بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه یک
قال صاحب العروة :
« السادس: عدم اشتغال ذمته بحج واجب عليه في ذلك العام، فلا تصح نيابة من وجب عليه حجة الإسلام، أو النذر المضيق مع تمكنه من اتیانه.
وأما مع عدم تمكنه لعدم المال فلا بأس.
فلو حج عن غيره مع تمكنه من الحج لنفسه بطل على المشهور.
لكن الأقوى: أن هذا الشرط إنما هو لصحة الاستنابة والإجارة، وإلا فالحج صحيح وإن لم يستحق الأجرة.
وتبرأ ذمة المنوب عنه على ما هو الأقوى من عدم كون الأمر بالشئ نهيا عن ضده.
مع أن ذلك على القول به وإيجابه للبطلان انما یتم مع العلم و العمد،و اما مع الجهل او الغفلة فلا .
بل الظاهر صحة الإجارة أيضا على هذا التقدير، لأن البطلان إنما هو من جهة عدم القدرة الشرعية على العمل المستأجر عليه.
حيث إن المانع الشرعي كالمانع العقلي.
ومع الجهل أو الغفلة لا مانع لأنه قادر شرعا.»
قال السید الحکیم فی ذیل قول الماتن : (... لکن الأقوی أنَّ هذا الشرط انما هو لصحة الاستنابة و الاجارة، و الا فالحج صحیح و ان لم یستحق الاجرة ...)
« قد تقدمت الإشارة إلى الإشكال فيه ، لأن الأجير إنما يأتي بالحج بعنوان الوفاء بالإجارة الصحيحة ، فإذا فرض بطلان الإجارة وانتفاء الوفاء بها ، فلا قصد للنیابة فیه، فلا یصح لانتفاء القصد الیه.
وحينئذ لا يستحق الأجرة المسماة ، لبطلان الإجارة ، ولا أجرة المثل بقاعدة : « ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده » ، لبطلان الحج ولا أجرة للباطل. وقد تقدم في المسألة الواحدة والثلاثين من الفصل السابق : أن الوفاء ملحوظ قيداً على نحو وحدة المطلوب.
اللهم إلا أن يكون في المقام بحكم تعدد المطلوب. فراجع»
و افاد فی ذیل قوله : (وأما مع الجهل والغفلة فلا بل الظاهر صحة الإجارة أيضاً على هذا التقدير ، لأن البطلان إنما هو من جهة عدم القدرة الشرعية على العمل المستأجر عليه حيث أن المانع الشرعي كالمانع العقلي ، ومع الجهل أو الغفلة لا مانع ، لأنه قادر شرعاً .)
« القدرة الشرعية منتزعة من ترخيص الشارع ، فاذا كان الفعل مرخصاً فيه شرعاً فهو مقدور شرعاً. كما أن القدرة العقلية منتزعة من ترخيص العقل ، فاذا كان الفعل مرخصاً فيه عقلاً فهو مقدور عقلاً. وحينئذ يجتمعان ـ بأن يكون الفعل مرخصاً فيه شرعاً وعقلاً ـ كما لو علم المكلف بجواز الفعل ، فإنه مرخص فيه شرعاً وعقلاً. وقد يكون الشيء مرخصاً فيه شرعاً غير مرخص فيه عقلا ، كما لو اعتقد بحرمة شيء خطأ وكان جائزاً شرعاً ، فان الترخيص الشرعي الواقعي يستتبع القدرة الشرعية. لكن القطع بالحرمة مانع من ترخيص العقل ، فلا يكون مقدوراً عقلاً .
وقد ينعكس الأمر ، كما لو اعتقد جواز شيء هو حرام شرعاً واقعاً. وقد ينتفيان معاً ، كما لو اعتقد حرمة فعل هو حرام واقعاً.
وعلى هذا إذا كان المكلف جاهلا بوجوب الحج الإسلامي عليه ، أو كان غافلا عن ذلك ، فهو يعتقد جواز الحج النيابي شرعاً خطأ ، فيكون قادراً عقلا لا شرعاً.
مضافاً إلى أن القدرة المعتبرة في صحة الإجارة القدرة على العمل المستأجر عليه عقلا لا شرعاً. ولذا بني على بطلان الإجارة في الفرض إذا كان المكلف ملتفتاً وإن لم نقل بأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده،
إذ القدرة ـ المنتفية في الفرض ـ القدرة العقلية لا الشرعية. وكأن المراد من قوله (ره) في المتن : « لأنه قادراً شرعاً » القدرة العقلية المستندة إلى الشارع ، في مقابل القدرة العقلية التكوينية. نظير قولهم : « المانع الشرعي كالمانع العقلي ». ومن هنا يحسن تقسيم القدرة إلى تكوينية وتشريعية ، والتشريعية إلى عقلية وشرعية ».
و أفاد السید الخوئي : فی ذیل قوله : (السادس عدم اشتغال ذمته ...)
«كما سبق التعرض له فيما مرّ، وقلنا أنّ اشتغال الذمة بالحجّ الواجب عليه باستطاعة أو نذر ونحوهما وهو متمكن منه فعلاً سالب للقدرة شرعاً على الحجّ عن غيره، لما بينهما من المضادة والمزاحمة، ولأجله يجب صرف قدرته فی الاوّل
نعم:
لو خالف وعصى فنوى الحجّ عن الغير صحّ وبرأت ذمته بناءً على ما هو الصحيح من إمكان الخطاب الترتبي، وعدم كون الأمر بالشيء مقتضياً للنهي عن ضدّه كما هو محرر في الأصول، ولكنه لا يستحق الأجرة المسماة لبطلان الإجارة مع هذه الحالة.
إذ لو آجره في هذه السنة معلقاً على عصيان الأمر الأول كان ذلك من التعليق المبطل للعقد.
وإن آجره مطلقاً لم يكن الأجير متمكناً من الوفاء به على صفة الإطلاق، فما أنشأه لا يمكن الوفاء به وما يمكن ــ وهو المقيد ــ لم يتعلق به الإنشاء حسب الفرض، وإلا لبطل كما عرفت.
نعم يستحق أجرة المثل لقاعدة (ما يُضمن بصحيحه يضمن بفاسده).
هذا كله في فرض العلم والعمد.
وأما في فرض الجهل فإن كان عن تقصير فهو ملحق بالعمد، وأما إن كان عن قصور بحيث كان معذوراً فيه لشبهة حكمية أو موضوعية فالظاهر صحّة الإجارة حينئذ، إذ مجرد التكليف الواقعي لا يكون سالباً للقدرة الشرعية ما لم يبلغ حدّ التنجيز، لعدم المضادة بين الحكم الواقعي والظاهري.
وأوضح حالاً صورة الغفلة.
لارتفاع الأمر حينئذ حتى في صقع الواقع، فيكون النائب قادراً على النيابة في هذه السنة ظاهراً وواقعاً، فلا مانع من صحّة الإجارة حينئذ بوجه، كما هو ظاهر جداً.»