بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه پنجاه و پنجم
أما جهة السند فيها:
فان اعتبار هذا السند يتوقف على تمامية طريق ابن ادريس الى كتاب مسائل الرجال. وفيه بحث بانه كان عنده هذا الكتاب فكان نقله بالوجاده أو انه كان له الطريق اليه.
وفي الكتاب نقل عبدالله بن جعفر الحميري. وهو أبو العباس الحميري وثقه الشيخ في كتابيه والعلامة على ما مرَّ وهو من الطبقة السابعة.
وكذا أحمد بن محمد الجواهري. والظاهر انه أحمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسن بن عياش الجواهري أبو عبدالله.
قال النجاشي: >كان سمع الحديث وأكثر واضطرب في آخر عمره وكان جده و أبوه من وجوه أهل بغداد أيام آل حماد والقاضي أبي عمر<.[1]
ومثله في الفهرست و الخلاصة
وذكر النجاشي له كتباً كثيرة منها مقتضب الاثر في عدد الائمة الاثنا عشر، أخبار جابر الجعفي كتاب ما نزل من القرآن في صاحب الزمان، كتاب أخبار وكلاء الائمة الاربعة.
ثم أفاد النجاشي: رأيت هذا الشيخ وكان صديقاً لي ولوالدي وسمعت منه شيئاً كثيراً، ورأيت شيوخنا يضعفونه، فلم أرو منه شيئاً وتجنبته.
قال السيد الخوئي: وروي عنه في ترجمة الحسين بن بسطام فلا بد أن يكون ذلك غفلة عن التزامه بعدم الرواية عنه و عن غيره من الضعفاء[2].
وذكر الشيخ في فهرسته كثيراً من كتبه. وعده في رجاله في من لم يرو عنهم (ع) وقال:
أحمد بن محمد بن عياش يكنى ابا عبدالله كثير الرواية الا انه اختلَّ في آخر عمره. أخبرنا عنه جماعة من أصحابنا. مات سنة(401).
وهو كالحميري يلزم ان يكون من كبار الثامنة. والمشكل هنا كيف رأه النجاشي الواقع في الطبقة 12 الاثني عشرة.
وعلي اي حال. فهما رويا الخبر عن أحمد بن محمد. وهو أحمد بن محمد بن عيسى بن عبدالله بن سعد الاشعري وثقه الشيخ في رجاله والعلامة وهو من الطبقة السابعة.
وأحمد روى الخبر عن عدة من أصحابنا. وظاهر كونهم من أجلاء الاصحاب بحيث كان ذكر أساميهم غير محتاج اليه أو أنه لم تذكر اسماؤهم لكثرته. وتعبير مثل أحمد بن محمد بن عيسى بقوله عن عدة يشكل المضي عنه.
اما تحقيق النسبة بين هذه الروايات
الطائفة الاولى منها:
صحيحة زكريا بن آدم ـ على الاقوى من جهة تمامية وثاقة سهل بن زياد سألت ابا الحسن عن رجل مات وأوصى بحجه، أيجوز أن يحج عنه من غير البلد الذي مات فيه؟
قال: أما ما كان دون الميقات فلا بأس[3].
موردها:
1 ـ الوصية.
2 ـ الحج بقول مطلق من دون تخصيص بحجة الاسلام.
3 ـ اطلاقها من حيث قصور التركة وعدمها.
ومدلولها جواز الحج من الميقات مطلقاً.
الطائفة الثانية
صحيحة حريز بن عبدالله
سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أعطى رجلا حجة يحج بها عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة ؟ فقال: لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجه [4].
موردها:
غير الوصية بحسب ظهورها: أعطى رجلاً حجه. القابل للحمل على القضاء حال الحياة.
عدم قصور التركة واطلاقها من هذه الجهة.
اطلاق الحج فيها من غير اختصاص بحجة الاسلام.
الطائفة الثالثة:
ما دل على كفاية حجة الاسلام اذا أتى به من الميقات مع قصور التركة.
نظير صحيحة علي بن رئاب قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أوصى أن يحج عنه حجة الاسلام ولم يبلغ جميع ما ترك إلا خمسين درهما، قال: يحج عنه من بعض المواقيت التي وقتها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قرب[5].
فان موردها: الوصية
قصور التركة.
خصوص حجة الاسلام.
ومدلولها كفاية الاتيان بالحج من الميقات.
الطائفة الرابعة:
1 ـ ما دل على كفاية الحج من الميقات عند قصور التركة
نظير رواية أبي سعيد عمن سأل أبا عبدالله.
سأل عن رجل أوصى بعشرين درهما في حجة، قال: يحج بها رجل من موضع بلغه[6].
فان موردها:
قصور التركة.
الوصية.
اطلاق الحج فيها
2 ـ ومثلها: رواية أبي بصير عمن سأل أبا عبدالله اذا قلنا بانها رواية مستقلة في قبال رواية أبي سعيد عند كما هو ظاهر صاحب الوسائل والسيد الحكيم.
3 ـ ومثلها ايضاً رواية عمر بن يزيد الاولى:
قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ): رجل أوصى بحجة فلم تكفه، قال: فيقدمها حتى يحج دون الوقت[7].
4 ـ ومثلها ايضاً رواية عمر بن يزيد الثانية:
قال: قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) في رجل أوصى بحجة فلم تكفه من الكوفة، تجزي حجته من دون الوقت[8].
الطائفة الخامسة
ما دل على ان قضاء الحج بمقتضي الوصية انما يكون على قدر ماله فان وسعه ماله فمن منزله والا فالاقرب اليه فالاقرب.
نظير صحيحة محمد بن عبدالله
قال: سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) الرجل يموت فيوصي بالحج، من أين يحج عنه ؟ قال: على قدر ماله، إن وسعه ماله فمن منزله، وإن لم يسعه ماله فمن الكوفة، فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة[9].
وموردها: الوصية.
وكذا اطلاق الحج.
ومدلوله لزوم الاتيان من منزله الى الميقات حسب سعة ماله ومثلها موثقة ابن بكير عن أبي عبد الله ( عليه السلام ):
أنه سئل عن رجل أوصى بماله في الحج فكان لا يبلغ ما يحج به من بلاده ؟ قال: فيعطى في الموضع الذي يحج به عنه[10].
ويمكن ان تقرر في هذه الطائفة رواية السرائر:
قلنا لابي الحسن يعني علي بن محمد (عليهما السلام):
إن رجلا مات في الطريق وأوصى بحجة... فقال ( عليه السلام ): يحج عنه من حيث مات<[11]
اي يجب عليه تكملة الطريق والابتداء به من حيث تركه.
هذا اذا لم نحملها على أمر الامام (ع) باتمام حجه كما احتمله صاحب الجواهر.
وبين هذه الاخبار:
ان صحيحة زكريا بن آدم مطلقة من حيث كفاية المال وعدم كفايته.
وموردها الوصية، والحج باطلاقه
هذا حال الطائفة الاولى.
واما الطائفة الثانية:
اي صحيحة حريز بن عبدالله فمثل الطائفة الاولى الا انها ليست موردها الوصية، بل المذكور فيها اعطاء حجه الظاهر في كونه حال حياته.
وأما الطائفة الثالثة وهي صحيحة علي بن رئاب
فهي ظاهرة في كفاية الحج من الميقات اذا لم يسع ماله للاتيان به من البلد.
وموردها الوصية وحجة الاسلام.
والطائفة الرابعة:
فانما دلت على الكفاية من الميقات مع عدم سعة المال
وموردها الوصية والحج باطلاقه.
وفرقها مع الطائفة الثالثة: ان الثالثة تختص بحجة الاسلام وهي مطلقة من هذه الجهة.
والطائفة الخامسة مثل صحيحة محمد بن عبدالله وموثقة ابن بكير.
لزوم الاتيان بالحج من البلد ثم الأقرب اليه الى أن يصل الى الميقات واذا احتملنا بان الوصية للحج او اعطاء الحج يكون المراد منه حجة الاسلام كما هو المتعارف في الوصايا، وان شئت قلت انصراف عنوان الحج اليه ولا أقل من اطلاق العنوان الشامل لحجة الاسلام فانما يتحد اللسان في الطائفة الثالثة والرابعة.
فيكون مدلولهما الاكتفاء بالحج من الميقات عند قصور التركة.
فلنا الطائفة الاولى المطلقة من حيث كفاية الميقات.
والطائفه الثالثة والرابعة ومدلولها الكفاية عند قصور التركة.
وكذا الطائفة الخامسة التي مدلولها لزوم الاتيان من البلد حسب الترتيب الى الميقات بحسب ما يسعه ماله.
ومقتضي القاعدة حينئذٍ.
تقييد المطلقة أي صحيحة زكريا بن آدم. بما دل على الكفاية من الميقات عند قصور التركة، كصحيحة علي بن رئاب حيث ان الكفاية فيها ليست مطلقة، بل يكفي الاتيان بالحج من الميقات عند قصور التركة.
وتكون النتيجة بعد التقييد كفاية الاتيان من الميقات عند قصور التركة.
وحينئذٍ:
فان صحيحة محمد بن عبدالله ليست معارضة لهما بعد التقييد، لان مدلولها تعيين الحد والمكان بمقدار سعة المال. وهذا عبارة أُخرى عن كفاية الميقات عند قصور التركة.
ولكن النكتة هنا:
ان مدلول الطائفه الثالثة والرابعة: كفاية الاتيان من الميقات عند قصور التركة.
ولكن مدلول صحيح محمد بن عبدالله
عدم كفايته اذا وسع المال من البلد الاقرب الى منزله فالاقرب وان الكفاية انما تكون حسب الترتيب من البلد الى الميقات ومعه فان هذه الصحيحة مقيدة لاطلاق الطائفة الثالثة والرابعة الذي مدلولها كفاية الحج من الميقات سواء وسع المال بالنسبة الى المكان الاقرب الى بلده اولا.
ولذلك قرر السيد الحكيم (قدس سره) تقييد صحيحة زكريا بن آدم بها وتكون النتيجة عليه:
ان القضاء بمقتضى الوصية يلزم ان يكون من البلد فاذا لم يسع المال فالاقرب اليه فالاقرب بحسب ما يسعه المال واذا لم يسع الا من الميقات فيلزمه منه.
هذا
واما الطائفة الثانية: وهي صحيحة حريز بن عبدالله.
فيما اذا كان مدلولها اعطاء الحج دون الوصية الظاهر في كونه حال حياته فيختص بالقضاء حال الحياة ومدلولها كفاية قضاء جميع المناسك المتحقق ذلك في الحج من الميقات.
وهي خارجة بناءً على هذا الاحتمال عن مورد هذه الروايات هذا بحسب القاعدة في تحقيق النسبة.
وهذه النتيجة موافقة للقول الثاني وهو وجوب القضاء من البلد والا فمن الاقرب اليه فالاقرب.
دون قول المشهور وهو وجوبه من أقرب المواقيت الى مكة والا فمن الاقرب فالاقرب.
ودون القول الثالث وهو الوجوب من البلد مع سعة المال والا فمن الميقات، وأمكن من الاقرب الى البلد فالأقرب هذا بحسب اقتضاء النصوص. وموردها الوصية.
قال السيد الخوئي (قدس سره): «قد عرفت أنه لا خلاف في أنه إذا استقر عليه الحج ثم مات يقضى ويستأجر عنه من أصل المال.
إنما وقع الخلاف في المكان الذي يجب الاستئجار منه فهل يجب الاستئجار عنه من البلد أو الميقات أو فيه تفصيل ؟ نسب إلى الشيخ أنه من البلد.
ونسب إلى المشهور أنه من أقرب الأماكن والمواقيت إلى مكة أن أمكن وإلا فمن غيره مراعيا الأقرب فالأقرب.
وذهب جماعة إلى وجوب الاستئجار عنه من البلد مع سعة المال وإن لم يسع فمن الأقرب إلى البلد فالأقرب اختاره في الدروس وهنا قول رابع نسب إلى جماعة-وفي صحة النسبة كلام-وهو الوجوب من البلد مع سعة المال ولو ضاق المال فمن الميقات وإن كان الاستئجار من الأقرب إلى البلد فالأقرب ممكنا.
والفرق بين هذا القول وسابقه هو أن القول السابق لو ضاق المال عن البلد يراعي الأقرب فالأقرب إلى بلده.
وهذا القول إذا لم يسع المال من البلد ينتقل الأمر إلى الميقات رأسا وإن وسع المال من البلاد القريبة لبلده.
والذي ينبغي أن يقال: إنه يقع الكلام في موارد ثلاثة:
الأول في القضاء عن الميت.
الثاني: في الاستئجار عن الحي.
الثالث: في الوصية بالحج.
أما الأول:
فالثابت بالأدلة وجوب اخراج الحج من صلب المال. وإما ابتدائه من البلدأو الميقات فلم يرد فيه أي نص.
نعم:
ورد في الوصية بالحج والحج عن الحي وهما أجنبيان عن المقام فلا بد في مقامنا هذا من الرجوع إلى ما تقتضيه الأدلة والروايات ومقتضاها وجوب الحج عنه.
والحج اسم للأعمال الخاصة والمناسك المعروفة من الاحرام إلى التقصير أو إلى طواف النساء في حج التمتع.
وإما المقدمات وطي المسافات فهي خارجة عن الحج والخارج - من عمومات الإرث واطلاقاتها - إنما هو أجرة الحج نفسه فالواجب حينئذ الاستئجار من الميقات.
وبما أن المواقيت مختلفة في القرب والبعد وكثرة الأجرة وقلتها، يكون الواجب هو الجامع بين الافراد ومقتضى ذلك جواز التطبيق على الأقرب والأبعد فطبعا يكون الواجب في المقام هو مورد الأقل أجرة سواء كان أقرب أو أبعد من حيث المكان، ولا موجب لتطبيق الجامع على الأكثر قيمة بعد امكان تطبيقه على الأقل وسقوط الواجب به. فالصحيح ما اختاره المصنف تبعا للمشهور.
وإن كان الأحوط الاستئجار من البلد مع سعة المال لكن يحسب الزائد عن أجرة الحج الميقاتي من حصة الكبار لا الصغار.
وأما ما اختاره ابن إدريس والدروس من وجوب الاستئجار من البلد مع سعة المال وإلا فمن الأقرب إلى البلد فالأقرب. فاستدل عليه بأنه كان يجب عليه صرف المال من البلد لو كان حيا فلما مات سقط الحج عن بدنه وبقي في ماله ما كان يجب عليه لو كان حيا من مؤنة الطريق من بلده، وادعى تواتر الأخبار بذلك.
ففيه: إن صرف المال من البلد وإن كان واجبا ولكنه واجب مقدمي لا نفسي، ولذا لو فرضنا أنه ذهب شخص مستطيع إلى المدينة أو الميقات لغاية أخرى غير الحج وحج من هناك أجزئه عن حجة الاسلام.
وأما ما ادعاه من تواتر الأخبار بذلك فغير ثابت.
ولعل نظره إلى الروايات الواردة في الوصية بالحج.
الثاني: وهو الاستئجار والنيابة عن الحي.
فالظاهر هو الاجتزاء عن الميقات وعدم وجوب الاتيان به من البلد كما هو مقتضى الاطلاقات وقد تقدم ذلك مفصلا.
ويؤكد ذلك صحيح حريز فإنه صريح في كفاية الاستنابة من غير البلد.
«عن رجل أعطى رجلا حجة يحج بها عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة فقال: لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجه».
الثالث: مورد الوصية بالحج.
وفيه قد يفرض الكلام فيما لا يفي المال للحج البلدي وقد يفرض فيما إذا وفي المال به.
[2] . السيد الخوئي، معجم رجال الحديث، ج3، ص78.
[3] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص167. الباب 2 من ابواب النيابة، الحديث 4.
[4] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص181. الباب 11 من ابواب النيابة، الحديث 1.
[5] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص166. الباب 2 من ابواب النيابة، الحديث 1.
[6] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، 167. الباب 2 من ابواب النيابة، الحديث5.
[7] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص168. الباب 2 من ابواب النيابة، الحديث7.
[8] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص168. الباب 2 من ابواب النيابة، الحديث6.
[9] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص167. الباب 2 من ابواب النيابة، الحديث3.
[10] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص166-167. الباب 2 من ابواب النيابة، الحديث2.
[11] . الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج11، ص169. الباب 2 من ابواب النيابة، الحديث 9.