English | فارسی
چهارشنبه 13 آذر 1398
تعداد بازدید: 1097
تعداد نظرات: 0

تنبیهات الاستصحاب/ التنبیه السادس / جلسه سی و هشتم

صوت درس:

بسم الله الرحمن الرحيم

جلسه سی و هشتم

 

التنبيه السادس:

«... قد اصطلح على بعض أقسام الاستصحاب بالاستصحاب التعليقي، وقيل بحجيته.

والأقوى: ان الاستصحاب التعليقي مما لا أساس له إلا على بعض الوجوه المتصورة فيه، وتحقيق الكلام في ذلك يستدعي تقديم أمور:

 الأول:

يعتبر في الاستصحاب الوجودي أن يكون المستصحب شاغلا لصفحة الوجود في الوعاء المناسب له: من وعاء العين أو وعاء الاعتبار، إذ لا يعقل التعبد ببقاء وجود مالا وجود له، وكذا يعتبر في الاستصحاب أن يكون المستصحب حكما شرعيا أو موضوعا ذا حكم شرعي حتى يصح التبعد ببقائه باعتبار حكمه، وأما الموضوعات التي لا يترتب على بقائها أثر شرعي فلا معنى للتعبد بها، وذلك كله واضح.

الامر الثاني:

الأسماء والعناوين المأخوذة في موضوعات الاحكام، كالحنطة والعنب والحطب ونحو ذلك من العناوين:

 تارة: يستفاد من نفس الدليل أو من الخارج أن لها دخلا في موضوع الحكم، بحيث يدور الحكم مدار بقاء العنوان ويرتفع الحكم بارتفاعه ولو مع بقاء الحقيقة، كما إذا علم أن لعنوان الحنطة دخلا في الحكم بالإباحة والطهارة، فيرتفع الحكم بهما بصيرورة الحنطة دقيقا أو عجينا أو خبزا.

وأخرى:

يستفاد من الدليل أو من الخارج أنه ليس للوصف العنواني دخل في الحكم، بل الحكم مترتب على نفس الحقيقة والذات المحفوظة في جميع التغيرات والتقلبات الواردة على الحقيقة التي توجب تبدل ما كان لها من العنوان والاسم إلى عنوان واسم آخر مع انحفاظ الحقيقة.

 وثالثة:

 لا يستفاد أحد الوجهين من الخارج أو من دليل الحكم، بل يشك في مدخلية العنوان والاسم في ترتب الحكم عليه.

ولا إشكال في حكم الوجهين الأولين.

 فإنه في الأول منهما: يجب الاقتصار في ترتب الحكم على بقاء العنوان، ولا يجوز ترتيب آثار بقاء الحكم مع زوال الوصف العنواني عن الحقيقة.

وفي الثاني:  

يجوز التعدي إلى غير ما اخذ في ظاهر الدليل عنوانا للموضوع، بل يجب ترتيب آثار بقاء الحكم في جميع التغيرات والتبدلات الواردة على الحقيقة وإن سلب عنها العنوان والاسم الذي كان لها أولا.

وبهذين الوجهين يجمع بين قولهم: الاحكام لا تدور مدار الأسماء وبين قولهم: إنها تدور مدار الأسماء. فان المراد من كونها لا تدور مدار الأسماء هو ما إذا كان الحكم واردا على نفس الحقيقة والذات بلا دخل للاسم والعنوان فيه، والمراد من كونها تدور مدار الأسماء هو أنه لو كان للعنوان والاسم دخل في الحكم، فلا يتوهم المناقضة بين القولين.

وقد عرفت: أن استفادة أحد الوجهين إنما يكون من الخارج أو من الدليل، ولا مجال للاستصحاب في كل من الوجهين، لأنه لا موقع للاستصحاب مع قيام الدليل على أحدهما.

وأما الوجه الثالث:

وهو ما إذا لم يحصل العلم بأحد الوجهين وشك في كون الوصف العنواني له دخل في الحكم أولا.

فان كانت المراتب المتبادلة والحالات الواردة على الحقيقة متباينة عرفا - بحيث تكون الذات الواجدة لعنوان خاص تباين الذات الفاقدة له وكان الوصف العنواني بنظر العرف مقوما للحقيقة والذات - كان ارتفاع الوصف عن الذات موجبا لانعدام الحقيقة عرفا، فلا إشكال أيضا في وجوب الاقتصار على ما اخذ في الدليل عنوانا للموضع ولا يجوز التعدي عنه، لان الذات الفاقدة للوصف موضوع آخر يباين ما اخذ في الدليل موضوعا للحكم،  ولا يجري فيه الاستصحاب، لأنه يلزم تسرية حكم من موضوع إلى موضوع آخر.

وأما إذا لم تكن المراتب المتبادلة موجبة لتغير الحقيقة والذات عرفا، بل كانت المراتب من الحالات التي لا يضر تبادلها في صدق بقاء الحقيقة وكانت الذات عرفا باقية ومحفوظة في جميع التبدلات والتقلبات الواردة عليها أو في بعضها، ففي مثل ذلك يجري استصحاب بقاء الحكم ويثبت بقائه في الحالات المتبادلة، ولا يضر في جريان الاستصحاب عدم صدق العنوان والاسم عند ارتفاع ما اخذ في ظاهر الدليل عنوانا للموضوع بعد بقاء الحقيقة على ما هي عليها.

فمورد الاستصحاب هو ما إذا كان دليل الحكم غير متكفل لحكم المشكوك فيه ولكن كان المشكوك فيه بنظر العرف عين المتيقن، سواء صدق على المشكوك اسم المتيقن أو لم يصدق عليه اسم المتيقن.

ولا يتوهم:

أنه مع صدق اسم المتيقن على المشكوك لا يحتاج في إثبات الحكم إلى الاستصحاب بل يكفي في ثبوت الحكم للمشكوك نفس الدليل الذي رتب الحكم فيه على المسمى بالاسم الكذائي.

 فإنه يمكن أن لا يكون لدليل الحكم إطلاق يعم صورة تبدل الحالة التي لا تضر ببقاء الاسم والعنوان، فنحتاج فني إثبات الحكم مع تبدل بعض حالات الموضوع إلى الاستصحاب.

الامر الثالث:

 المستصحب إذا كان حكما شرعيا، فإما أن يكون حكما جزئيا وإما أن يكون حكما كليا، ونعني بالحكم الجزئي هو الحكم الثابت على موضوعه عند تحقق الموضوع خارجا الموجب لفعلية الحكم - على ما تكرر منا من أن فعلية الحكم إنما يكون بوجود موضوعه في الخارج - فعند وجود زيد المستطيع خارجا يكون وجوب الحج في حقه فعليا، وهو المراد من الحكم الجزئي في مقابل الحكم الكلي، وهو الحكم المنشأ على موضوعه المقدر وجوده على نهج القضايا الحقيقية، كوجوب الحج المنشأ أزلا على البالغ العاقل المستطيع.

ثم إن الشك في بقاء الحكم الجزئي لا يتصور إلا إذا عرض لموضوعه الخارجي ما يشك في بقاء الحكم معه، ولا إشكال في استصحابه.

 وأما الشك في بقاء الحكم الكلي: فهو يتصور على أحد وجوه ثلاثه:

الأول:

الشك في بقائه من جهة احتمال النسخ، كما إذا شك في نسخ الحكم الكلي المجعول على موضوعه المقدر وجوده، فيستصحب بقاء الحكم الكلي المترتب على الموضوع أو بقاء سببية الموضوع للحكم، على القولين في أن المجعول الشرعي هل هو نفس الحكم الشرعي؟ أو سببية الموضوع للحكم؟ وقد تقدم تفصيل ذلك في الأحكام الوضعية.

وعلى كلا الوجهين المستصحب إنما هو المجعول الشرعي والمنشأ الأزلي قبل وجود الموضوع خارجا إذا فرض الشك في بقائه وارتفاعه لأجل الشك في النسخ وعدمه، ولا إشكال أيضا في جريان استصحاب بقاء الحكم على موضوعه وعدم نسخه عنه. ونظير استصحاب بقاء الحكم عند الشك في النسخ استصحاب الملكية المنشأة في العقود العهدية التعليقية، كعقد الجعالة والسبق والرماية، فان ملكية العوض المنشأة في هذه العقود غير الملكية المنشأة في عقد البيع والصلح، إذ العاقد في عقد البيع والصلح إنما ينشأ الملكية المنجزة.

 وأما في العقود التعليقية: فالعقد ينشأ الملكية على تقدير خاص، كرد الضالة في عقد الجعالة وتحقق السبق وإصابة الرمي في عقد السبق والرماية، فكانت الملكية المنشأة في هذه العقود تشبه الاحكام المنشأة على موضوعاتها المقدرة وجودها.

فلو شك في كون عقد السبق والرماية من العقود اللازمة التي لا تنفسخ بفسخ أحد المتعاقدين أو من العقود الجايزة التي تنفسخ بفسخ أحدهما يجري استصحاب بقاء الملكية المنشأة إذا فسخ أحد المتعاقدين في الأثناء قبل تحقق السبق وإصابة الرمي، كما يجري استصحاب بقاء الملكية المنشأة في العقود التنجيزية إذا شك في لزومها وجوازها.

وقد منع الشيخ قدس سره  في مبحث الخيارات من المكاسب عن جريان الاستصحاب في العقود التعليقية، مع أنه من القائلين بصحة الاستصحاب التعليقي في مثل العنب والزبيب، ويا ليته ! عكس الامر واختار المنع عن جريان الاستصحاب التعليقي في مثال العنب والزبيب والصحة في استصحاب الملكية المنشأة في العقود التعليقية، فلان حال الملكية المنشأة فيها حال الاحكام المنشأة على موضوعاتها  وكما يصح استصحاب عند الشك في نسخه ولو قبل فعليته بوجود الموضوع خارجاً  كذلك يصح استصحاب بقاء الملكية المعلقة عند الشك في بقائها ولو قبل فعليتها بتحقق السبق وإصابة الرمي خارجا.

الوجه الثاني:

الشك في بقاء الحكم الكلي على موضوعه المقدر وجوده عند فرض تغير بعض حالات الموضوع، كما لو شك في بقاء النجاسة في الماء المتغير الذي زال عنه التغير من قبل نفسه، ولا إشكال في جريان استصحاب بقاء الحكم في هذا الوجه أيضا، وهذا القسم من استصحاب الحكم الكلي هو الذي تعم به البلوى ويحتاج إليه المجتهد في الشبهات الحكمية ولا حظ للمقلد فيها.

 والفرق بين هذا الوجه من الاستصحاب الكلي والوجه الأول، هو أنه في الوجه الأول لا يتوقف حصول الشك في بقاء الحكم الكلي على فرض وجود الموضوع خارجا وتبدل بعض حالاته، لأن الشك في الوجه الأول إنما كان في نسخ الحكم وعدمه، ونسخ الحكم عن موضوعه لا يتوقف على فرض وجود الموضوع.

وأما الشك في بقاء الحكم الكلي في الوجه الثاني: فهو لا يمكن إلا بعد فرض وجود الموضوع خارجا وتبدل بعض حالاته، بداهة أنه لولا فرض وجود الماء المتغير بالنجاسة والزائل عنه الغير لا يعقل الشك في بقاء نجاسته، فلابد من فرض وجود الموضوع ليمكن حصول الشك في بقاء حكمه عند فرض تبدل بعض حالاته.

 نعم:

لا يتوقف الشك فيه على فعلية وجود الموضوع خارجا، فان فعلية وجود الموضوع إنما يتوقف عليه حصول الشك في بقاء الحكم الجزئي، وأما الشك في بقاء الحكم الكلي: فيكفي فيه فرض وجود الموضوع وتبدل بعض حالاته.

فهذا الوجه يشارك الوجه الأول من جهة وهي كون المستصحب فيه حكما كليا، ويفارقه من جهة أخرى وهي توقف حصول الشك فيه على فرض وجود الموضوع، بخلاف الوجه الأول.

نعم:

المستصحب في كل منهما لا يخلو عن نحو من التقدير والتعليق، فان المستصحب عند الشك في النسخ هو الحكم الكلي المعلق على موضوعه المقدر وجوده عند إنشائه وإن كان لا يحتاج إلى تقدير وجود الموضوع عند نسخه واستصحابه.

 والمستصحب في غير الشك في النسخ هو الحكم الفعلي على فرض وجود الموضوع وتبدل بعض حالاته، فيحتاج إلى تقدير وجود الموضوع عند استصحابه وعلى كل حال: لا مجال للتأمل في صحة الاستصحاب عند الشك في بقاء الحكم الكلي في كل من الوجهين.

کلیه حقوق این سایت متعلق به دفتر حضرت آیت الله علوی بروجردی می باشد. (1403)
دی ان ان