بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سی و چهارم
وأما موثقة عبدالرحمن بن الحجاج
فهی ما رواه الشيخ في التهذيبين بأسناده عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة عن الحسين بن هاشم ومحمد بن زياد جميعاً عن عبدالرحمن ابن الحجاج عن أبي الحسن (ع)
عن رجل يموت ويترك عيالاً وعليه دين أينفق عليهم من ماله؟
قال: ان كان يستيقن ان الذي ترك يحيط بجميع دينه فلا ينفق عليهم، وان لم يكن يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال»[1].
ودلالة هذه الرواية كسابقتها اي رواية البزنطي بل انها نفس الرواية بطريق آخر.
اما جهة السند فيها:
فرواه الشيخ باسناده عن حميد بن زياد، واسناده اليه صحيح في المشيخة
وأما حميد بن زياد: فهو حميد بن زياد بن عماد بن زياد الدهقان، وثقه الشيخ في الفهرست، والنجاشي والعلامة وابن شهر آشوب وهو من الطبقة الثامنة ومن مشايخ الكليني.
وهو رواه عن الحسن بن محمد بن سماعة الكندي الصيرفي:
قال النجاشي: من شيوخ الواقفة كثير الحديث فقيه ثقة وكان يعاند في الوقف ويتعصب[2].
وقال الشيخ في الفهرست...واقفي المذهب الا انه جيد التصانيف نقي الفقه حسن الانتقاد. وعده في رجاله من أصحاب الكاظم (ع) وقال انه واقفي.
وأفاد العلامة في الخلاصة: واقفي المذهب الا انه جيد التصانيف نقي الفقه حسن الانتقاد كثير الحديث فقيه ثقة كان من شيوخ الواقفية يعاند في الوقف ويتعصب.
وقد مرَّ التفصيل فيه وانه ليس من ولد سماعة بن مهران وهو من الطبقة السابعة.
وهو رواه عن: الحسين بن هاشم، ومحمد بن زياد:
اما الاول: وهو الحسين ابن أبي سعيد هاشم بن حيان لا تنصيص على وثاقته في كتب الرجال وهو من الطبقة السادسة.
واما الثاني: فهو محمد بن زياد العطار والظاهر انه محمد بن الحسن بن زياد العطار.
قال النجاشي... كوفي ثقة روى أبوه عن أبي عبدالله[3]
ومثله العلامة في الخلاصة[4]. وعده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق(ع).
وهو من الطبقة السادسة.
وهما رويا عن
عبدالرحمن بن الحجاج البجلي بياع السابري:
قال النجاشي: سكن بغداد ورمي بالكيسانية روي عن أبي عبدالله (ع) وأبي الحسن(ع) وبقي بعد أبي الحسن ورجع الى الحق ولقي الرضا وكان ثقة ثقة ثبتاً وجهاً[5].
وعده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق ومن أصحاب الكاظم.
وقال العلامة بما يقرب من عبارة النجاشي وزاد: كان وكيلاً
لابي عبدالله (ع) ومات في عصر الرضا وعلى ولايته.
روي عنه جماعة من الاجلاء منهم محمد بن أبي عمير وهو من الطبقة الخامسة.
واما ما استدل به لاعتبار رضاء الديان بالضمان
فهو ما رواه الصدوق باسناده عن الحسن بن محبوب عن عبدالدين سنان عن أبي عبدالله (ع) في الرجل يموت وعليه دين فيضمنه ضمان للغرماء قال: اذا رضي الغرماء فقد برئت ذمة الميت»[6].
وجهة الدلالة فيه واضحة.
لأن الامام (ع) أعتبر رضى الغرماء عند تضمين ضامن لدينهم سواء كان الضامن المذكور الورثة أو غيره، فاذا ضمن برئت ذمة الميت عن الدين وجاز للورثة التصرف فيما تركه الميت لولا الوصية أو غيره مما وجب عليه.
اما جهة السند فيه
فان فيه اسناد الصدوق الى الحسن بن محبوب واسناده اليه صحيح والحسن بن محبوب السراد أو الزراد من أجلاء الثقات وقد مرَّ انه وثقه الشيخ في كتابيه وابن ادريس في السرائر والعلامة وهو من اصحاب اجماع الكشي ومن الطبقة السادسة وهو رواه عن عبدالله بن سنان.
وهو ممن وثقه النجاشي والشيخ في الفهرست وابن شهرآشوب والعلامة وروى الكشي انه من ثقات أبي عبدالله (ع) وهو من الطبقة الخامسة فالرواية صحيحة.
وافاد السيد الخوئي (قدس سره):
«و أما الثانية: ـ وهي ما إذا كانت التركة أزيد من الدين أو من مصرف الحج- فالصحيح فيها جواز التصرف في غير مقدار الدين و مصارف الحج فان المال على القول الصحيح لا ينتقل إلى الورثة بمقدار الدين و انما ينتقل المال إليهم في المقدار الزائد على الدين و قد عرفت انه لا مانع من ملكية الميت فالميت يملك كليا معينا من التركة و الوارث يملك الباقي من المال المتروك و يجوز له التصرف بالمقدار الذي يملكه و له تطبيق الكلي على الافراد الخارجية نظير بيع صاع من صبرة فمقتضى القاعدة جواز التصرف.
مضافاً:
إلى السيرة القطعية القائمة على جواز التصرف للورثة و ان كان الميت مديونا، و حمل السيرة على ما إذا كان الميت غير مديون أصلا حمل على فرد نادر جدا فإن الأموات حتى الأغنياء قد يخلقون الدين و لا أقل من مهر زوجته.
و ذهب جماعة إلى عدم جواز التصرف حتى في فرض زيادة التركة على الدين و لم يفرقوا بين المستغرق و غيره في المنع عن التصرف كما ان المصنف احتاط في ذلك.
و لعله لأجل ان المال متعلق حق الغرماء و لا يكون متشخصا.
و لكن قد عرفت:
ان الميت بنفسه يملك و ينتقل المال المساوي أو بمقدار الدين إلى الغرماء رأسا و البقية تنتقل إلى الورثة و يجوز لهم التصرف في المقدار الزائد على نحو جواز التصرف فيما إذا باع صاعا من صبرة.
و أما ما فصله المصنف (رحمه اللّه) من عدم جواز التصرف حتى إذا كانت التركة أزيد من الدين و جوازه إذا كانت التركة واسعة كثيرة جدا
فلم يظهر لنا وجهه و لعله اعتمد على السيرة و على ان القدر المتيقن منها ما إذا كانت التركة واسعة جدا
هذا كله ما يقتضيه القاعدة و كذلك النص فان المستفاد منه التفصيل بين الاستغراق و عدمه من دون فرق بين كون التركة واسعة جدا أم لا كما في موثق عبد الرحمن ابن الحجاج بالحسن بن محمد بن سماعة عن أبي الحسن- ع- (عن رجل يموت و يترك عيالا و عليه دين أ ينفق عليهم من ماله؟ قال: ان كان يستيقن ان الذي ترك يحيط بجميع دينه فلا ينفق و ان لم يكن يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال) .
و نحوه خبر البزنطي و عبر عنه (بالصحيح) في كلمات بعضهم يزعم ان البزنطي أسند إلى الامام- ع- و سأل عنه و لكن الموجود في التهذيب (بإسناد له) أي: بطريق له. و الطريق مجهول عندنا فيصبح الخبر ضعيفا.»[7].
ويمكن ان يقال:
انه اذا كانت التركة أزيد من الدين او من مصرف الحج فان الوجه جواز تصرف الورثة فيها ما لم يصل الى التصرف فيما يعادل مصرف الحج أو حق الديان.
ووجه الجواز قوله (ع): «ان استيقن ان الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق عليهم وان لم يستيقن فلينفق عليهم...» في صحيحة البزنطي وموثقة عبدالرحمن بن الحجاج.
ولانه مقتضى القاعدة، اذ المفروض ان الميت انما يملك مما تركه بمقدار الدين أو مصرف الحج، مما لا ينتقل الى الورثة فيكون ما يملكه الميت كلياً معيناً من التركة وكان الباقي للوارث.
وان الوارث له تطبيق هذا الكلي على الدين و غيره وقد مرَّ في محله ان حق الاختيار للمكلف في تعيين ما يعادل الخمس من أمواله أو الزكاة وكذا في أداء الدين وهذا حق ينتقل الى الورثة فان لهم اختيار بعض المال ما يعادل الدين.
وانما قيدنا بان لهم التصرف في التركة ما لم يصل الى حد ما يعادل الدين أو مصرف الحج كما هو الحال في بيع صاع من الصبرة.
هذا ثم إنَّ ما أفاده صاحب العروة (قدس سره) من التوقف في جواز التصرف فيما كانت التركة أزيد من الدين أو من مصرف الحج الا اذا كانت واسعة جداً اي التفصيل في جواز التصرف بين كون التركة واسعة جداً بالنسبة الى الدين، أو غير واسعة بالمنع في الأخير والجواز في الأول. فلا وجه له بعد ما عرفت مقتضى النصوص والقاعدة.
نعم، ان التزامه بعد جواز التصرف فيما كانت التركة أزيد مبني على الاحتياط بقوله: «بل مطلقاً على الاحوط الا اذا كانت واسعة. لعله كان لاجل ذهاب جمع الى عدم جواز التصرف فيما تركه المديون ولو كان واسعاً مادام لا يخرج الدين أو مصرف الحج لما ورد من تعليق الإرث بمطلق الدين ومثلهم العلامة في ميراث القواعد وحجر الايضاح ورهنه.
ولكنه لا وجه له بعد ما عرفت.
ثم انه بناءً على كون الدين أو مصرف الحج مستغرقاً للتركة جاز للورثة التصرف فيما تركه الميت اذا تضمنوا الدين كما هو الحال لو تضمنه أجنبي، ولكن في هذا التضمين يلزم موافقة الديان كما مرَّ ولا يكفي صرف التضمين منهم في جواز التصرف، لان للديان حق عدم قبوله كما في جميع موارد الضمان، فما أفاده المحقق النائيني (قدس سره) في حاشيته من ان رضاء الديان هو الاحوط لانعرف وجهه مع عدم لزوم القبول مع عدم كون الضامن له الاهلية للتضمين.
وقد مر في صحيحة عبدالله بن سنان:
في الرجل يموت وعليه دين، فيضمنه ضامن للغرماء قال (ع): اذا رضي الغرماء فقد برئت ذمة الميت.
وهي دليل على اعتبار قبولهم مضافاً الى ما مرَّ من كونه مقتضى القاعدة.
ولذا أفاد السيد البروجردي في حاشيته على قول صاحب العروة «بل مطلقا على الاحوط»
«لا يترك مطلقاً، وكذا في الدين الا مع تأديته او الضمان مع قبول ولي أمره ورضا الغرماء»
والنكتة فيها انه لو كان الضامن أجنبياً فانما يحتاج الضمان الى قبول من ولي أمر الميت مضافاً الى رضا الغرماء، اذ ربما لا يرون أولياء أمر المصلحة في تضمين الغير لكونه دون شأن الميت أو شأنهم، وافاد المحقق العراقي في ذيل قول صاحب العروة: «الا اذا كانت واسعة جداً.»
«في التفصيل نظر جداً لعدم مساعدة دليل عليه.
نعم الذي يسهل الخطب جواز التصرف في الزائد عن الدين في غير الستغرق، لان تعلق حقهم بالتركة من قبيل تعلق الكلي بالمعين لا من باب الاشاعة كما هو ظاهر من راجع مدركه من آية البعدّیة».
[1] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج19، ص332. الباب 29 من ابواب كتاب الوصايا الحديث 1.
[3] . رجال النجاشي، ص369.
[4] . العلامة الحلي، خلاصة الاقوال، ص160.
[5] . رجال النجاشي، ص237-237.
[6] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 19، ص426 باب 91 الحديث 1.
[7] السيد الخوئي، مستند العروة، الحج، ج1، ص305-307.