بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه ششم
وربما يشكل جريان الاستصحاب في المقام:
بأن استصحاب الزمان كاستصحاب النهار لا يتكفل اكثر من اثبات وجود النهار واستمرار وجوده بحسبه.
وإذا كان الزمان المذكور كالنهار ظرفاً لحكم مثل الامساك في باب الصوم حيث اخذ فيه الوقوع في النهار، فإنه يلزم احراز وقوع الامساك في النهار.
وتمام المشكل هنا ان استصحاب بقاء النهار لا ينفع في اثبات وقوع الامساك في النهار ومعه فلا فائدة في جريانه، لأن الاثر اثبات وقوع الامساك في النهار، واثباته بالاستصحاب المذكور مثبت.
نعم:
لو كان وجود النهار موضوعاً للحكم من دون ان تقيد به متعلقه كان استصحاب النهار مجدياً في اثبات الحكم.
وبالجملة: انه لا ينفع استصحاب الزمان الخاص في الموارد التي يؤخذ فيها قيداً لمتعلق حكم كالصوم والصلاة ونحوهما. واغلب الموارد التي يراد استصحاب الزمان فيها من هذا القبيل.
وقد مر التزام الشيخ قدس سره بالاشكال فيما مر من كلام في الرسائل.
وأجاب عنه المحقق العراقي قدس سره بوجوه:
الاول:
ان الزمان لم يؤخذ في متعلق الحكم اصلاً، وإنما هو شرط لأصل ثبوت الحكم. والحكم متعلق بالطبيعة بلا تقييد وقوعها في الزمان الخاص، وعليه فإنما يثبت الحكم باستصحاب موضوعه، ولا قيمة لعدم ثبوت ان الآن المشكوك من النهار او ثبوته.[1]
الثاني:
انه كما يمكن جريان استصحاب بقاء النهار بفرض الوحدة العرفية بين الاجزاء المتدرجة في الوجود. كذلك يمكن استصحاب نهارية الموجود، لأن وصف النهارية من الاوصاف التدريجية كذات الموصوف، ويكون حادثاً بحدوث الآنات، وباقياً ببقائها، فإذا اتصف بعض هذه الآنات بالنهارية وشك في اتصاف الزمان الحاضر بها يجري استصحاب بقاء النهارية الثابتة للزمان السابق لفرض وحدة الموصوف، فيكون الشك شكاً بالبقاء.[2]
الثالث:
ان الزمان لم يؤخذ في المتعلق قيداً للفعل بحيث كان المتعلق الفعل الخاص علي نحو التقييد، بل اخذ المتعلق علي نحو المعيّة في الوجود والمقارنة.
وبعبارة اخري:
انما يعتبر الزمان والفعل بنحو التركيب والاجتماع في الوجود، وهذا مما يثبت بالاستصحاب، لأنه يثبت احد الجزئين وهو الزمان بالاستصحاب والجزء الآخر يثبت بالوجدان.
وأورد عليه السيد الاستاذ قدس سره:
اما بالنسبة الي الوجه الاول فأفاد:
«.. لكن للمناقشة فيه مجال واسع، فإنه مخالف لظواهر الادلة كأدلة اشتراط الوقت في الصلاة، ودليل الصوم الظاهر في لزوم كون الصوم في رمضان كقوله تعالي: «فمن شهد منكم الشهر فليصمه.[3]» [4]
اما بالنسبة الي الوجه الثاني فأفاد:
«وما افاده لا يمكن البناء عليه لأمرين:
الاول:
ان وصف النهارية ونحوها ليس أمرا آخر وراء ذوات الآنات الواقعة بين المبدأ والمنتهى ، فلفظ النهار لا يعبر إلا عن تلك الذات لا عن عرض قائم بالذات غيرها ، فهو اسم للذات لا وصف لها ، فهو نظير لفظ زيد بالنسبة إلى ذاته ، ولفظ حجر إلى ذات الحجر ، لا نظير عالم بالنسبة إلى زيد .
وعليه ، فلا معنى لاجراء الاستصحاب في وصف النهارية منضما إلى استصحاب نفس الذات النهارية ، فإنه من قبيل استصحاب وجود زيد واستصحاب زيديته لا من قبيل استصحابه واستصحاب عالميته .
[1] المحقق العراقي، نهاية الافكار، ج4، ص150.
[4] الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم، منتقى الأصول تقرير البحث السيد محمد الروحاني، ج6، ص187.