بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سیزدهم
ففی صحیحة الحلبي عن أبي عبد الله(ع) قال: تقضی عن الرجل حجة الاسلام من جمیع ماله[1].
و مثله صحیحة رفاعه عن أبي عبد الله(ع) قال: سألت أبا عبدالله عن رجل یموت و لم یحج حجة الاسلام و لم یوص بها، أیقضی عنه؟ قال: نعم[2].
ومثلها روایة أُخری معتبرة عن رفاعة قال: سألت أبا عبدالله عن الرَّجل و المرأة یموتان و لم یحجَّا، أیقضی عنهما حجة الاسلام قال: نعم.[3]
فإنَّه عبَّر فی هذه الأخبار عن الاتیان بالحج للمیت بالقضاء کما هو مقتضی القاعدة، و الإتیان سواء کان من ناحیة الورثة أو الوصی فهو بالنِّسبة إلی المیَّت قضاء، و بمقضی هذه الروایات إنه یجب قضاء الحج عن المیِّت. و إذا کان موضوع القضاء الفوت فإذا شك فی اتیان المیِّت بالحج فإنَّه لا یحرز موضوع القضاء باستصحاب عدم الاتیان الَا أنْ یقال:
أنَّ فی بعض الأخبار جعل موضوع الاتیان بالحج عن المیِّت «موت من کان له مال و لم یحج حجة الاسلام من دون المعبَّر عنه بعنوان القضاء نظیر صحیحة معاویة بن عمار عن أبي عبد الله(ع) قال: سألت أبا عبدالله(ع)عن الرَّجل یموت و لم یحج حجة الاسلام و یترك مالاً، قال: علیه أن یحج من ماله رجلاً صرورة لا مال له.[4]
و مثله صحیحة عاصم بن حمید عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر(ع) قال: سألت أبا جعفر(ع) عن رجل مات و لم یحج حجة الاسلام یحج عنه؟
قال: نعم.[5]
و صحیحة سماعة بن مهران عن أبي عبدالله(ع) عَنِ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلاَمِ وَ لَمْ يُوصِ بِهَا وَ هُوَ مُوسِرٌ فَقَالَ يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ صُلْبِ مَالِهِ لاَ يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ.[6]
فإنَّ موضوع لزوم الاتیان بحج المیت فی هذه الأخبار موته و عدم الاتیان بالحج، فالموضوع لوظيفة الوارث أو الوصی مرکب من جزئین موت المورث، و عدم اتیانه بالحج، و الأوَّل محرز بالوجدان و الثانی یحرز باستصحاب عدم اتیانه بالحج.
و افاد السید القمی (قدس سره) ( حاج آقا حسن القمی) فی حاشیة له فی المقام:
« و فیه نظر:
فإنَّ استصحاب بقاء وجوب الزکاة أو الخمس ونحوها، أو استصحاب بقاء اشتغال الذمَّة، فیشکل أنْ یثبت به عنوان دین المیِّت الذی هو موضوع لتوجه الخطاب الی الوارث، فیشکل الحکم به فی غیر حجة الاسلام.
أمَّا فی خصوص حجة الاسلام فمتین، فان موضوع وجوب الحج عن المیِّت هو موت من کان له المال و لم یحج حجة الاسلام کما فی صحیحة معاویة بن عمار، و الموضوع مرکب من جزئین، یحرز أحد الجزئین بالوجدان و هو موت الرجل الذی یکون له المال و الجزء الآخر و هو قوله: لم یحج یحرز بالأصل، فلا اشکال فیه.»
دلیل ما أفاده هو الوجه لفتوی مثل السَّید الخوئی (قدس سره) فیما مرَّ من کلامه «لکن الظَّاهر أنَّه لا مانع من جریان الاستصحاب فی المقام و مقتضاه اشتغال ذمَّة المیِّت بالحج، فیجب القضاء عنه و یخرج من أصل المال؛ لأنَّ موضوعه وجوب الحج علیه و عدم الاتیان به و هو ثابت بالأصل.» بأن یکون مراده من الثَّابت بالأصل هو عدم الاتیان بالحج، و أمَّا وجوب الحج علیه، کان مراده المیت الذی استقر علی ذمته الحج.
و هذا التقریب له وجه خصوصاً مع ذهاب جل أعلام محشی صاحب العروة الی وجوب الاتیان بالحج من ناحیة الورثة أو الوصی و إن عبَّر صاحب العروة عنه بالأظهر.
هذا ولکن فی القبال:
إنَّ ما مرَّ من السَّید الخوئی (قدس سره) فی مقام الایراد علی جریان الاستصحاب علی حاله خصوصاً أنَّ الواجب علی ورثة المیِّت أو وصیه هو الحج بعنوان القضاء دون الأداء و فی روایات الباب و إن کان بعضها التصریح بوجوبه علیهم بعنوان القضاء و له حکمه لا محالة حال کما مرَّ.
نعم یمکن تصویر أنَّ وجوب الحج فی المقام علی الورثة أو الوصی تعبد خاص وحکم مخصوص خارج عن دائرة القضاء بمقتضی صحیحة معاویة بن عمار و أمثالها، الا أنَّه لا یساعده مثل صحیحة الحلبي أو صحیحة محمد بن مسلم التی یصرح فیها بالقضاء علیهم و أنَّه یلزم علیهم اتیان الحج قضاءً عن المیِّت الظاهر فی أنَّ الالزام بالحج لورثة المیِّت لم یکن خارجاً عن دائرة القضاء و لیس بحکم خاص فی مورد الحج و قد مرَّ منَّا أنَّه لو لم یرد هذه الأخبار الخاصة فی لزوم القضاء فی الحج فی مثل المقام لالتزمنا به بعمومات قضاء ما فات عن المکلَّف لصدق الموضوع فی مثل المقام والروایات الواردة منَّا لم یکن فی مقام بناء خاص فی قبال تلك العمومات.
و مما ذکرنا ظهر أنَّ تنزیل الحج بالدین أو تعلُّق الحج بمال المکلف کالخمس و أمثاله لتصحیح وجوب الاتیان بالحج للورثة أو الوصي مشکل جداً، و کان للسَّید القمی (قدس سره) حاشیة أُخری في المقام تتضمن اشکالاً علی هذه الجهة قال:
«...ان استصحاب بقاء وجوب الحج أو الزکاة و الخمس و نحوها أو استصحاب بقاء اشتغال الذمة بها لا یثبت عنوان الدین الذی هو موضوع لتوجه الخطاب الی الوارث.»
وان کان قد رجع عنه فی حاشیته السَّابقة بالنَّسبة إلی خصوص الحج هذا ثَّم:
[1] . الشیخ فی التهذیب باسناده عن موسی بن القاسم عن ابن أبي عمیر عن حماد عن الحلبي عن ابی عبد الله(ع)
فی حدیث قال: یقضي عن الرَّجل حجة الاسلام من جمیع ماله. الحر العاملي، الوسائل، ج 11، ص72، باب28 من أبواب وجوب الحج الحدیث3.
[2] . ما رواه الکلیني عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسین بن سعید عن فضالة عن رفاعة قال: قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ رَجُلٍ يَمُوتُ وَ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلاَمِ وَ لَمْ يُوصِ بِهَا أَ تُقْضَى عَنْهُ قَالَ نَعَمْ . الحر العاملي، الوسائل، ج11، ص73. الباب 28 من أبواب وجوب الحج الحدیث 6.
[3]. الشیخ فی التهذیب باسناده عن موسی بن القاسم عن صفوان عن معاویة بن عمار قال: سألت أبا عبدالله الرَّجُلِ يَمُوتُ وَ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلاَمِ وَ يَتْرُكُ مَالاً قَالَ عَلَيْهِ أَنْ يُحِجَّ مِنْ مَالِهِ رَجُلاً صَرُورَةً لاَ مَالَ لَهُ . وَ رَوَاهُ اَلْكُلَيْنِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ : نَحْوَه . الحر العاملي، الوسائل، ج11، ص73 الباب 28 من أبواب وجوب الحج الحدیث 1.
[4] . الشیخ فی التهذیب باسناده عن موسی بن القاسم عن صفوان عن معاویة بن عمار قال: سألت أبا عبدالله الرَّجُلِ يَمُوتُ وَ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلاَمِ وَ يَتْرُكُ مَالاً قَالَ عَلَيْهِ أَنْ يُحِجَّ مِنْ مَالِهِ رَجُلاً صَرُورَةً لاَ مَالَ لَهُ .
وَ رَوَاهُ اَلْكُلَيْنِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ : نَحْوَه . الحر العاملي، الوسائل، ج11، ص73 الباب 28 من أبواب وجوب الحج الحدیث 1.
[5]. الشیخ فی التهذیب باسناده عن موسی بن القاسم عَنِ اَلنَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلاَمِ يُحَجُّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ . الحر العاملي، الوسائل، ج11، ص73، الباب28 من ابواب وجوب الحج الحدیث2.
[6] . الشیخ قدس سره فی التهذیب باسناده عن موسی بن القاسم عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى وَ زُرْعَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنِ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلاَمِ وَ لَمْ يُوصِ بِهَا وَ هُوَ مُوسِرٌ فَقَالَ يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ صُلْبِ مَالِهِ لاَ يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ . الحر العاملي، الوسائل، ج11، ص72، الباب28 من ابواب وجوب الحج الحدیث4.