تنبیهات الاستصحاب/ استصحاب الزمان / جلسه بیستم
صوت درس:
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بیستم
وأورد عليه ثانياً:
«وأما ثانياً: فلأن ما ذكره من استصحاب عدم الجعل والسببية في صورة الشك في الرافع، غير مستقيم.
لأنا إذا علمنا أن الشارع جعل الوضوء علة تامة لوجود الطهارة، وشككنا في أن المذي رافع لهذه الطهارة الموجودة المستمرة بمقتضى استعدادها، فليس الشك متعلقا بمقدار سببية السبب، وكذا الكلام في سببية ملاقاة البول للنجاسة عند الشك في ارتفاعها بالغسل مرة.
فإن قلت:
إنا نعلم أن الطهارة بعد الوضوء قبل الشرع لم تكن مجعولة أصلا، وعلمنا بحدوث هذا الأمر الشرعي قبل المذي، وشككنا في الحكم بوجودها بعده، والأصل عدم ثبوتها بالشرع.
قلت:
لا بد من أن يلاحظ حينئذ أن منشأ الشك في ثبوت الطهارة بعد المذي، الشك في مقدار تأثير المؤثر - وهو الوضوء – وأن المتيقن تأثيره مع عدم المذي لا مع وجوده.
أو أنا نعلم قطعا تأثير الوضوء في إحداث أمر مستمر لولا ما جعله الشارع رافعا.
فعلى الأول:
لا معنى لاستصحاب عدم جعل الشئ رافعا، لأن المتيقن تأثير السبب مع عدم ذلك الشئ، والأصل عدم التأثير مع وجوده، إلا أن يتمسك باستصحاب وجود المسبب، فهو نظير ما لو شك في بقاء تأثير الوضوء المبيح - كوضوء التقية بعد زوالها - لا من قبيل الشك في ناقضية المذي.
وعلى الثاني:
لا معنى لاستصحاب العدم، إذ لا شك في مقدار تأثير المؤثر حتى يؤخذ بالمتيقن.
وأورد عليه ثالثاً بقوله:
«وأما ثالثاً: فلو سلم جريان استصحاب العدم حينئذ، لكن ليس استصحاب عدم جعل الشئ رافعا حاكما على هذا الاستصحاب، لأن الشك في أحدهما ليس مسببا عن الشك في الآخر، بل مرجع الشك فيهما إلى شئ واحد، وهو: أن المجعول في حق المكلف في هذه الحالة هو الحدث أو الطهارة.
نعم، يستقيم ذلك فيما إذا كان الشك في الموضوع الخارجي - أعني وجود المزيل وعدمه - لأن الشك في كون المكلف حال الشك مجعولا في حقه الطهارة أو الحدث مسبب عن الشك في تحقق الرافع، إلا أن الاستصحاب مع هذا العلم الإجمالي بجعل أحد الأمرين في حق المكلف غير جار» [1].
هذا تمام ما افاده الشيخ في دفع مقالة الفاضل النراقي.
[1] الشيخ الانصاري، فرائد الاصول، ج3، ص205 ـ 212.