عبدالله.
وهي ما رواه الشيخ باسناده عن موسي بن القاسم عن صفوان عن معاوية بن عمار قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة تحج بغير ولي ؟ قال: لا بأس، وإن كان لها زوج أو أخ أو ابن أخ فأبوا أن يحجوا بها وليس لهم سعة فلا ينبغي لها أن تقعد، ولا ينبغي لهم أن يمنعوها... الحديث.
ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار نحوه[1]
ودلالتها قوية على المدعى جداً حيث ان صريحها صحة حجها وحدها وليس فيها تقيد بحصول الاطمينان لها بالامن، الا ان ذلك انما يظهر من حجها مع جماعة المسلمين الظاهر حصول الاطمينان بذلك بالمعية معهم خصوصاً ان الامن ملحوظ في الذهاب الى الحج خصوصاً بالنسبة الي المرأة والمهم فيها التصريح بصحة اتيانها بالحج ولو كان لها زوج او محرم الا انهما ابا عن معيتها في الذهاب الى الحج او انهما ليسا بمستطيعين وانه ليس على المرأة انتظار المعية معها في الحج بل لها ان يبادر اليها وحدها وبلا معيتها.
اما جهة السند فيها:
فقد مر تحقيق سند الرواية بطريق الشيخ عند البحث في سند الصحيحة الاولى لمعاوية بن عمار في المقام وقد عرفت صحته.
والرواية صحيحة على طريق الكليني ايضاً، كما عرفت.
فالمسألة خالية عن الاشكال وما افاده صاحب العروة (قدس سره) من عدم اشتراط وجود المحرم في حج المرأة اذا كانت مأمونة وفاقاً للمشهور تام لا كلا فيه.
ومنه ظهر الكلام في الفرع الثاني، وهو قوله (قدس سره):
«ولا فرق بين كونها ذات بعل اولا.»
لا طلاق الروايات السابقة ودلالة صحيحة معاوية بن عمار الثانية صريحاً على ذلك.
الفرع الثالث:
قال في العروة: « مع عدم أمنها يجب عليها استصحاب المحرم ولو بالأجرة مع تمكنها منها، ومع عدمه لا تكون مستطيعة»[2]
قال السيد الحكيم في المستمسك:
« لأنه مقدمة للواجب. لكن هذا إذا توقف الأمن على استصحاب المحرم أما إذا كان يكفي في حصول الأمن وجود من تصحبه وإن لم يكن محرما، وجب عليها استصحابه وإن لم يكن محرما. وبالجملة: الواجب استصحاب من تكون مأمونة بمصاحبته، سواء أكان محرما أم غيره.»
ثم افاد بان مع عدم امكان استصحاب من تكون مأمونة بمصاحبته وفي فرض عدم امنها بذهابها وحدها بلا استصحابه لا يجب عليه الحج لفقد الاستطاعة، لان من شرائط الاستطاعة تخلية السرب والمفروض انتفائها بالنسبة اليها. [3]
وافاد السيد الخوئي (قدس سره)
«... وإذا لم تكن مأمونة يجب عليها استصحاب من تثق به وتطمئن إليه محرما كان أو غيره ولا خصوصية لاستصحاب المحرم كما في المتن ولو بالأجرة لأن الاستطاعة المفسرة بتخلية السرب والأمن في الطريق حاصلة وإن كانت متوقفة على بعض المقدمات الوجودية كبذل المال ونحوه فيجب تحصيله نظير تحصيل جواز السفر وشراء الزاد وتهيئة مقدمات السفر، ونحوها من المقدمات الوجودية. والحاصل لا ريب في لزوم تحصيل هذه المقدمات وتهيئتها ولا بصرف المال في تحصيلها إذا لم تكن حرجية، وليس ذلك من قبيل تحصيل الاستطاعة حتى يقال: بأن تحصيلها غير واجب»[4]
هذا وما ينبغي الدقة في هذا الفرع:
ان بالنسبة الى المرأة التي لا يرى امنها في الذهاب الى الحج وحدها ان امكن له تحصيل امنها باستصحاب من يثق به سواء كان محرماً او غير محرم فانما يجب له ذلك ولو ببذل المال ان امكنها.
ومع فرض عدم امكانها في الموردين، اي عدم امكان استصحاب من يثق به، او عدم امكانها بذل المال لهذه الجهة بان يكون بذله يستلزم حرجاً ومشقة عليها فانما لا يجب عليها الحج لانتفاء الاستطاعة.
وعليه فلا وجه لوجوب استصحاب المحرم ولو بالاجرة كما افاده صاحب العروة بل الواجب عليها في هذه الصورة اي فيما لا ترى امنها في الذهاب الي الحج استصحاب من يحصل لها به الامن، ولو ببذل المال في صورة تمكنه من ذلك كما افاده العلمان قدس الله اسرارهما.
الفرع الرابع:
قال في العروة:
«وهل يجب عليها التزويج تحصيلاً للمحرم وجهان»[5]
قال السيد الحكيم (قدس سره):
« أقواهما الوجوب، كسائر الأمور المحتاج إليها في السفر، مثل: الرحل، والراحلة، وغيرهما. وكأن منشأ توقف المصنف: احتمال أن يكون من شرائط الاستطاعة التي لا يجب تحصيلها، مثل: ملك الزاد والراحلة. لكنه ضعيف، إذ كما يجب استصحاب المحرم في ظرف كونه محرما، يجب جعله محرما واستصحابه. لتوقف الواجب المطلق عليه. وتخلية السرب حاصله مع القدرة على أحد الأمرين، وإلا لم يجب استصحاب المحرم الثابتة محرميته. وفي الجواهر: جعل الحكم محل إشكال، ولم يرجح أحد الاحتمالين. لكنه في غير محله. اللهم إلا إذا كان التزويج مهانة لها، فإنه لا يجب، لانتفاء الاستطاعة. وكذا الكلام فيما لو توقف على تزويج ابنة ابنها أو بنتها منه. مع إمكان ذلك لها، فإنه يجب.»[6]
وافاد السيد الخوئي في ذيل قول صاحب العروة:
وهل يجب عليها التزوج تحصيلاً للمحرم؟.
«ولو بتزويج بنتها حتى تسافر مع صهرها ذكر في المتن أن فيه وجهين والظاهر هو الوجوب لعدم الفرق في وجوب تحصيل المقدمات الوجودية بين المالية وغيرها إذا لم يكن فيها الحرج والمهانة وإلا فلا يجب نظير بذل المال لأجل استصحاب المحرم فإنه يفصل بين الحرج وعدمه.»[7]
[1] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص154، الباب58 من ابواب وجوب الحج، ح4.
[2]. السيد اليزدي، العروة الوثقى، ج4، ص452.
[3]. السيد الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص232.
[4] السيد الخوئي، مستند العروة، كتاب الحج، ج1، ص281.
[5] السيد اليزدي، العروة الوثقى، ج4، ص452.
[6].. السيد الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص232-233.
[7]. السيد الخوئي، مستند العروة، كتاب الحج، ج1، ص281.