English | فارسی
دوشنبه 18 آذر 1398
تعداد بازدید: 1047
تعداد نظرات: 0

تنبیهات الاستصحاب/ التنبیه السادس / جلسه چهلم

صوت درس:

بسم الله الرحمن الرحيم

جلسه چهلم

 

ثم قرر المحقق النائینی قدس سره:

أقواهما: عدم الجريان.

لان الحكم المترتب على الموضوع المركب إنما يكون وجوده وتقرره بوجود الموضوع بما له من الاجزاء والشرائط، لان نسبة الموضوع إلى الحكم نسبة العلة إلى المعلول، ولا يعقل أن يتقدم الحكم على موضوعه، والموضوع للنجاسة والحرمة في مثال العنب إنما يكون مركبا من جزئين، العنب والغليان من غير فرق بين أخذ الغليان وصفا للعنب، كقوله: العنب المغلي يحرم وينجس، أو أخذه شرطا له كقوله: العنب إذا غلى يحرم وينجس، لان الشرط يرجع إلى الموضوع ويكون من قيوده لا محالة، فقبل فرض غليان العنب لا يمكن فرض وجود الحكم، ومع عدم فرض وجود الحكم لا معنى لاستصحاب بقائه، لما تقدم: من أنه يعتبر في الاستصحاب الوجودي أن يكون للمستصحب نحو وجود وتقرر في الوعاء المناسب له، فوجود أحد جزئي الموضوع المركب كعدمه لا يترتب عليه الحكم الشرعي ما لم ينضم إليه الجزء الآخر.

نعم:

الأثر المترتب على أحد جزئي المركب هو أنه لو انضم إليه الجزء الآخر لترتب عليه الأثر، وهذا المعنى مع أنه عقلي مقطوع البقاء في كل مركب وجد أحد جزئيه، فلا معنى لاستصحابه، وقد تقدم في مبحث الأقل والأكثر: أنه لا يمكن استصحاب الصحة التأهلية لجزء المركب عند احتمال طرو القاطع أو المانع، لان الصحة التأهلية مما لا شك في بقائها، فإنها عبارة عن كون الجزء على وجه لو انضم إله الجزء الآخر لترتب عليه الأثر.

ففي ما نحن فيه ليس للعنب المجرد من الغليان أثر إلا كونه لو انضم إليه الغليان لثبتت حرمته وعرضت عليه النجاسة، وهذا المعنى مما لا شك في بقائه، فلا معنى لاستصحابه.

وحاصل الكلام:

أن الشك في بقاء الحرمة والنجاسة المحمولين على العنب المغلي إنما يمكن بوجهين - أحدهما: الشك في رفع الحرمة والنجاسة عنه بالنسخ.

ثانيهما: الشك في بقاء الحرمة والنجاسة عند تبدل بعض الحالات بعد فرض وجود العنب المغلي بكلا جزئيه، كما إذا شك في بقائهما عند ذهاب ثلثه. ولا إشكال في استصحاب بقاء الحرمة والنجاسة للعنب في كل من الوجهين، كما تقدم. وليس هذا مراد القائل بالاستصحاب التعليقي.

ونحن لا نتصور للشك في بقاء النجاسة والحرمة للعنب المغلي وجها آخر غير الوجهين المتقدمين.

فالاستصحاب التعليقي بمعنى لا يرجع إلى استصحاب عدم النسخ ولا إلى استصحاب الحكم عند فرض وجود الموضوع بجميع أجزائه وقيوده وتبدل بعض حالاته، مما لا أساس له ولا يرجع إلى معنى محصل.

وما يقال:

من أنه يمكن فرض بقاء النجاسة والحرمة في المثال بوجه آخر لا يرجع إلى الوجهين السابقين، بتقريب: أن العنب قبل غليانه وإن لم يكن معروضا للحرمة والنجاسة الفعلية لعدم تحقق شرط الموضوع، إلا أنه معروض للحرمة والنجاسة التقديرية، لأنه يصدق على العنب عند وجوده قبل غليانه أنه حرام ونجس على تقدير الغليان، فالحرمة والنجاسة التقديرية ثابتتان للعنب قبل غليانه، فيشك في بقاء النجاسة والحرمة التقديرية عند صيرورة العنب زبيباً  بعدما كان عنوان العنبية والزبيبية من حالات الموضوع لا من مقوماته، فعدم حصول الغليان إنما يمنع عن الشك في بقاء الحرمة والنجاسة الفعلية واستصحابهما، لا عن الشك في بقاء الحرمة والنجاسة التقديرية واستصحابهما.

فهو واضح الفساد:

فان الحرمة والنجاسة الفرضية التقديرية لا معنى لاستصحابهما، إذ ليست الحرمة والنجاسة الفرضية في العنب الغير المغلي إلا عبارة عن  أن العنب لو انضم إليه الغليان لترتبت عليه النجاسة والحرمة  وهذه القضية التعليقية  مضافا إلى أنها عقلية لأنها لازم جعل الحكم على الموضوع المركب الذي وجد أحد جزئيه  مقطوعة البقاء لا معنى لاستصحابها، كما تقدم وأما حديث كون عنوان العنب والزبيب من حالات الموضوع لا مقوماته فهو أجنبي عما نحن بصدده، فإن اعتبار كون الخصوصية المنتفية من الحالات لا المقومات إنما هو في مرحلة الحكم ببقاء المتيقن بعد الفراغ عن ثبوته وحدوثه.

والكلام في المقام إنما هو في مرحلة الثبوت والحدوث، لما عرفت: من أنه لم يحدث الحكم المترتب على الموضوع المركب إلا بعد وجود جميع أجزائه، والعنب قبل الغليان جزء الموضوع فلم تحدث فيه النجاسة والحرمة حتى يقال: إن خصوصية العنبية والزبيبية من الحالات لا المقومات.

وبعبارة أوضح:

حديث أخذ الموضوع من العرف واتحاد القضية المشكوكة للقضية المتيقنة إنما هو باعتبار مفاد أخبار الاستصحاب، يعني أن المشكوك فيه في قوله - عليه السلام - " لا تنقض اليقين بالشك " لابد وأن يكون متحدا مع المتيقن السابق اتحادا عرفيا، لا عقليا. وليس معنى أخذ الموضوع من العرف أخذ موضوع الدليل الذي رتب الحكم فيه على الموضوع من العرف، فإنه لو كان المراد منه ذلك لكان ثبوت الحكم على الموضوع الذي تبدل بعض حالاته مما يفيده نفس دليل الحكم، ولا يبقى موقع لاثباته بالاستصحاب.

والحاصل:

أن أخذ موضوع الدليل المثبت للحكم من العرف غير أخذ موضوع الاستصحاب من العرف، فان معنى أخذ موضوع الدليل من العرف هو أنه لو قام الدليل على طهارة الحطب، بل لابد في الحكم بطهارته ونجاسته من الرجوع إلى دليل آخر لو كان، وإلا فإلى الأصول العملية، فهذا معنى أخذ موضوع الدليل من العرف. وأما معنى أخذ موضوع الاستصحاب من العرف: فهو إنما يكون بعد الفراغ عن أن موضوع الدليل لا يعم المشكوك فيه عرفا، بل للمشكوك فيه معنى يباين ما لموضوع الدليل من المعنى بحسب المرتكز العرفي، كما إذا شك في بقاء طهارة الحطب بعدما صار فحماً، فان للحطب مفهوما يباين مفهوم الفحم عرفا، ولا يكاد يشك العرف في عدم صدق الحطب على الفحم، ومع هذا يجري استصحاب بقاء طهارة الحطب عند صيرورته فحما، لان مفهوم الحطب وإن كان يباين مفهوم الفحم عرفا، إلا أن العرف بحسب مناسبة الحكم والموضوع يرى أن معروض الطهارة ذات الحطب المحفوظة في الفحم أيضا وأن عنوان الحطب كان علة لعروض الطهارة على الذات، فيشك في أنه علة حدوثا وبقاء فتزول الطهارة عن الذات عند انعدام عنوان الحطب بتبدله فحما لزوال علتها، وأن عنوان الحطب علة لحدوث الطهارة على الذات فقط من دون أن يكون علة للبقاء أيضا فتبقى الطهارة ما دامت الذات محفوظة عرفا، ومعنى انحفاظ الذات عرفا، هو أن العرف يرى اتحاد ذات الفحم لذات الحطب، فتتحد القضية المشكوكة مع القضية المتيقنة عرفا ويجري فيها الاستصحاب لو فرض الشك في بقاء الطهارة في الفحم بخلاف الرماد، فان ذات الرماد وإن كانت هي ذات الحطب عقلا، إلا أن العرف يرى التباين بين ذات الرماد وذات الحطب، فتختلف القضية المشكوكة مع القضية المتيقنة لو فرض الشك في بقاء الطهارة في الرماد، فلا يجري فيه استصحاب الطهارة.

فظهر أن حديث أخذ الموضوع من العرف في باب الاستصحاب وكون وصف العنبية والزبيبية من الخصوصيات التي لا تضر تبادلها ببقاء الموضوع عرفا أجنبي عن المقام.

فإن أخذ الموضوع في باب الاستصحاب من العرف إنما هو بعد الفراغ عن تشخيص مفهوم الموضوع الذي رتب عليه الحكم في لسان الدليل وتعيين ما ينطبق عليه المفهوم وبعد ثبوت الحكم على موضوعه، وأين هذا مما نحن فيه: من استصحاب نجاسة العنب وحرمته عند صيرورته زبيبا قبل فرض غليانه؟ مع أن النجاسة والحرمة إنما يعرضان للعنب المغلي، فقبل غليان العنب لا نجاسة ولا حرمة، والحرمة والنجاسة التقديرية قد عرفت أنه لا معنى لاستصحابها، فأين المتيقن؟ وما المستصحب؟

فيبقى نجاسة الزبيب المغلي وحرمته مشكوكة الحدوث، فان الزبيب المغلي غير العنب المغلي كمغايرة الفحم للحطب، فلا يعمه أدلة نجاسة العنب المغلي وحرمته.

هذا كله:

إذا أراد القائل بالاستصحاب التعليقي استصحاب نفس الحرمة والنجاسة العارضتين على العنب المغلي.

وإن أراد به استصحاب الملازمة بين الغليان والنجاسة والحرمة وسببيته لهما، كما يظهر من كلام الشيخ - قدس سره - ففيه:

أولا:

أن الملازمة بين غليان العنب ونجاسته وحرمته وإن كانت أزلية تنتزع من جعل الشارع وانشائه النجاسة والحرمة على العنب المغلي أزلا ويكون انقلاب العنب إلى الزبيب منشأ للشك في بقاء الملازمة.

إلا أنه قد عرفت في الأحكام الوضعية: أن الملازمة والسببية لا يعقل أن تنالها يد الجعل الشرعي، فلا يجري استصحاب بقاء الملازمة والسببية في شئ من الموارد، لان المستصحب لابد وأن يكون حكما شرعيا أو موضوعاً للحكم شرعي.

والعجب من الشيخ - قدس سره - ! حيث إنه شدد النكير على من قال بجعل السببية والملازمة، ومع ذلك ذهب إلى جريان استصحاب الملازمة في الاستصحاب التعليقي.

وثانيا:

إن الملازمة على تقدير تسليم كونها من المجعولات الشرعية فإنما هي مجعولة بين تمام الموضوع والحكم، بمعنى أن الشارع جعل الملازمة بين العنب المغلي وبين نجاسته وحرمته، والشك في بقاء الملازمة بين تمام الموضوع والحكم لا يعقل إلا بالشك في نسخ الملازمة، فيرجع إلى استصحاب عدم النسخ ولا إشكال فيه، وهو غير الاستصحاب التعليقي المصطلح عليه.

فالانصاف: أن الاستصحاب التعليقي مما لا أسا له، ولا يرجع إلى معنى محصل. مع أن القائل به لا أظن أن يلتزم بجريانه في جميع الموارد، فإنه لو شك في كون اللباس متخذا من مأكول اللحم أو من غيره، فالحكم بصحة الصلاة فيه تمسكا بالاستصحاب التعليقي بدعوى أن المكلف لو صلى قبل لبس المشكوك كانت صلاته صحيحة فتستصحب الصحة التعليقية إلى ما بعد لبس المشكوك والصلاة فيه  مما لا أظن أن يلتزم به القائل بالاستصحاب التعليقي، ولو فرض أنه التزم به فهو بمكان من الغرابة.

هذا كله مضافاً:

إلى ما في خصوص مثال العنب والزبيب من المناقشة في الموضوع، فان الذي ينجس بالغليان إنما هو ماء العنب لا جرمه إلا تبعا، فالموضوع للنجاسة هو الماء وقد انعدم بصيرورة العنب زبيبا، والباقي في الحالين إنما هو الجرم وهو ليس موضوعا للنجاسة والحرمة، والزبيب لا يغلي إلا إذا اكتسب ماء جديدا من الخارج، وغليان الماء المكتسب من الخارج ليس موضوعا للنجاسة والحرمة، فالموضوع لهما قد ارتفع قطعا، فتأمل في أطراف ما ذكرناه جيدا. »[1]

 


[1]. الشيخ محمد علي الكاظمي، فوائد الاصول تقرير البحث السيد النائيني، ج4، ص458-473.

کلیه حقوق این سایت متعلق به دفتر حضرت آیت الله علوی بروجردی می باشد. (1403)
دی ان ان