بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و سوم
ومن هنا يظهر:
ان ما أفاده الشيخ ( رحمه الله ) من اجراء الاستصحاب في الملازمة ليس بسديد، إذ ليست الملازمة المفروضة الا تعبيرا آخر عن تحقق الحرمة عند تحقق كلا الجزئين وهو أمر واقعي متعلق لادراك العقل، فتدبر.
وجملة القول:
ان إجراء استصحاب الحكم التعليقي على هذا المسلك مما لا أساس له.
فان قلت:
هذا يتم بناء على مسلك المشهور في الانشاء من كونه استعمال اللفظ بقصد التسبيب إلى الاعتبار العقلائي في وعائه المناسب، إذ ليس لدينا سواء الانشاء الذي لا شك في بقائه، والاعتبار العقلائي وهو الذي لا يقين بحدوثه.
وأما بناء على مسلك صاحب الكفاية الذي قربناه وقررناه من: انه التسبيب إلى وجود المعنى بوجود انشائي يكون موضوعا للاعتبار العقلائي في وعائه، فلا يتم منع استصحاب الحكم التعليقي.
وذلك:
لان الحكم موجود بالفعل قبل تحقق شرطه بوجود انشائي وان توقفت فعليته على تحقق شرطه. وهذا الحكم ثابت للفرد الخارجي من الموضوع، لان المنشأ مثلا هو حرمة شرب ماء العنب إذا غلى.
ومن الواضح ان الشرب يرتبط بالعنب الخارجي، فحرمة الشرب ثابتة للموضوع الخارجي. فالعنب عند وجوده تثبت له حرمه إنشائية، فإذا شك في بقائها وزوالها بعد تبدل وصف العنبية إلى الزبيبية جرى استصحابها وترتب عليه الأثر.
نعم:
هذا يتم لو اخذ معروض الحرمة ذات العنب وكان الغليان ملحوظا شرطا. واما لو كان الغليان قيدا للموضوع بحيث كان الموضوع هو العنب المغلي امتنع الاستصحاب لعدم ثبوت الحرمة الانشائية لذات العنب بل العنب المغلي، والمفروض عدم تحققه. فتدبر.
قلت:
الحكم الانشائي الذي التزمنا به لا يعرض على كل فرد من افراد الموضوع المأخوذ في العنوان، بل معروضه هو نفس الكلي، لكن بلحاظ وجوده في الخارج.
واما كون معروضه وموضوعه هو الكلي دون الافراد الخارجية، فلانه يوجد مع قطع النظر عن تحقق فرد الموضوع خارجا، بل هو ثابت حتى مع فرض عدم وجود أي فرد بالفعل لموضوعه، بل قد يكون الداعي في جعل الحكم هو اعدام الموضوع كالاحكام الثابتة في باب الحدود.
واما لحاظ الوجود في الكلي المأخوذ في موضوعه، فلان الفعل المضاف إلى الموضوع - كالشرب بالنسبة إلى العنب - لا يضاف إليه بما هو كلي، بل بما هو موجود في الخارج.
وإذا ظهر أن الحكم الانشائي طار على الموضوع الكلي فقد عرفت أنه لا يشك في بقائه الا من جهة النسخ.
نعم: يشك في شموله للزبيب - مثلا -، ومثله لا معنى. لاستصحابه، لأنه شك في الحدوث.
نعم:
إذا وجد فرد من الموضوع في الخارج تتحقق هناك إضافة بينه وبين الحكم من باب انه مصداق للموضوع الكلي. والشك في البقاء يطرء على هذه الإضافة بعد تبدل وصف الفرد الخارجي، كتبدل العنب إلى الزبيب.
ولكن من المعلوم ان هذه الإضافة ليست شرعية كي يتكفل الاستصحاب بقائها، فلا يجري فيها الاستصحاب.
وبهذا البيان تعرف:
ان ما أفاده المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) من التفصيل في اجراء الاستصحاب في الحكم الانشائي بين ما إذا كان الشرط كالغليان قيدا للموضوع، بحيث كان الموضوع هو العنب المغلي فلم يلحظ في الموضوع إلا تقدير واحد، وهو تقدير العنب المغلي وبين ما إذا كان شرطا للحكم لا قيدا للموضوع، بحيث كان الموضوع هو العنب.
فهنا تقديران:
أحدهما تقدير العنب.
والثانية في تقدير الغليان.
ففي الأول لا يجري الاستصحاب لعدم ثبوت الحكم لذات العنب قبل الغليان، لأنه مضاف إلى العنب المغلي، والعنب ليس محكوما بالحرمة لا الانشائية ولا الفعلية.
وفي التقدير الثاني يجري، لان الحكم ثابت لذات العنب ومضاف ومضاف إليه وان اخذ الغليان شرطا له، لكنه مضاف إلى ذات العنب لا العنب المغلي. فيقال: يحرم العنب إذا وجد وإذا غلا، فقد أضيفت الحرمة إلى ذاته، فمع وجوده تثبت له الحرمة فتستصحب عند تبدل الوصف إلى الزبيبية ما أفاده ( قدس سره ) غير متجه.
لأنه مبني على كون الحكم الانشائي ثابتا للافراد الخارجية رأسا، وهو ما عرفت نفيه، وان الحكم لا يثبت للفرد الخارجي، بل يضاف إليه من باب انه مصداق للموضوع الكلي، وهذه الإضافة ليست من الأمور الشرعية كي تستصحب.
والذي يتحصل:
ان الاستصحاب في الحكم التعليقي لا مجال له على هذا المسلك في جعل الاحكام.
واما على المسلك الثاني: وهو الالتزام بفعلية المجعول من زمان الجعل وعدم امكان انفكاكهما.
فقد يفصل:
بين صورة أخذ التقدير المعلق عليه الحكم غير الحاصل بالفعل قيدا لمعروض الحكم، وصورة اخذه قيدا لنفس الحكم.