بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بیست و یکم
ويمکن ان يقال:
انه لا منافاة بين اختيار صاحب العروة في المقامين کما يظهر من السيد الحکيم (قدس سره) لما مر من السيد المحقق الفيروز آبادي، لانه جعل عنوان البحث في الفرع السابق: وان اعتقد المانع من العدو او الضرر او الحرج وظاهر العنوان بقرينة ذکر المصاديق المانع عن التکليف عقلاءً والذي لا يبادرون العقلاءً في مثله نحو الفعل، ومثله يشمل جميع الموانع غير الشرعية التي يمنع عن فعلية التکليف.
واما في هذا الفرع فان ظاهر العنوان وان اعتقد عدم مانع شرعي والمانع الشرعي، هو ما يمنع عن فعلية التکليف شرعاً کاستلزام العقل ترك واجب اهم او ارتکاب محرم کذلك کما افاده السيد الخوئي (قدس سره)وهذا المانع انما يمنع عن القدرة الشرعية وان لم يمنع عن القدرة العقلية، والحج حسب ما مر تحقيقه مشروط بالقدرة الشرعية بمعنی ان فقدانها يوجب العجز شرعاً والعجز الشرعي کالعجز العقلي وان غير القادر شرعاً کغير القادر عرفاً. فيمنع المانع الشرعي عن التمکن لاتيان الحج عرفاً.
نعم:
ان سلب القدره الشرعية بمقتضی قيام المانع الشرعي انما کان لاجل وجوب صرف القدرة علی الواجب الاهم بمقتضی التزاحم. فان وجوب الفعلي للاهم يوجب عدم فعلية الواجب المهم. کما ان استلزامه ارتکاب المحرم يوب عدم فعليته.
وفرض المسالة ليس هو ثبوت المانع بل الفروض فيها اعتقاد المانع. ومعناه ان المانع بوجوده الحقيقي لا يمنع عن فعلية التکليف بالمهم لعدم تحققة في الواقع. ولا يمنع المانع الاعتقادي اي المانع بحسب اعتقاد المکلف عن فعلية التکليف بالمهم واقعاً.
الا ان ما يسهل الخطب في المقام ان التکليف بالحج هنا لا يصير فعلياً بالنسبة الی المعتقد بالخلاف.
ولذلك: فاذا اعتقد وجود المانع وترك الحج فانما ترك ما ليس فعلياً من الحکم بالنسبة اليه فلا وجه لاستقرار الحج عليه.
فما افاده السيد الخوئي (قدس سره) في غاية المتانة وقد التزم بعد استقرار الحج في مفروض المسالة السيد الفيروز آبادي والسيد عبد الهادي الشيرازي قدس سرهما.
واما اذا اعتقد عدم مانع شرعي فحج فالظاهر الاجزاء اذا بان الخلاف ووجه الاجزاء واضح.
لان معنی عدم الاعتقاد بوجود المانع الشرعي، عدم حصول العلم بالواجب الاهم. او ما يستلزمه من ارتکاب الحرام، وفي فرض عدم حصول العلم لا مانعية بالنسبة الی فعلية المهم فهو اتی بالامر الفعلي بالحج، والامر بالاهم وان کان في الواقع ثانياً الا انه لا مانعية له بالنسبة الی المهم ما لم يصل الی المکلف.
هذا.
وقد افاد المحقق الفيروزآبادي في حاشيته: بل الظاهر عدمه اي عدم الاجزاء.
وافاد السيد البروجردي :
«الا اذا تبين اتحاد بعض اعمال الحج مع الحرام، وکان غير مقدور في جهله.»
وما افاده تفصيل في المسألة بين اتحاد بعض اعمال الحج مع الحرام اذا استلزم الاتيان بالحج ارتکاب الحرام وکان المانع المتصور عدم الحرام وکان اعتقاده بعدم المانع الناشي عن جهله بالمانع عن غير عذر وبين عدم اتحاد بعضها مع الحرام مع کونه معذوراً في جهله بالالتزام بالاجزاء في الاخير دون الاول.
ووجه صورة اتحاد بعض اعمال الحج مع الحرام لزوم الاتيان بالامر القربي بالمبغوض.
ووجه لزوم کون جهله عن عذر عدم تقصيره في جهله، لان الجاهل المقصر غير معذور في الاتيان بالحج المبتلی بالمانع فلا وجه لاجزائه عن حجة الاسلام.
ويمکن ان يقال:
ان المانع المتصور هنا صورة استلزام الحج ترك واجب اهم او حرام کذلك، دون صورة اتحاد بعض اجزاء الواجب مع اجزاء الحرام فانه داخل في الاتيان بالحج ببعض اجزاء المحرم کقضية توجب الاحرام مع جهله بذلك نظير کون لباس المصلي مغصوباً مع جهله به.
واعتقاد المانع في المقام لا يشمل مثله.
هذا مع ان مع القول بان الاعتقاد بالخلاف نفسه العذر، بل هو من اعظم الاعذار، لافترق المقام مع صورة الجهل.
کما ان القول بعدم الاجزاء في المقام يبتني علی شرطية عدم المانع کالضرر والحرج ولو في الواقع بان لا يعلم بهما. وان الضرر کالحرج بوجوده الواقعي يوجب سقوط الامر بالحج.
وهذا قد مر البحث فيه تفصيلاً.
قال صاحب العروة (قدس سره):
«ثانيهما: ـ وهو الامر الثاني من الامرين اللذين تعرض لهما في هذه المسألة ـ إذا ترك الحج مع تحقق الشرائط متعمدا ، أو حج مع فقد بعضها كذلك . أما الأول فلا اشكال في استقرار الحج عليه مع بقائها إلى ذي الحجة ثانيهما : إذا ترك الحج مع تحقق الشرائط متعمدا ، أو حج مع فقد بعضها كذلك . أما الأول فلا اشكال في استقرار الحج عليه مع بقائها إلى ذي الحجة .
وأما الثاني:
فإن حج مع عدم البلوغ أو مع عدم الحرية فلا اشكال في عدم اجزائه إلا إذا بلغ أو انعتق قبل أحد الموقفين على اشكال في البلوغ قد مر»[1]
لا شبهته في انه اذا ترك الحج مع تحقق الشرائط متعمداً لاستقر عليه الحج والمعيار في الاستقرار، وصول ترکه الی زمان لا يتمکن بعده من الوصول الی الحج علی ما مرّ توضيحه.
واما في صورة فقد بعض الشرائط:
فان حج مع عدم البلوغ او عدم الحرية.
فان حج مع عدم الحرية فلا يجزي عن حجة الاسلام الا اذا انعتق قبل احد الموقفين. لدلالة النص وقد مرّ البحث فيه تفصيلاً.
وان حج مع عدم البلوغ فلا شبهة في عدم اجزائه عن حجة الاسلام لدلالة النصوص المعتبرة وقد مر تفصيل البحث فيها.
واذا بلغ في الاثناء قبل احد الموقفين، فان في اجزاء حجه عن حجة الاسلام اشکال وهو ان النصوص الواردة في اجزاء ما اتی به عن حجة الاسلام اذا بلغ في الاثناء وقبل احد الموقفين تختص بالعبد ولم يرد في الصبي نص اذا بلغ قبل احد الموقفين. ومقتضی اطلاق الادلة عدم اجزاء حجه عن حجة الاسلام اذا بلغ قبل احدهما.
ولکن قد مر ما في دفع هذا الاشکال بالغاء الخصوصية عن العبد واسراء الحکم الی الصبي تفصيلاً.
الفرع الثالث ـ من الامر الثاني ـ
قال صاحب العروة:
« ... وإن حج مع عدم الاستطاعة المالية فالظاهر مسلمية عدم الاجزاء ولا دليل عليه إلا الاجماع ، وإلا فالظاهر أن حجة الاسلام هو الحج الأول ، وإذا أتى به كفى ولو كان ندبا ، كما إذا أتى الصبي صلاة الظهر مستحبا - بناء على شرعية عباداته فبلغ في أثناء الوقت فإن الأقوى عدم وجوب إعادتها ودعوى : أن المستحب لا يجزي عن الواجب ممنوعة ، بعد اتحاد ماهية الواجب والمستحب . نعم لو ثبت تعدد ماهية حج المتسكع والمستطيع تم ما ذكر ، لا لعدم اجزاء المستحب عن الواجب . بل لتعدد الماهية.»[2]
هذا وقد مر تفصيل البحث في هذا الفرع في الفرع الثالث من الامر الاول ـ وان اعتقد کونه مستطيعاً مالاً وان ما عنده يکفيه فبان الخلاف بعد الحج ...
[1] . العروة الوثقى المحشى، ج4، ص421ـ 422.
.[2] العروة الوثقى المحشى، ج4، ص422ـ 424