بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهلم
و أورد علیه السید الخوئی (قدس سره):
بان عدم التمکن إنَّما یوجب سقوط التکلیف ما دام العجز باقیاً لا إلی الأبد ولو عاد التمکن عاد التکلیف، و تجدد القدرة یکشف عن البطلان من الأوّل.
و العبرة فی صحة الاجارة بمشروعیة العمل حال العمل و زمانه لا حال الإجارة، فإنَّ کان العمل حال الإیجار جائزاً و عند العمل غیر جائز بطلت الإجارة من الاوّل.
نعم:
اذا حصل التمکن بعد الفراغ من العمل بحیث لا یتمکن من التدارك فلا مانع من الحکم بصحة الاجارة.
هذا فيما لو عاد التمکن بعد الاجارة.
و أمّا اذا کان حال انعقاد الاجارة جاهلاً و کان جهله عذریاً کما فی الجهل بالاستطاعة ، أو اعتقاد عدم الفوریة اجتهاداً أو تقلیداً أو أخبر ثقة بعدم لزومها خطاً أو نحو ذلك من امثلة الجهل العذری یصح الحج التطوعی و الحج عن الغیر، کما ان الاجارة عن تسلیم العمل المستأجر علیه هو الأمر بحجة الاسلام اذا کان واصلاً الی المکلف دون أصل التکلیف بها و ان لم یصل.
و لذا قلنا انه لا تنافی بین الحکم الواقعی و الظاهری، فبحسب الظاهر يجوز له ترك حجة الاسلام فی هذه السنة لقوله (ع): (رفع ما لا یعلمون) و ان کان فی الواقع مأموراً بالاتیان بها فوراً ، الا انه لم یصل الیه فترکها، فیحکم بصحة الاجارة للحج عن الغیر مادام الجهل باقیاً.
و أما اذا کان الجهل بالفوریة جهلاً تقصيریاً بان احتمل وجوبها و لم یفحص کما هو الغالب فی الجهل بالفوریة فحینئذٍ یجری فیه جميع ما ذکرناه فی العالم العامد فینبغی الحکم ببطلان الاجارة حینئذ، لان الأمر بالحج عن نفسه فوراً منجِّز فکیف یمضی الشارع اجارة نفسه للحج عن غیره؟
فالحاق الجاهل بالفوریة مطلقاً بالجاهل بالاستطاعة و بغیر التمکن من الحج عن نفسه لا وجه له، بل لا بد من التفصیل بین ما اذا کان جهله بها عن قصور و بین ما کان عن تقصیر، فالأوَّل ملحق بالجهل بالاستطاعة، و الثَّانی ملحق بالعالم العامد، لأنَّ الجاهل القاصر عامد.
و قد مرَّ أنه یمکن توجیه ما أفاده صاحب العروة (قدس سره) فی المقام من صحة الحج عن الغیر إذا أتی بها غیر المتمکن أو الجاهل بالاستطاعة أو الجاهل بالوجوب فوراً مطلقاً و بلا فرق فیه بین الجهل القصوری و الجهل التقصیری و کذا ما افاده فی المقام من صحة الاجارة فی حال عدم التمکن و کذا عنه الجهل بالاستطاعة و کذا الجهل بالفوریة مطلقاً أیضاً بلا تفصیل فیه بین الجهلین:
بان هنا مقامان:
المقام الأوَّل فی صحة الحج بالنسبة الی هؤلاء.
فنقول:
إنَّ ما استدل به علی حرمة الحج و بطلانها لمن وجب علیه الحج تارة:
أن الأمر بالشی یقتضی النهی عن ضده و تعلّق النهی بالعبادة فی مثل المقام یوجب الفساد.
و أجاب عنه صاحب العروة بعدم الاقتضاء و إنَّ مقضی الأمر بشیء هو النهی التبعی الغیر المستلزم للمغبوضیة الذاتیة الموجبة لبطلان العمل و هذا علی فرض الاقتضاء. وعلیه فإنَّ المتمکن العالم المتعمد اذا أتی بحج الغیر مع استقرار الحج علیه لم تبطل حجه فضلاً عن غیر المتمکن أو الجاهل قصوراً أو تقصیراً.
کما انه افاد فی مقام دفع شبهة شیخنا البهائی من ان الأمر بالشیء لایجتمع مع الأمر بضده لاستلزامه اجتماع الضدین:
انه یکفی فی صحة الحج فی المقام قصد الملاك و لو مع انتفاء الأمر بمقتضی الاستلزام المذکور.
و قد دفعنا فی مقامه شبهة السید الخوئی من أنَّ الکاشف عن الملاك و المحبوبیة إنما هو الأمر و مع فقده لا طریق لانکشافه:
بان الأمر اذا سقط بمقتضی المزاحمة أو التضاد أو أی موجب آخر فإنه لا تسقط کاشفیته عن الملاك، بل الساقط إنما هو نفس الأمر فی ذاك الموقع الخاص و بتعبیرنا ان الساقط هو فعلیة الأمر دون نفسه و معه فلا محذور فی کاشفیته عن المحبوبیة الذاتیة و لو دون الفعّلیة و الملاك و یمکن قصده فی مقام الاتیان بالحج.
و مع ذلك فانه اذا امکن تصحیح الحج عن الغیر فی المقام بقصد الملاك من المتمکن العامد العالم، فکیف بغیر المتمکن أو الجاهل قصوراً أو تقصیراً.
و ان کان الوجه فی مقام الاستدلال علی بطلان الحج الاخبار فقد مر انه (قدس سره) افاد بان دلالة الصحیحین علی صحة الحج و اجزائها عن المیت أولی من دلالتها علی البطلان، و الظاهر انه لمکان قوله (ع): (و هی تجری عن المیت ان کان له مال و ان لم یکن له مال) حیث إنَّه ظاهر فی صحة الحج و اجزائه من المتمکن عن حجة الاسلام ، و بما أنَّ الامام(ع) لم یقید الاجزاء بصورة الجهل بالاستطاعة أو الجهل بالفوریة، فإنَّ فیه الاطلاق بالنسبة الی صورتی العلم و الجهل و فی الجهل بین صورتی القصور و التقصیر.
کما ان الراوی ترك الاستفصال فی المقام و السؤال عن صورة العلم بالاستطاعة أو الوجوب أو الفوریة.
و قد دفع (قدس سره) ما استدل به من اختصاص عام الاستطاعة بالحج عن نفسه بان أدلة الفوریة لا دلالة فیها علی الاختصاص فلا مانع من صحة الحج من هذه الجهة.
و علیه فإنَّ فتوی صاحب العروة بصحة الحج فی المقام فی صورة عدم التمکن و فی صورة العلم بالاستطاعة أو بالوجوب أو الفوریة. تامة حسب ما اختاره من الوجه. و لا اختصاص للصحة بصورة الجهل حتی یبحث فی مورده بین صورة الجهل النذری أو غیر النذری.
و أما بناءً علی دفع ما افاده شیخنا البهائی بالترتب کما هو اختیار بعض الاعلام:
فان فی صورة الترتب ان الأمر بحجة الاسلام اهم من الأمر بحج الغیر و یمنع عن فعلیة الأمر بها. ولکن مع سقوطه بالعصیان فانما یرتفع المانع بالنسبّة الی الأمر بالمهم ای الحج عن الغیر.
و هذا انما یکون للمتمکن العالم العامد.
نعم، انما یبتلی بعصیان الاهم بترکه و هو یورث الحکم التکلیفی بعدم الجواز و الحرمة. ولکن ذلك لایمنع عن عود الأمر بالمهم الی الفعلیة و الداعویة، و هو اذا صح الاتیان بحج الغیر بمقتضی هذا الأمر فی فرض عصیان الأمر بحجة الاسلام لا یفرق فیه العالم و الجاهل، لانه اذا صح الاتیان بحج الغیر عالماً لصح الاتیان بها فی صورة الجهل قصوراً أو تقصیراً.
و علیه فإنَّ التنقل بین الجهل القصوری و التقصیری فی المقام کما مرَّ فی أکثر الحواشی لا سبیل إلیه.
نعم:
مرَّ منا التأمل فی جریان الترتب فی المقام و ان کنا نلتزم به من حیث الکبری و ذلك لمکان عدم امکان الالتزام بتحقق العصیان عند عدم الاتیان بحجة الاسلام فی عام الاستطاعة و لو عامداً. لما مرَّ من أنَّ الحج واجب موسع و لیس فی أدلة الفوریة ما دل علی تحقق العصیان فی صورة ترکها. بل إنَّ أدلة الفوریة إنَّما دلت علی الارشاد الی امکان انتفاء موجبات الاستطاعة عند التأخر مع بقاء وجوبها علی ذمته و استقراره بتحقق الاستطاعة.
کما احتملنا أنَّ مع التسلم فإنَّ الجهل و لو کان غیر عذری فانه یوجب سلب القدرة و التمکن بالنسبة الی الفعل کما فی غیر العذری، فإنَّ الجهل بما هو یوجب عدم التمکن الفعلی. وصورة التقصیر و ان کان یستوجب العقاب بترك الواجب لا بصرف ترك الفحص أو التعلم ، الا انه لا یوثر فی جهة الوضع. لأن الوضع متوقف علی القدرة و الجهل یمکنه سلب هذه القدرة فی مقام العمل.
المقام الثانی:
فی ما أفاده صاحب العروة من صحة الاجارة اذا لم یتمکن من الاتیان بحجة الاسلام و عدم بطلانها بعود التمکن بعد تحقق الاجارة. و کذا حکمه بصحتها عند العلم بالاستطاعة حینها و کذا العلم بالفوریة قصوراً أو تقصیراً .
فنقول:
إنَّ ما استند الیه صاحب العروة لبطلان الاجارة فی المقام امران:
الاوّل:
ان متعلق الاجارة یلزم أن یکون تسلیمه مقدوراً ، و فی المقام لیس للأجیر هذه القدرة شرعاً، لانه یلزمه صرف قدرته فی الواجب عن نفسه.
الثانی:
ان الأمر بالشیء یستلزم النهی عن ضدّه و لو تبعاً و هذا النهی التبعی و ان لا یوجب المبغوضیة الذاتیة، الا انه یوجب المبغوضیة الفعلیة باستلزم ترك المصلحة فی الأهم. و اذا کان مبغوضاً لا تصح تعلق الاجارة به لأن الله اذا حرم شیئاً حرم ثمنه.
و علی الاوّل:
فان فی صورة عدم التمکن من الاتیان بحج نفسه فانما تنفی القدرة الشرعیة و الفعلیة المانعة عن الاتیان بمتعلق الاجارة، و علیه فلا مانع عن صحة الاجارة.
و اما اذا کان جاهلاً بالاستطاعة أو بالفوریة اجتهاداً أو تقلیداً ، فانه و إن کان بحسب الواقع أنَّ متعلق الإجارة غیر مقدور بالنسبة الیه و لا یمکنه التسلیم ولکن فی اعتقاده أنه مقدور له و بحسب الظاهر، و هذا یکفی فی صحة الاجارة لکفایة القدرة ظاهر فی تسلیم متعلقها.
و ان کان جاهلاً بجهل غیر عذری کما مثلوا لها بالجهل بالفوریة من حیث إنَّه جهل فی الشبهة الحکمیة:
فإنَّ الأجیر فی هذا المقام ان القدرة الظاهریة المعتبرة فی انعقاد الاجارة من جهة امکان تسلیم متعلقه ظاهراً متحققة، و ان کان فی الواقع انه لا یقدر علی التسلیم، کما فی الصورة السابقة.
و تقصیره من جهة ترك الفحص أو ترك لا یمنع عن حصول هذه القدرة ظاهراً و لیس له أثر وصفی. بل ان أثره التکلیف، و ترك الواجب فی صورة استلزمه ترك الواجب مستنداً الی ترك التعلم أو الفحص لا مطلقاً. و معه فیمکن تصویر صحة الاجارة فی هذا المقام أیضاً.
هذا کله نباءً علی ما اختاره صاحب العروة من بطلان الاجارة عند التمکن.
و أما حسب ما قررناه من صحة الاجارة فی المقام من جهة عدم تمامیة الموجب لبطلانه، لا من جهة سلب قدرته علی ما وجب علی نفسه و لا من جهة اقتضاء الأمر بالضد النهی عن هذه و لو تبعاً.
لما مر من عدم اعتبار قدرة خاصة شرعیة فی حج الغیر، و ان المعتبر فیه العذرة عقلاً، و هی متحققة فی المقام بالاتیان به بقصد الملاك.
و ان النهی التبعی لا یوجب المبغوضیة الذاتیة و لا یمنع عن ثبوت الملاك فی المهم کما مرَّ.
مضافاً الی أن القدرة علی واجبه ای حجة الاسلام لا تقتصر علی قدرته بالإتیان فی عام الاستطاعة، بل لو تأخرها و أتی به فی السنة الآتیة لما سلب القدرة علی الواجب علیه، بتسلیم متعلق الاجارة فی المقام حسب ما مرَّ تفصیله.
ثم ان بناءً علی بطلان الاجارة حسب فتوی صاحب العروة و حصر الصحة بما اذا کان غیر متمکن من واجب نفسه:
فلو حصل التمکن لواجبه بعد الاجارة.
فالتحقیق:
ان المعتبر فی الاجارة کون متعلقها مقدوراً حین الاتیان بها و حین الفعل، فتصح الاجارة اذا کان متعلقها غیر مقدور حین الاجارة ولکن کان عالماً بکونه مقدوراً فی زمان فعلها.
و علیه فلو قلنا بان القدرة علی التسلیم ثابتة حال الاجارة ولکن اتفق عدم القدرة علیه بحصول التمکن من حج نفسه بعد ذلك فلو کان حصول هذا التمکن فی ظرف امکن الأتیان فیه بواجب نفسه و حجة الاسلام لزم الحکم ببطلان الإجارة لصيرورة تسلیم متعلقها غیر مقدور فی هذا الظرف ، فتبطل الإجارة.
نعم لو کان حصولها بعد فوت ظرف استدراك، الحج عن نفسه فلا یوجب ذلك بطلان الاجارة .