إذا أقر بعض الورثة بوجوب الحج على المورث/ جلسه سی و ششم
صوت درس:
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سی و ششم
قال صاحب العروة:
«مسألة 85:
« إذا أقر بعض الورثة بوجوب الحج على المورث وأنكره الآخرون لم يجب عليه إلا دفع ما يخص حصته بعد التوزيع ، وإن لم يف ذلك بالحج لا يجب عليه تتميمه من حصته ، كما إذا أقر بدين وأنكره غيره من الورثة ، فإنه لا يجب عليه دفع الأزيد ، فمسألة الإقرار بالحج أو الدين مع إنكار الآخرين نظير مسألة الإقرار بالنسب ، حيث إنه إذا أقر أحد الأخوين بأخ آخر وأنكره الآخر لا يجب عليه إلا دفع الزائد عن حصته ، فيكفي دفع ثلث ما في يده ، ولا ينزل إقراره على الإشاعة على خلاف القاعدة للنص »[1]
قال السيد الحكيم:
« لأن الحج بمنزلة الدين ، وذلك التحصيص من أحكام الدين . أما الأول فلما تقدم من صحيح معاوية بن عمار في مسألة اخراج الحج من الأصل[2].
ويقتضيه ظهور اللام في قوله تعالى : ( ولله على الناس . . ) على ما عرفت .
وأما الثاني: فهو المعروف ، وفي الجواهر : " بلا خلاف محقق معتد به أجده في شئ من ذلك عندنا نصا وفتوى . . " .
ويشهد له : خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : " في رجل مات ، فأقر بعض ورثته لرجل بدين . قال ( عليه السلام ) : يلزمه ذلك في حصته[3].
ودلالته على المدعى غير ظاهرة .
وفي الوسائل " حمله الشيخ على أنه يلزم بقدر ما يصيب حصته لما يأتي " . ويريد بما يأتي : خبر أبي البختري وهب ابن وهب ، عن جعفر بن محمد (ع) ، عن أبيه (ع) قال: قضى علي (ع) في رجل مات وترك ورثة ، فأقر أحد الورثة بدين على أبيه : أنه يلزمه ذلك في حصته بقدر ما ورث ، ولا يكون ذلك في ماله كله . وإن أقر اثنان من الورثة ، وكانا عدلين أجيز ذلك على الورثة ، وإن لم يكونا عدلين ألزما في حصتهما بقدر ما ورثا . وكذلك إن أقر بعض الورثة بأخ أو أخت ، إنما يلزمه في حصته.
لكن الخبر ضعيف السند.
مع احتمال كون المراد أن الدين يلزم المقر في حصته من الميراث لا في تمام ماله الذي ملكه بغير ميراث .
فالعمدة - إذا - الاجماع على التحصيص في الدين على حسب نسبة الحصة .
ولولا ذلك لزم البناء على وجوب وفاء الدين بتمامه على المقر ولو بتمام حصته ، لأن حق الديان قائم بالتركة بتمامها لا على نحو الإشاعة ، بل على نحو قيام الكلي في المعين أو الكلي بالكل والبعض ، نظير حق الرهانة ولذا لو كان بعض التركة مغصوبا في حال حياة الميت أو بعد وفاته ، أو تلف بعد وفاته يتعين الوفاء من الباقي . ولا فرق بينه وبين المقام إلا في أن استيلاء الوارث المنكر للدين على حصته لم يكن بنحو الغصب ، بل بنحو يكون معذورا في الانكار ، وربما لا يكون معذورا في الانكار فيكون غاصبا .
وبالجملة:
الفرق بين تعذر الوفاء - لغصب أجنبي ونحوه - وبين تعذر الوفاء - لانكار الوارث أو تمرده - غير ظاهر ، فإذا بني على وجوب الوفاء بما يمكن الوفاء به في الأول يتعين البناء عليه في الثاني . نعم الفارق الدليل ، وحينئذ يقتصر على مورده ، وهو صورة اقرار بعض الورثة وانكار الآخر .
أما صورة علم بعض الورثة وجهل الآخر أو تمرده فخارجة عن مورد الدليل ، فيرجع فيها الى ما ذكرنا.
والبناء على عدم الفرق بين الصور غير ظاهر . وأشكل منه : ما إذا كان الاختلاف بين الورثة للاختلاف في الاجتهاد والتقليد ، فإنه يتعين فيه الرجوع إلى مجتهد آخر لحل النزاع وحسم الخصومة إن كان قد أدى إلى النزاع والخصومة . وسيأتي التعرض له في المسألة الواحدة بعد المائة ، فانتظر.»[4]
[1] السيد اليزدي، العروة الوثقى، ج4، ص460.
[2] . في صحيحة معاوية بن عمار السابقة عن ابي عبد الله (عليه السلام) في رجل توفي واوصى ان يحج عنه قال: (ع) ان كان صرورة فمن جميع المال وان كان تطوعا فمن ثلثه. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص66، الباب 35 من ابواب وجوب الحج الحديث 3.
[3] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج19، ص324، الباب 26 من ابواب الوصايا الحديث 3.
[4] . السيد الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص256.