بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه پنجاهم
اما النصوص التي استدل بها في كلامه )قدس سره( :
منها:
ما رواه محمد بن يعقوب عن عدة من اصحابنا عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن زكريا بن آدم قال:
سألت ابا الحسن (ع) عن رجل مات وأوصى بحجه، أيجوز ان يحج عنه من غير البلد الذي مات فيه؟ قال: أما ما كان دون الميقات فلا بأس»[1].
قال صاحب الوسائل في ذيل الرواية:
أقول: يحتمل كون المراد به غير حجة الاسلام، ويحتمل الحمل على قصور التركة.
أما جهة الدلالة فيها:
فان موردها الوصية بالحج. ولم يصرح فيها بحجة الاسلام وترك استفصال الامام (ع) عن كفاية التركة أو قصورها، وكذا عدم تعرض السائل لذلك إنَّما يفيد اطلاق الحكم، الا ان يقال: ان السؤال عن جواز القضاء من غير البلد ربما يوهم قصور التركة.
ولكن يمكن دفعه بان القضاء من غير البلد المراد منه البلد الذي مات فيه أو البلد الذي عاش فيه يمكن ان يكون من جهة عدم اتصال ولي الميت أو ورثته بالبلد المذكور لبعده عن محل اقامتهم.
وصعوبة الاستئجار منه مع عدم قصور في التركة.
وجواب الامام (ع) ظاهر في كفاية الاستئجار من الميقات حتى لمن تمكن من الحج البلدي.
فدلالة الرواية قوية الا أنَّ المشكل فيه عدم التصريح فيها أو عدم الظهور في حجة الاسلام، وانه لا دافع فيها لاحتمال كون مورد السؤال الحج الندبي أو النذري وأمثاله.
فان العدة المذكورة: علي بن محمد بن علان ومحمد بن أبي عبدالله وهو محمد بن جعفر الأسدي الثقة ومحمد بن الحسن المراد منه محمد بن الحسن الصفار، ومحمد بن عقيل الكليني.
وهم روواه عن سهل بن زياد. وهو سهل بن زياد الآدمي الرازي.
قال النجاشي: كان ضعيفاً في الحديث غير معتمد فيه، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو لا للكذب. وأخرجه من قم الى الري وكان يسكنها[2].
وقال الشيخ في الفهرست: «سهل بن زياد الآدمي الرازي يكنى أبا سعيد ضعيف له كتاب.
وفي رجاله تارة عده من أصحاب الجواد وقال سهل بن زياد الآدمي يكنى أبا سعيد من أهل الري.
وأُخرى من أصحاب الهادي وقال: سهل بن زياد الآدمي يكنى أبا سعيد ثقة. رازي.
وثالثة من أصحاب العسكري وقال سهل بن زياد يكني أبا سعيد الآدمي الرازي[3]
وقال ابن داود في رجاله:
«سهل بن زياد الآدمي ، ابو سعيد الرازي ضعيف، فاسد الرواية كان احمد بن محمد بن عيسى اخرجه من قم، ونهى الناس عن السماع عنه كان احمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب واخرجه من قم الي الري[4].
وقال العلامة:
اختلف قول الشيخ الطوسي فيه فقال في موضع انه ثقة وقال في عدة مواضع أنّه ضعيف.
والظاهر ان الشيخ (قدس سره) انما ضعفه في موضعين، الأول منهما ما مرَّ عنه في الفهرست و الثاني، ما افاده في الاستبصار الجزء 3 باب انه لا يصح الظهار بيمين في ذيل الحديث (935)، وأما الخبر الأول فراويه أبو سعيد الآدمي وهو ضعيف جداً عند نقاد الأخبار.
وقد استثناه أبو جعفر ابن بابويه في رجال نوادر الحكمة.
ثم إنَّ النجاشي وكذا الشيخ قالا في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى:
«استثنى ابن الوليد من روايات محمد بن أحمد بن يحيى في جملة ما استثناه عن سهل بن زياد الآدمي.
وتبعه على ذلك الصدوق وابن نوح، فلم يعتمد واعلي رواية محمد بن أحمد بن يحيى عن سهل بن زياد.
وقال ابن الغضائري:
«سهل بن زياد أبو سعيد الآدمي الرازي، كان ضعيفا جدا فاسد الرواية والمذهب، وكان احمد بن محمد بن عيسى الاشعري أخرجه عن قم، واظهر البراءة منه، ونهى الناس عن السماع منه والرواية عنه، ويروي المراسيل ويعتمد المجاهيل»
هذا والظاهر ان تضعيفه في كلمات أعلام الرجال انما يكون مستنده أمور ثلاثة:
1 ـ تضعيف ابن الغضائري له.
2 ـ اخراج أحمد بن محمد بن عيسى إياه من قم.
3 ـ استثناء ابن الوليد روايات محمد بن أحمد بن يحيى عنه من رجال كامل الزيارات.
وقال السيد بحر العلوم في فوائده:
«واما تضعيف ابن الغضائري بعد عدم الاعتماد على تضعيفاته لتضعيفه كثيرا من المعتمدين.
واما تضعيف الفهرست ففيه انه محكوم بتوثیقه في الرجال المتأخر تصنيفه عليه.
واما تضعيف النجاشي ففيه:
انه لم يضعف الرجل بل ضعف حديثه، وذلك لان القدماء كانوا يرمون الرجل بالغلو بقوله او روايته لبعض ما هو الان من ضروريات الامامية بالنسبة الى ائمتهم(ع)»
وأما اخراج احمد بن محمد بن عيسى اياه من قم:
فلا يعتنى به لما اشتهر من ان احمد بن محمد بن عيسى اعتذر منه وتاب كما حكاه المحقق البهبهاني...»[5].
وقال العلامة المامقاني في التنقيح بعد نقل هذا الكلام من السيد:
«وبالجملة بضميمة هذه الادلة وتوثيق الشيخ اياه في الرجال وكونه من مشايخ الاجازة، وكونه كثير الرواية، جداً يحصل الاطمئنان بوثاقته، وان التضعيفات غير قادحة»[6]
ويمكن أنْ يقال:
إنَّ العمدة في تضعيف الرجل أُمور ثلاثة على ما مرَّ:
1 ـ تضعيف ابن الغضائري، وهو مستند الأكثر القائلين بتضعيفه كالنجاشي والشيخ (قدس سرهما).
وبما أنَّ ابن الغضائري كثير التضعيف بالنسبة الى كثير من أعلام الرجال، فانه لاعبرة بتضعيفه.
2 ـ اخراج أحمد بن محمد بن عيسى إياه من قم.
وقد مرَّ أنَّ أحمد بن محمد بن عيسى كان رئيساً في قم وله ملاحظات مع الحكومة ويلزمه رعايتهم، وكان سهل بن زياد صريحاً ومتجاهراً ببيان مقامات الأئمة والروايات المنقولة فيها، وهذا أمر لا يمكن مساعدة أحمد بن محمد بن عيسى معه، ولذا اخرجه من قم بهذه الملاحظة كما صدر ذلك منه بالنسبة الى أحمد بن محمد بن خالد البرقي، ومع ذلك كان يبكي في فقده وشيعه حافراً.
وعليه فان هذه القضية مع كونها مذكورة في كلمات جمع من الاساطين بعنوان المستند، لا يكون دليلاً على ضعف الرجل.
واما استثناء ابن الوليد ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عنه من رجال كامل الزيارات، فقد مرَّ ايضاً أن ابن الوليد كان مخالفاً لأمثال الرجل من جهة انه رأه غالياً، وكما صرح به السيد الاجل بحر العلوم، كان بعض ضروريات المذهب في عصرنا من الغلو عندهم في ذلك العصر، كما يترائى ذلك من تلميذه العلامة صدوق المحدثين حيث كان التزم أنَّ من لا يقول بسهو النبي كان غالياً.
وقد اشتهر استثناء ابن الوليد ما رواه محمد بن عيسى البيدي من يونس بن عبدالرحمن. وقد طعن عليه كثير في ذلك منهم النجاشي حيث يقول، انه قال اصحابنا: من مثل محمد بن عيسى.
وبالجملة:
ان تمام الوجه في تضعيف سهل هو رميه بالغلو ولم يذكر في كلماتهم غيره، بل هو المستند لجميع الوجوه الثلاثة التي عرفتها في تضعيف الرجل.
وكان العلامة الوحيد البهبهاني أكد على توثيقه بهذه الجهات مع ضم جلالة قدره من حيث نقل كثير من مشايخ الحديث عنه وكونه من مشايخ الاجازة، وكثرة رواياته.
ومع المناقشة في تضعيف النجاشي والشيخ، فبقي توثيق الشيخ في رجاله، مع انه من ثقاة علي بن ابراهيم في تفسيره.
فالوجه عندنا تمامية توثيقه. وان رواياته تتصف بالصحة.
وتعبير ابن الغضائري بانه فاسد الرواية والمذهب، بصرف كونه غالياً او روايته بزعمه عن الضعفاء كان غريباً.
وهو من الطبقة السابعة.
[1] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص167. الباب 3 من ابواب النيابة الحديث4.
[2] . رجال النجاشي، ص185.
[3] . رجال الشيخ، ص375، ص387، ص399.
[4] . رجال ابن داود، ص460.
[5] الفوائد الرجالية، ج3، ص23.
[6] . تنقيح المقال، ج32، ص185، 189.