بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و هفتم
وهذا ما مر الدقة فيه من السيد الحكيم (قدس سره) فيما مر من كلامه:
«لكن مورد الخبر صورة الوصية بتمام التركة، التي لا تصح بدون إجازة الوارث، سواء أكان الحج الموصى به حج الاسلام أم غيره. إذ هو على الثاني ظاهر، وكذا على الأول، لما يأتي من المصنف، من أن الواجب هو الحج الميقاتي، وظاهر الرواية الحج البلدي، كما عرفت الإشارة إليه سابقا.
وعلى تقدير لزوم البلدي فتعيين المقدار لا يكون باختيار الموصي بل تابع لأجرة المثل واقعا.
وعلى تقديم لزوم العمل بتقدير الموصي فذلك إنما يكون بالإضافة إلى الثلث - الذي هو حقه - لا بالإضافة إلى الثلثين الآخرين.
فالتصدق بجميع المال لا بد أن يكون لأجل أن الموصي لا وارث له بناء على أنه إذا أوصى بصرف ماله في البر والمعروف لزم ولا يكون ميراثه للإمام - كما هو ظاهر - وتكون الوصية بالحج بنحو تعدد المطلوب، فالأخذ بالرواية مع وجود الوارث غير ظاهر.»[1].
وما أفاده مع بعض التأمل فيه ناظر الى ما مرَّ منا وعلى أي حال فان نظر صاحب العروة الاحتياط في صورة التعيين بصرفه في وجوه البر.
ونظر أعلام محشي كتابه من عدم ترك الاحتياط المزبور، بل عدم خلوه عن قوة في كلام بعضهم إما ناظر الى الاستظهار عن مدلول الرواية باكثر من الرجحان، او من جهة ان مقتضى القاعدة ان في صورة التعيين لزوم صرف المتروك في ما يقرب من مطلوب الميت اذا لم يمكن الاتيان بتمام مطلوبه. وظاهر الاكثر الاستناد بالخبر المذكور.
وأما بيان السيد الخوانساري فهو ناظر الى عدم تمامية الاستناد الى خبر داود بن فرقد الظاهر في التعيين، بل ان مقتضى القاعدة هو انه لو كان المتروك غير واف بالحج، فانما ينتقل الى الورثة كما لو لم يكن متبرع وأما ان كان وافياً فانما يرى الاحتياط في صرفه في وجوه البر قوياً ولعله، لان المتروك انما عين لمطلوب الحج، ومع قيام المتبرع فلا يصرف في غير ما يقرب بنية الميت من الخيرات والتصدق.
والوجه: تمامية ما أفاده صاحب العروة استناداً بالرواية والمعيار في الاحتياط صورة التعيين كما هو المستفاد من مدلولها ولا وجه للجزم بصرف المتروك في وجوه البر لعدم استظهار اللزوم منها كما مر.
قال صاحب العروة:
«مسأله 88:
هل الواجب الاستيجار عن الميت من الميقات أو البلد؟
المشهور وجوبه من أقرب المواقيت إلى مكة إن أمكن، وإلا فمن الأقرب إليه فالأقرب.
وذهب جماعة إلى وجوبه من البلد مع سعة المال وإلا فمن الأقرب إليه فالأقرب.
وربما يحتمل قول ثالث وهو الوجوب من البلد مع سعة المال وإلا فمن الميقات، وإن أمكن من الأقرب إلى البلد فالأقرب.
والأقوى: هو القول الأول وإن كان الأحوط القول الثاني، لكن لا يحسب الزائد عن أجرة الميقاتية على الصغار من الورثة.
ولو أوصى بالاستيجار من البلد وجب ويحسب الزائد عن أجرة الميقاتية من الثلث.
ولو أوصى ولم يعين شيئا كفت الميقاتية،إلا إذا كان هناك انصراف إلى البلدية أو كانت قرينة على إرادتها ( 5 ) كما إذا عين مقدارا يناسب البلدية.»
قال السيد الحكيم (قدس سره) في ذيل قول صاحب العروة:
(المشهور وجوبه من اقرب الموقيت الي مكه اذا امكن والا فمن الاقرب فالاقرب)
«نسبه إلى أكثر الأصحاب في المدارك، وعن الغنية: الاجماع عليه، ونسبه في كشف اللثام إلى الخلاف، والمبسوط، والوسيلة، وقضية وصايا الغنية، وكتب المحقق.
ونسبه في المستند إلى الفاضلين في كتبهما، والمسالك، والروضة، والمدارك والذخيرة.
لكن الذي يظهر من عبارات المتن: أن الواجب الحج من أقرب المواقيت إلى مكة، وإلا فمن غيره من المواقيت مراعيا الأقرب فالأقرب إلى مكة.
وفي الشرايع: يقضي الحج من أقرب الأماكن..
قال في المدارك: «والمراد بأقرب الأماكن أقرب المواقيت إلى مكة إن أمكن الاستيجار منه، وإلا فمن غيره مراعيا للأقرب فالأقرب. فإن تعذر الاستيجار من أحد المواقيت وجب الاستيجار من أقرب ما يمكن الحج منه إلى الميقات...»
ونحوه ما في المستند والجواهر وغيرهما.
لكن هذا الترتيب غير ظاهر من الأدلة الآتية على هذا القول ولا من غيرها، بل ولا يظن الالتزام به ممن نسب إليه هذا القول.
ونحوه في الاشكال: ما في القواعد، من التعبير بأقرب الأماكن إلى الميقات.
وقال في كشف اللثام في بيان القول المذكور:
«فإن أمكن من الميقات لم يجب إلا منه، وإلا فمن الأقرب إليه فالأقرب لذلك. ولا يجب من بلد موته، أو بلد استقراره عليه... وهذا التعبير هو الذي تقتضيه أدلة القول المذكور، كما سيأتي. ولعل المراد من الأقرب ما هو أقل قيمة، يعني: لا يجب على الورثة بذل ما هو أكثر قيمة.»
[1]. السيد الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص258.