بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهارم
وتوضيحه:
ان البقاء في الزمان لا يمكن تصويره، لأن الزمان انات يوجد وينصرم، وبقائه هو حدوث الآن المتأخر، فإذا لم يعلم ان الآن المتأخر المذكور الذي سيحدث هل يكون من آنات الليل او من آنات النهار لأنه لم يوجد في حال الشك، فما معني البقاء فيه.
وبما ان قوام الاستصحاب بالشك في البقاء، ومع عدم تصوير البقاء كيف يمكن تحقق الشك فيه لأن الوجود في الآن الثاني لم يوجد، فإذا وجد كان متيقناً وإذا لم يوجد كان متيقن العدم، فما معني الشك فيه وأجيب عنه اولاً:
ان البقاء مفهوماً هو الاستمرار والدوام في الوجود، دون الوجود في الآن الثاني، نعم ان الوجود في الآن الثاني لازم للاستمرار والدوام الذي هو مفهوم البقاء.
وهذا الاستمرار والدوام قابل للتصوير في الزمان فلا يلزم اخلال في الاستصحاب من هذه الجهة، لرجوع الشك الي استمرار الزمان ودوامه كاستمرار الليل ودوامها، وبه يتحقق الشك في البقاء.
وثانياً:
ان المأخوذ في دليل الاستصحاب هو النهي عن نقض اليقين بالشك، والتعبد بالبقاء في تعبير الاستصحاب انما يكون لازماً لذلك، فإذا قلنا بإمكان تصوير البقاء في الزمان بمعني الاستمرار والدوام، فإن الشك فيه بعد اليقين بالوجود السابق كاف في تحقق اركان الاستصحاب.
هذا مع:
ان الشك ببقاء مثل الليل بعد اليقين بها انما يتحقق مع امكان الاستمرار والدوام واحتماله، فإذا كان علي يقين من الليل وفي حال الشك كان دوامها واستمرارها ممكناً ومحتملاً، فلا محذور في البناء علي اليقين بعد الشك المذكور.
وعدم تحقق الوجود الثاني اذا لم يكن متيقناً بل كان محتملاً كاحتمال تحققه فإنما يتحقق معه الموضوع للشك وهو كاف في تمامية حصول الشك في البقاء وجريان الاستصحاب.
ومنها:
ان الشك في الأمور التدريجية:
تارة: ينشأ من الشك في حصول ما يمنع من استمراره مع احراز قابليته للاستمرار في نفسه.
واخري:
ينشأ من الشك في حصول غايته ومنتهاه، كما لو علم ان الشخص يتكلم ساعتين، وشك في بقاء تكلمه للشك في انتهاء الساعتين.
والشك في الزمان دائماً يكون من قبيل الثاني.
اذ لا احتمال لوجود ما يقطع الليل او النهار قبل حصول غايته، والشك في بقائه انما ينشأ من الشك في حصول غايته وانتهاء امده وعدم انتهائه.
وعليه، فينشأ من ذلك الاشكال في جريان الاستصحاب في الزمان
بتقريب:
ان متعلق الشك بعد اليقين، ان كان هو بقاء النهار ـ مثلاً ـ بمعني وجوده في الآن اللاحق، فهذا ما عرفت انه غير متصور بالنسبة الي الزمان، وإن كان هو الوجود اللاحق للنهار، بحيث يؤخذ وصف اللحوق قيداً لمتعلق الشك، فليس الوجود اللاحق مسبوقاً بالحالة السابقة، بل هو مشكوك الحدوث، وأما ذات وجود النهار فهذا ممّا لا شك فيه.
وببيان آخر:
ان متعلق الشك ليس بقاء النهار والآن الواقع بين الحدين، بل ان متعلق الشك هو كون هذا الآن نهاراً او ليس بنهار.
وذلك:
لأن بعد فرض وحدة النهار بجميع آناته و ملاحظته موجوداً واحداً فيستحيل تعلق اليقين والشك فيه الا بتغاير الزمانين، والمفروض انه غير متصور في الزمان، فالشك الموجود فعلاً ليس الا في كون هذا الآن نهاراً او لا، وإن اطلق الشك في بقاء النهار، لكنه مسامحي بعد ملاحظة ان النهار اسم لمجموع الآنات الخاصة، وليس له وجود غيرها، والمشكوك هو نهارية الآن الذي نحن فيه وعدمها، وهذا مما لا حالة سابقة له.
وهذا الاشكال خاص باستصحاب الزمان ولا يأتي في سائر الامور التدريجية القابلة للوقوع في الزمان، لتصور الشك في وجودها الواحد في الزمان اللاحق فيقال: كان التكلم موجوداً، والآن يشك فيه فيستصحب، فهذا الاشكال يختص بالزمان.
وأفاد السيد الاستاذ قدس سره بعد تقريب هذا الاشكال:
«وهو مما لا دافع له، ولم يتعرض له الأعلام.»[1]
ويمكن ان يقال:
ان هذا الاشكال لو تم فإنما يجري في الزمان، وكذا غيره من الأمور التدريجية القابلة للوقوع في الزمان كالتكلم اذا حدد بحد كتكلم ساعتين، مما شك في بقائه للشك في انتهاء الساعتين كما مثّل به قدس سره في التصوير الثاني من صورتي الشك في الأمر التدريجي. فلا اختصاص للأشكال بالزمان.
ثم ان اساس الاشكال ان متعلق الشك ليس بقاء النهار والآن الواقع بين الحدين، بل ان متعلق الشك كون هذا الآن نهاراً او ليس بنهار.
فإن الشك الموجود فعلاً ليس الا في كون هذا الآن نهاراً او لا، واطلاق الشك في بقاء النهار فيه اطلاق مسامحي بعد ملاحظة ان النهار اسم لمجموع الآنات الخاصة وليس له وجود غيرها. فإن المشكوك وهو نهارية الآن الذي نحن فيه وعدمها مما لا حالة سابقة لها.
ويلاحظ فيه:
ان الموضوع للاستصحاب في المقام نفس الزمان كالنهار، فإذا احرزها وتيقن انه كان في النهار لتمكن من الحالة السابقة فإن تمام المشكل في مقام بقاء هذا الزمان والشك فيه في الزمان اللاحق.
وبعدما فرض قدس سره موضوع الاستصحاب في الزمان العنوان الزماني المحدود بين الحدين وفرض الشك في حصول الغاية وانتهاء امده.
لأمكن لنا تصوير الزمان كالنهار المحدد بين الحدين بتصويره وجوداً واحداً مستمراً علي ما مر تقريبه في كلمات العلمين، وظاهر السيد الاستاد قدس سره قبوله والالتزام به في المقام حسب ما يراه العرف، فالمورد انما يصير كغيره من الموارد القارة المحدودة بين الحدين مع الشك في انتهائه.
فهو علي يقين من وجوده وتحققه وشك في بقائه من جهة انه لا يعلم ان امده وانتهائه هل تحقق ام لا؟
وبما انه يمكن عدم انتهائه كما يمكن انتهائه بمعني ان كلا شقي الترديد ممكن محتمل وليس احد طرفي القضية معلوماً متيقناً فإنما يتحقق الشك في البقاء لا محالة، وبه يتحقق ما يؤخذ في دليل الاستصحاب من النهي عن النقض باليقين.
نعم.
اذا التزمنا بعدم تمامية تصوير كون مجموع آنات الزمان امراً واحداً مستمراً عرفاً، كما مر من الشيخ حيث انه قدس سره ما جزم به في خصوص الزمان، فإن الشك ليس في بقاء النهار بل كان الشك في ان الآن اللاحق نهاراً او ليلاً حيث انه لو تم ووصل امده لكان ليلاً والا كان نهاراً، فالآن المذكور ليست له الحالة السابقة النهارية وكان متعلقاً للشك.
ولكن قد عرفت ان المستصحب والموضوع في الاستصحاب في المقام قابل لتصوير الوحدة فيه ولو مسامحة من ناحية العرف، وهو كاف في جريان الاستصحاب.
نعم، يمكن نفي هذا التصوير اي الوحدة والاستمرار في خصوص الزمان كما فعله الشيخ قدس سره، وإن التزم به في الزماني.
[1] الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم، منتقى الأصول تقرير البحث السيد محمد الروحاني، ج6، ص183 ـ184.