بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه نود و سوم
و افاد السيد الخوئی (قدس سره) فی ذيل هذا الفرع:
« ويدل عليه جملة من النصوص المعتبرة:
منها : موثقة سماعة بن مهران ( قال : سألت أبا عبد الله-ع- عن الرجل يموت ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها وهو موسر فقال : يحج عنه من صلب ماله... ) [1].
ومنها : صحيحة ابن مسلم ( عن رجل مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها أيقضى عنه ؟ قال : نعم) [2]. ونحوها صحيحة أخرى عنه .
ومنها معتبرة رفاعة ( عن رجل يموت ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها أيقضى عنه ؟ قال : نعم ) [3].
وفي صحيحة الحلبي قال : يقضى عن الرجل حجة الاسلام من جميع ماله) [4].
ومجموع الروايات تدل على لزوم القضاء وخروجها من أصل التركة .
وربما يقال : بأنها معارضة بصحيح معاوية بن عمار لقوله (ع ) في ذيله ( ومن مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يترك إلا قدر نفقة الحمولة وله ورثة فهم أحق بما ترك فإن شاؤوا أكلوا وإن شاؤوا حجوا عنه ) [5].
فإنه صريح في عدم وجوب الحج عنه ورجوع المال إلى الورثة فلا بد من طرحه أو تأويله.
وفيه :
أن صدره صريح في اخراجه من الأصل إذا كان قد أوصى به لقوله : ( في رجل توفي وأوصى بأن يحج عنه ، قال : إن كان صرورة فمن جميع المال أنه بمنزلة الدين الواجب).
فيكون المراد من الذيل بقرينة الصدر أن ما تركه من المال لا يفي لمصارف الحج وإنما يفي بمقدار الحمولة وأجرة الحمل والركوب فحينئذ لا يجب القضاء عنه لعدم وفاء المال فيرجع المال إلى الورثة فإن شاؤوا حجوا عنه من مالهم»[6].
هذا فنقول:
الظاهر انه لا خلاف بينهم فی قضاء حجة الاسلام من اصل الترکه عند عدم الوصية و قد عرفت من العلامة فی التذکرة و المنتهی انه قول علمائنا اجمع.
و اما فی الاخبار:
فان هذا المضمون و هو وجوب القضاء عن اصل الترکة عند عدم الوصية انما يدل عليه جملة من الروايات.
منها:
ما رواه الشيخ قدس سره باسناده عن موسی بن القاسم عن عثمان بن عيسى وزرعة بن محمد جميعا ، عن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يموت ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها وهو موسر ؟ فقال : يحج عنه من صلب ماله ، ولا يجوز غير ذلك.[7]
اما جهة الدلالة فيها:
فان موضوع السؤال، من لايأتي بحجة الاسلام فی حياته فی فرض وجوبه عليه کما يدل عليه قوله (ع) و هو موسر، ای مات و هو موسر يمکن له الوصية بقضائه مع عدم اتيانه و لکنه لم يوص بها فی هذا الفرض. فاجابه الامام (ع) بلزوم القضاء عنه و تأمين مصارفه من أصل ماله.
ثم ان قوله(ع) فی النهاية: و لا يجوز غير ذلک فالظاهر انه راجع الی الجملة الاخيرة و هي يحج عنه من صلب ماله، اذا لا يتصور الغير فيه الا اخراج مؤونته من ثلث ماله، و ذلک لان فی ارتکاز المتشرعة ان ما يرتبط بافعال المتوفی مما يجب عليه و لم يأت بها يلزم اخراجه من ثلث ماله، لانه لا حق له فی اکثر من الثلث و اما الباقی فهو لورثه.
و فی الحقيقة ان هذه العبارة تأکيد لاخراج مؤونة القضاء من أصل الترکة و کانه من جهة ما فی بعض آخر من الأخبار ان مؤنة الحج انما تکون بمنزلة الدين و الدين انما يخرج من اصل الترکه، لان ما يساوي الدين من ترکته ليس من ماله، و انما يکون ما ترکه يحاسب بعد اخراجه.
فدلالة الرواية علی المدعی تامة، و صريحة.
[1] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11 ، ص72 ، الباب 28 من ابواب وجوب الحج الحدیث4.
[2] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11 ، ص72 ، الباب 28 من ابواب وجوب الحج الحدیث5.
[3] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11 ، ص73 ، الباب 28 من ابواب وجوب الحج الحدیث6.
[4] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11 ، ص72 ، الباب 28 من ابواب وجوب الحج الحدیث3.
[5]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11 ، ص67 ، الباب 25 من ابواب وجوب الحج الحدیث4.
[6] . السيد الخوئي، كتاب الحج، ج1، ص297.
[7] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11 ، ص72 ، الباب 28 من ابواب وجوب الحج الحدیث4.