بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سی و دوم
واما قول صاحب العروة: بل مطلقاً على الأحوط الا اذا كانت واسعة جدّاً فلهم التصرّف في بعضها حينئذٍ مع البناء على إخراج الحجّ من بعضها الآخر كما في الدين، فحاله حال الدين[1].
فهذه هي الصورة الثانية في المسألة وهو ما اذا كانت التركة أزيد من مصرف الحج أو الدين، فالتزم فيها بعدم جواز التصرف على الاحوط.
قال السيد الحكيم:
«كما عن جامع الشرائع، و ميراث القواعد، و حجر الإيضاح و رهنه و غيرها. فلم يفرق فيها بين المستغرق و غيره في المنع عن التصرف، إذ لا أولوية لبعض من بعض في اختصاص التعلق به. و لأن الأداء لا يقطع بكونه بذلك البعض، لجواز التلف.
و لما دل على تعليق الإرث بمطلق الدين.
و الجميع كما ترى.
و لذا كان مختار جامع المقاصد و غيره: الجواز.
و يشهد له:
صحيح البزنطي بإسناده: «أنه سئل عن رجل يموت و يترك عيالًا و عليه دين، أ ينفق عليهم من ماله؟ قال (ع): إن استيقن أن الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق، و إن لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال»[2]
و نحوه موثق عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن (ع)[3].
و منهما يستفاد عدم جواز التصرف فيما يساوي الدين.
لكن الظاهر منهما التصرف المتلف، فلا تعرض فيهما لغيره، و إن كان لا يخلو من تأمل.
و من ذلك يظهر لك الاشكال فيما ذكره المصنف (ره)، من التوقف في الجواز إلا إذا كانت واسعة جداً، إذ ليس في الصحيح و غيره إشارة إلى التفصيل بين الواسعة و غيرها.
فان بني على العمل بالنص كان اللازم الجزم بالجواز فيما زاد على الدين، و إلا كان اللازم التوقف حتى في الواسعة.
و في حاشية بعض الأعاظم:
«لا يبعد جواز التصرف حتى في المستغرق أيضاً مع تعهد الأداء. لكن الأحوط أن يكون برضى الديان».
و فيه:
أنه لا وجه لجواز التصرف بمجرد الضمان إذا لم يرض الديان، إذ لا دليل على فراغ ذمة الميت بذلك، فاللازم الرجوع إلى صحيح البزنطي و نحوه لبقاء الدين بحاله.
نعم إذا رضي الديان بالضمان فقد برئت ذمة الميت، كما في صحيح ابن سنان:
«في الرجل يموت و عليه دين، فيضمنه ضامن للغرماء.قال (ع): إذا رضي الغرماء فقد برئت ذمة الميت»[4].
و إذا انتفى الدين لم يكن مانع من ملك الوارث، و لا من جواز تصرفه به. ثمَّ إن المنع من التصرف الناقل- بناء على انتقال التركة إلى الوارث- يختص بالتصرف الذي لا يكون مقدمة لوفاء الدين، أما ما يكون مقدمة له فلا بأس به. فاذا باع الورثة التركة بقصد وفاء الدين من الثمن صح ذلك البيع، لأن التصرف المذكور مما يقتضيه الدين فلا يمنع عنه.
و كذا لو باع الراهن العين المرهونة بقصد وفاء الدين الذي عليه الرهن، فانه لا يمنع عنه الدين، لانه مما يقتضيه فلاحظ»[5]
[1] . السيد اليزدي، العروة الوثقى، ج4، ص459-460.
[2] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج19، ص332 ، الباب 29 من ابواب الوصايا الحديث 1.
[3] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج؟، ص؟ الباب29 من ابواب الوصيا الحديث 2.
[4] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، الباب 91، من ابواب الوصايا الحديث 1.
[5] . السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص: 253-252.