بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بیست و سوم
قال السيد الحکيم في المستمسك في تقريب مقالة المشهور:
« كما صرح به جماعة ، وحكي عن المشهور ، كذا في المستند . وقال في المنتهى : " مسألة : هذه الشروط التي ذكرناها ،
منها : ما هو شرط في الصحة والوجوب ، وهو العقل . لعدم الوجوب على المجنون ، وعدم الصحة منه .
ومنها : ما هو شرط في الصحة دون الوجوب ، وهو الاسلام ، على ما ذهبنا إليه من وجوب الحج على الكافر .
ومنها : ما هو شرط في الوجوب دون الصحة ، وهو البلوغ ، والحرية ، والاستطاعة ، وإمكان المسير . لأن الصغير والمملوك ، ومن ليس له زاد ولا راحلة ، وليس بمخلى السرب ولا يمكنه المسير لو تكلف الحج يصح منهم وإن لم يكن واجبا عليهم ، ولا يجزيهم عن حج الاسلام على ما تقدم . . »[1]
وفي المدارك حكي ذلك عن التذكرة ولم اجده في ما يحضرني من نسختها.
وفي الدروس ـ بعد ان ذكر الشرائط، وانهاها الى ثمانية قال:
«ولو حج فاقد هذه الشروط لم يجزه، وعند لو تكلف المريض المنصوب والممنوع بالعدو، وتضيق الوقت اجزأه ذلك. لان ذلك من باب تحصيل الشرط، فانه لايجب. ولحصله وجب واجزأ.
نعم. لو ادى ذلك الى اضرار بالنفس يحرم انزاله، ولو قارن بعض المناسك احتمل عدم الاجزاء
وقال بعد ذلك:
فانقسمت الشرائط إلى أربعة أقسام : الأول : ما يشترط في الصحة خاصة ، وهو الإسلام . الثاني : ما يشترط في المباشرة ، وهو الإسلام والتمييز . الثالث : ما يشترط في الوجوب ، وهو ما عدا الإسلام . الرابع : ما هو شرط في الإجزاء ، وهو ما عدا الثلاثة الأخيرة . وفي ظاهر الفتاوى كل شرط في الوجوب والصحة شرط في الإجزاء ..
ويريد من الثلاثة الأخيرة : الصحة من المرض ، وتخلية السرب ، والتمكن من المسير »[2]
وحاصل ما افاده الشهيد (قدس سره):
ان من لا يتمكن من الامن في طريقه الى الحج، او لا يتمكن من صحة البدن او ضاق وقت الوصول اليه بالنسبة اليه بحيث استلزم الاتيان بالحج في هذه الظروف الحرج، فانه وان لا يجب الحج بالنسبة اليه فيها الا انه اذا اتى به بتحمل الحرج الذي يلزم منها، يجزي ما اتى به عن حجة الاسلام.
واساس استدلال الشهيد في ذهابه الى الاجزاء في قبال المشهور القائل بعدم الاجزاء:
ان التمكن من الطريق شرط لوجوب الحج، ومثله صحة البدن وسعة الوقت. وفي ظرف عدم التمكن منها لا يحب الحج، الا انه بما ان امن الطريق يوجب امكان الحضور في الميقات في زمان الحج، والتمكن من الحضور شرط.
وكذا ان صحة البدن يوجب التمكن من الاتيان بالمناسك في وقتها، وان فاقدها لا يحصل له هذا التمكن. فهي شرط لوجوب الحج وايضاً ان سعة الوقت يوجب التمكن من الوصول الى الحج في وقته وهو شرط لوجوب الحج كسابقيها.
والمفروض عدم تحقق هذه الشرط له في هذه الظروف فلا يجب الحج ويكون مثل من لم يتحقق له التمكن المالي ولا يكون واجداً للاستطاعة المالية ولا يجب عليه الحج.
ولكن هنا لو هم فاقد الشرط لتحصيله بان اهتم غير المستطيع بتحصيل التمكن المالي ولو بجهد ومشقة فصار مستطيعاً، فانه يجب عليه الحج بتحقق الشرط، وان كان الشرط قد حصّله ولا يكون تحصيل الشرط واجباً عليه الا انه لو تحصل الشرط وجب عليه الحج ويجزي عن حجة الاسلام كما انه قد مرّ انه لو استقرض وكان بعد الاسقراض متمكناً من الاتيان بالحج فانه وجب عليه الحج عند كثير ويجزي عن حجة الاسلام.
وفي المقام ايضاً لو حصل غير المتمكن الشروط الثلاثة اي: طي الطريق والوصول الى الميقات ولو على مشقة، واتى بالمناسك مع عدم صحة البدن بالجهد والمشقة، واهتم بالوصول الى الحج في وقته في ضيق الوقت بالجهد والمشقة، فانه وان كان لا يجب عليه الحج حال عدم تمكنه الا انه لو حصل الشرط له بالمشقة فبحصول الشرط صار الفاقد واجداً وغير المتمكن متمكناً فيجب عليه الحج ويجزي عن حجة الاسلام.
ثم ان الشهيد (قدس سره) افاد:
بانه لو استلزم تحصيل هذه الشروط اضراراً بالنفس فيحرم تحصيلها، ولكنه لا يضرُ بصحة الحج واجزائه عن حجة الاسلام غاية الامر انه ارتكب حراماً.
الا اذا قارن الاضرار لبعض المناسك بمعنى ان الاتيان ببعض اجزاء الحج اوجب الاضرار بالنفس بان ينطبق عنوان المحرم على الجزء الواجب من الحج.
ففي هذا المورد احتمل عدم الاجزاء.
واحتماله ينشأ:
اما من ناحية لزوم الاتيان بالمقرب بالمبغوض.
واما بترجيح جانب النهي عند اجتماع الامر والنهي.
واما من جهة ان الضرر اذا بلغ الى حد الحرمة فانما يرفع الملاك الموجب للامر بالحج.
هذا وقد اجاب صاحب العروة (قدس سره) عن الشهيد:
« أن مجرد البناء على ذلك لا يكفي في حصول الشرط . مع أن غاية الأمر حصول المقدمة ، التي هو المشي إلى مكة ومنى وعرفات . ومن المعلوم أن مجرد هذا لا يوجب حصول الشرط ، الذي هو عدم الضرر أو عدم الحرج.»[3]
[1] . السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقى ، ج10، ص182
[2]. مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص181ـ 182.
[3]. العروة وا لوثقى المحشى، ج4، ص425.