بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سی و پنجم
هذا تقريب الشيخ لدفع اشكال صاحب المناهل، وتقريبه لجريان الاستصحاب التعليقي.
وأفاد صاحب الكفاية في دفعه وتقريب جريان الاستصحاب التعليقي:
ان ما يقوم به الاستصحاب من اليقين بالحدوث والشك في البقاء انما يتحقق في الأمور التعليقية، ومعه لا محذور في جريان الاستصحاب فيها.
وغاية ما يقال في نفيه: ان الحكم التعليقي لا وجود له قبل وجود ما علق عليه، فلا يتحقق اليقين فيه بالحدوث.
ولكنه يقال في دفعه:
بأنه وإن لا وجود له فعلاً قبل الشرط، الا انه ليس معناه انه لا وجود له اصلاً ولو بنحو التعليق، بل المنفي هنا وجوده الفعلي دون اصل وجوده، فإن وجوده التعليقي نحو من الوجود، ويكون متعلقاً لليقين والشك، ولذا كان متعلقاً للخطابات الشرعية من ايجاب وتحريم.
كما افاد قدس سره في بيان آخر بقوله: وبالجملة:
ان الاستصحاب متمم لدلالة الدليل علي الحكم فيما كان في بقائه اهمال او اجمال بلا فرق في الحكم بين ان يكون مطلقا او معلقا.
وببركة جريانه انما يعم الحكم للحالة العارضة اللاحقة كالحالة السابقة مثلاً: انما يحكم بأن العصير الزبيبي يكون علي ما كان عليه سابقاً في حال عنبيته بمقتضي الاستصحاب، وبعد طرو الحالة الطارئة عليه اي صيرورته زبيباً. بلا فرق في الحكم المذكور بين ان يكون من احكامه المطلقة او المعلقة، فإذا شك فيه فإنما يحكم ببقائه. كما في الحكم بملكيته، فإنه كما يحكم بملكية العنب علي تقدير غليانه، كذلك يحكم بملكيته وبقاء هذه الملكية في صورة صيرورته زبيباً، علي تقدير غليانه. ولا فرق بين الحكم ببقاء ملكيته علي تقدير غليانه وبين الحكم بحرمته علي تقديره.
ثم اورد صاحب الكفاية اشكالاً علي نفسه بقوله: ان قلت:
وحاصله:
انه لا مجال لجريان الاستصحاب التعليقي في المقام بابقاء الحرمة في العصير العنبي اذا غلي بالنسبة الي صورة صيرورته زبيباً اذا غلي وذلك:
لأن استصحاب الحرمة المعلقة من حال العنبية الي حال الزبيبة انما يعارض باستصحاب الحلية المطلقة من حال العنبية الي حال الزبيبية، ومع تعارضهما يسقطان ويرجع في مورده الي الأصل ومراده من الاستصحاب المعارض ان العصير العنبي باطلاقه وفي صورة عدم غليانه محكوم بالحلية، فستصحب هذه الحلية بعد صيرورته زبيباً.
وأجاب عنه قدس سره بما حاصله:
ان التعارض فرع تنافي الدليلين، وفي المقام لا تنافي بين هذين الاستصحابين.
وذلك: لأن معني الحلية المطلقة حلية العصير العنبي قبل غليانه، وهذا الحكم ثابت في العصير العنبي قبل الغليان. ومن الممكن استصحاب هذا الحكم الي صورة صيرورة العنب زبيباً.
ولكن هذه الحلية المطلقة كانت مغياة بعدم الغليان. والحلية المغياة به لا تنافي الحرمة المعلقة علي الغليان.
فإنه لا شبهة ان الحكم بالحلية في حالة العنبية ثابت بعد صيرورة العنب زبيباً، وهو لا ينافي الحكم بالحرمة فيها اذا غلي، فإنه لا تنافي بين الحكمين في صورة حصول القطع بهما، فكيف يتصور التنافي بينهما بالاستصحاب؟
فإن الغليان في مثال العنب كما كان شرطاً للحرمة كذلك كان غاية للحلية، وإذا حصل لنا الشك في الحرمة المعلقة بعد عروض الحالة الزبيبية، فإنما يحصل الشك في الحلية المغياة ايضاً، ومعه انما يصح بقائهما معا في حال الزبيبية بالاستصحاب من غير تضاد بينهما بوجه.
وعليه فإن استصحاب الحرمة المعلقة يوجب انتفاء الاباحة في فرض عروض الغليان في الخارج بالذي هو شرط الحرمة وغاية امد الحلية، فلا حكم فعلي معه الا الحرمة.
فإن التعارض انما يتحقق بين الحكم بالحرمة والحكم بالحلية اذا كانا مطلقين، او مشروطين بشرط واحد، وأما اذا كان احدهما مطلقا والآخر مشروطاً فلا معارضة بينهما.
وفي المقام ان احدهما وهو الحرمة مشروط بأمر وجودي هو الغليان والآخر اي الحلية مشروط بنقيضه اي عدم الغليان، فلا محذور في اجتماعهما ولا وجه لتعارضهما لعدم تضادهما بوجه. فإنه لا تنافي بينهما في صورة حصول العلم بهما وثبوتهما بالعلم فضلاً عن صورة ثبوتهما بالاستصحاب.
ثم ان صاحب الكفاية افاد في حاشية تقريبه في دفع الاشكال:
فالتفت ولا تغفل.
وأفاد في حاشيه له في وجهه:
«كي لا نقول في مقام التفصي عن اشكال المعارضة: إن الشك في الحلية فعلا بعد الغليان يكون
مسببا عن الشك في الحرمة المعلقة، فيشك بأنه لا ترتب بينهما عقلا ولا شرعا، بل بينهما ملازمة
عقلا، لما عرفت من أن الشك في الحلية أو الحرمة الفعليين بعده متحد مع الشك في بقاء حرمته
وحليته المعلقة، وإن قضية الاستصحاب حرمته فعلا، وانتفاء حليته بعد غليانه، فإن حرمته
كذلك وإن كان لازما عقلا لحرمته المعلقة المستصحبة، إلا أنه لازم لها، كان ثبوتها بخصوص
خطاب، أو عموم دليل الاستصحاب، فافهم.
وقد تعرض الشيخ قدس سره لهذا الاشكال في الرسائل وقال:
«نعم، ربما يناقش في الاستصحاب المذكور: تارة بانتفاء الموضوع وهو العنب.
وأخرى بمعارضته باستصحاب الإباحة قبل الغليان، بل ترجيحه عليه بمثل الشهرة والعمومات.
وكلا المناقشتين يكون من صاحب المناهل قدس سره.