بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بیست
الفرع السابع:
قال صاحب العروة:
«وان اعتقد عدم مانع شرعي فحج فالظاهر الاجزاء اذا بان الخلاف.وان اعتقد وجوده فترك فبان الخلاف فالظاهر الاستقرار »[1]
وقد افاد صاحب العروة (قدس سره)في الفرع السابق:
انه لو اعتقد المانع من العدو او الضرر او الحرج فترك الحج ان الاقوی عدم استقرار الحج علی ذمته.
وافاد في المقام انه لو اعتقد وجود المانع فبان الخلاف فالظاهر الاستقرار.
وهذا ان لا يجتمعان بحسب الظاهر.
وافاد السيد الحکيم (قدس سره)في ذيل قوله « وان اعتقد وجوده فترك فبان الحخلاف فالظاهر الاستقرار»
«لما عرفته في من اعتقد المانع من العدو او الضرر او الحرج من ان الوجه الاستقرار.
ومن ذلك يظهر لك الاشکال في الفرق بين المسألتين.
حيث اختار المصنف (ره) الاستقرار في هذه المسأله وعدمه في المسألة السابقة مع انهما من باب واحد.»[2]
وافاد السيد المحقق الفيروزآبادي في حاشيته علی قوله «وان اعتقد عدم المانع»
قال: «اي المانع الشرعي فلا يناقض ماسبق من قوله، والاقوی عدمه لان المانع هناك بلحاظ ايراث الخوف وهو محقق.»
وظاهره عدم تنافي القولين، فان المراد من المانع في الفرع السابق هو المانع العقلي ولذا افاد بانه لو اعتقد المانع من اعدو او الضرر او الحرج ، والمراد منه في المقام المانع الشرعي.
الا انه اختار في المسالة عدم استقرار الحج خلافاً لصاحب العروة ووجهه بان المانعية في الفرع السابق بلحاظ اقتضائه الخوف، وهذا الاقتضاء موجود في المقام.
وظاهر السيد الخوئي (قدس سره)الفرق بين المقامين مثله حيث جعل عنوان الفرع السابق: ما اذا اعتقد وجود المانع کالعدو واللص او الضرر او الحرج... .
وجعل عنوان هذا الفرع في المانع الشرعي کاستلزام الحج ترك واجب اهم او ارتکاب محرم کذلك.
وافاد (قدس سره):
« فإن اعتقد عدم مانع شرعي فحج فبان الخلاف فالظاهر الاجزاء كما في المتن ، لأن عدم وجود المانع الشرعي من الواجب أو الحرام لم يؤخذ في موضوع الحج ، وإنما اعتبرناه لأجل التزاحم ، ومن الواضح أن التزاحم بين الواجبين يتوقف على التنجز ووصول التكليفين ، ولا عبرة بمجرد الوجود الواقعي ، لأن التزاحم إنما هو لأجل عدم القدرة على امتثال الواجبين وعدم امكان الجمع بينهما في مقام الامتثال ، ومن المعلوم ، أن ذلك إنما يتحقق بعد الوصول وأما إذا كان جاهلا بأحد الواجبين فلا معنى لعدم القدرة على امتثالهما .
وبعبارة أخرى :
التزاحم إنما يتوقف على وصول الواجبين وأما إذا لم يصل أحدهما فلا تزاحم أصلا فإذا لا مانع من فعلية التكليف بالمهم كما لو لم يعلم بنجاسة المسجد وصلى فإنه لا ريب في صحة صلاته لعدم تصور التزاحم بين الصلاة وإزالة النجاسة فلا حاجة في الحكم بالصحة إلى الترتب ، لأنه إنما يتصور في مورد التزاحم وعصيان الأهم وتركه ، ومع الجهل بوجوب الإزالة لا مزاحم حتى تحتاج إلى الترتب . وإن اعتقد وجود المانع الذي هو أهم من الحج فترك الحج رعاية لطلب الأهم فبان الخلاف ذكر ( قده ) أن الظاهر هو الاستقرار ، وقد عرفت أن الظاهر عدمه كما تقدم نظيره ، لعدم توجه التكيف إليه واقعا ، فهو معذور في ترك الحج ، فلا يشمله أدلة التسويف والتقصير»[3]
ويمکن ان يقال:
انه لا منافاة بين اختيار صاحب العروة في المقامين کما يظهر من السيد الحکيم (قدس سره) لما مر من السيد المحقق الفيروز آبادي، لانه جعل عنوان البحث في الفرع السابق: وان اعتقد المانع من العدو او الضرر او الحرج وظاهر العنوان بقرينة ذکر المصاديق المانع عن التکليف عقلاءً والذي لا يبادرون العقلاءً في مثله نحو الفعل، ومثله يشمل جميع الموانع غير الشرعية التي يمنع عن فعلية التکليف.
واما في هذا الفرع فان ظاهر العنوان وان اعتقد عدم مانع شرعي والمانع الشرعي، هو ما يمنع عن فعلية التکليف شرعاً کاستلزام العقل ترك واجب اهم او ارتکاب محرم کذلك کما افاده السيد الخوئي (قدس سره)وهذا المانع انما يمنع عن القدرة الشرعية وان لم يمنع عن القدرة العقلية، والحج حسب ما مر تحقيقه مشروط بالقدرة الشرعية بمعنی ان فقدانها يوجب العجز شرعاً والعجز الشرعي کالعجز العقلي وان غير القادر شرعاً کغير القادر عرفاً. فيمنع المانع الشرعي عن التمکن لاتيان الحج عرفاً.
نعم:
ان سلب القدره الشرعية بمقتضی قيام المانع الشرعي انما کان لاجل وجوب صرف القدرة علی الواجب الاهم بمقتضی التزاحم. فان وجوب الفعلي للاهم يوجب عدم فعلية الواجب المهم. کما ان استلزامه ارتکاب المحرم يوب عدم فعليته.
وفرض المسالة ليس هو ثبوت المانع بل الفروض فيها اعتقاد المانع. ومعناه ان المانع بوجوده الحقيقي لا يمنع عن فعلية التکليف بالمهم لعدم تحققة في الواقع. ولا يمنع المانع الاعتقادي اي المانع بحسب اعتقاد المکلف عن فعلية التکليف بالمهم واقعاً.
الا ان ما يسهل الخطب في المقام ان التکليف بالحج هنا لا يصير فعلياً بالنسبة الی المعتقد بالخلاف.
ولذلك: فاذا اعتقد وجود المانع وترك الحج فانما ترك ما ليس فعلياً من الحکم بالنسبة اليه فلا وجه لاستقرار الحج عليه.
فما افاده السيد الخوئي (قدس سره) في غاية المتانة وقد التزم بعد استقرار الحج في مفروض المسالة السيد الفيروز آبادي والسيد عبد الهادي الشيرازي قدس سرهما.
واما اذا اعتقد عدم مانع شرعي فحج فالظاهر الاجزاء اذا بان الخلاف ووجه الاجزاء واضح.
لان معنی عدم الاعتقاد بوجود المانع الشرعي، عدم حصول العلم بالواجب الاهم. او ما يستلزمه من ارتکاب الحرام، وفي فرض عدم حصول العلم لا مانعية بالنسبة الی فعلية المهم فهو اتی بالامر الفعلي بالحج، والامر بالاهم وان کان في الواقع ثانياً الا انه لا مانعية له بالنسبة الی المهم ما لم يصل الی المکلف.
هذا.
وقد افاد المحقق الفيروزآبادي في حاشيته: بل الظاهر عدمه اي عدم الاجزاء.
وافاد السيد البروجردي :
«الا اذا تبين اتحاد بعض اعمال الحج مع الحرام، وکان غير مقدور في جهله.»
وما افاده تفصيل في المسألة بين اتحاد بعض اعمال الحج مع الحرام اذا استلزم الاتيان بالحج ارتکاب الحرام وکان المانع المتصور عدم الحرام وکان اعتقاده بعدم المانع الناشي عن جهله بالمانع عن غير عذر وبين عدم اتحاد بعضها مع الحرام مع کونه معذوراً في جهله بالالتزام بالاجزاء في الاخير دون الاول.
ووجه صورة اتحاد بعض اعمال الحج مع الحرام لزوم الاتيان بالامر القربي بالمبغوض.
ووجه لزوم کون جهله عن عذر عدم تقصيره في جهله، لان الجاهل المقصر غير معذور في الاتيان بالحج المبتلی بالمانع فلا وجه لاجزائه عن حجة الاسلام.
ويمکن ان يقال:
ان المانع المتصور هنا صورة استلزام الحج ترك واجب اهم او حرام کذلك، دون صورة اتحاد بعض اجزاء الواجب مع اجزاء الحرام فانه داخل في الاتيان بالحج ببعض اجزاء المحرم کقضية توجب الاحرام مع جهله بذلك نظير کون لباس المصلي مغصوباً مع جهله به.
واعتقاد المانع في المقام لا يشمل مثله.
هذا مع ان مع القول بان الاعتقاد بالخلاف نفسه العذر، بل هو من اعظم الاعذار، لافترق المقام مع صورة الجهل.
کما ان القول بعدم الاجزاء في المقام يبتني علی شرطية عدم المانع کالضرر والحرج ولو في الواقع بان لا يعلم بهما. وان الضرر کالحرج بوجوده الواقعي يوجب سقوط الامر بالحج.
وهذا قد مر البحث فيه تفصيلاً.
.[1] العروة الوثقى المحشى، ج4، ص421.
[2] . السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة ، ج10، ص179.
[3] . الشيخ مرتضي البروجردي، مستند العروة الوثقى، كتاب الحج، ج1، ص226ـ227