بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه پانزده
الامر الثالث:
افاد صاحب الکفایۀ 1 بانّ من مقومات الاستصحاب اتحاد القضیۀ المتیقنۀ والقضیۀ المشکوکة، وتعرّض فی هذا المقام لبیان اربع جهات .
الاولی: فی کیفیۀ اتحاد القضیتین.
الثانیه: الاشکال فی وحده الموضوعات الخارجیه غیر القارۀ .
الثالثه: الاشکال فی وحده القضیتین فی الاحکام الشرعیۀ.
الربعۀ: الاشکال فی وحدتهما فی الاحکام الشرعیۀ التی مستندها الاحکام العقلیۀ.
اما الکلام فی الجهۀ الاولی:
فافاد صاحب الکفایۀ: انّ الشک فی البقاء هو مما له تمام الدخل فی مفهوم الاستصحاب، ولا یمکن تصویر الشک فی البقاء الا مع اتحاد القضیۀ المتیقنه والقضیۀ المشکوکۀ، وصرح 1 بان المراد من الوحدۀ الاتحاد الوجودی بان یکون الموجود اللاحق عین الموجود السابق عرفاً، فلو فرض کونهما متحدین ماهیۀ ومتعددین وجوداً لم تتحقق الوحدۀ المعتبرۀ بین القضیتین، فیلزم اتحادهما موضوعاً ومحمولاً وافاد المحقق العراقی 1 :
«...انه لا بد في الاستصحاب من اتحاد القضية المتيقنة و المشكوكة بحسب الموضوع و المحمول.
و المراد بالوحدة المزبورة انما هو وحدتهما وجوداً خارجياً كي يصدق تعلق الشك بما تعلق به اليقين السابق و يصدق على القضية المشكوكة انها بقاء للقضية المتيقنة، لا مجرد وحدتهما بحسب الذات و الحقيقة و لو مع تعددهما في الخارج وجوداً.
(بداهة): انه لا يكفي في الاستصحاب مجرد الاتحاد في الحقيقة و الماهية و لو مع تعدد الوجود خارجاً، و إلّا يلزم جريان الاستصحاب عند اليقين بوجود فرد و الشك في فرد آخر و هو كما ترى (و لذا) كان بناء المحققين على عدم جريان الاستصحاب في القسم الثالث من أقسام الشك في وجود الكلي كما سيجيء تحقيقه إنشاء تعالى (و لا ان المراد) هو وحدتهما وجوداً و حدّاً و مرتبة، و إلّا فلا يتصور فيه الشك في البقاء و ينطبق على قاعدة اليقين لا الاستصحاب...»[1]
اقول:
انه لا کلام فی وحدۀ القضیتین فی الاستصحاب موضوعاً ومحمولاً وتتحقق الوحدۀ المذکورة بوحدۀ القضیتین فی الوجود الخارجی والدلیل علیه: لزوم صدق تعلق الشک بعین ما تعلق به الیقین وان یصدق علی القضیۀ المشکوکۀ انها بقاء القضیۀ المتیقنة، ولا یکفی مجرد الاتحاد فی الحقیقة والماهیة مع تعدد الوجود خارجاً کما عرفت فی کلمات العلمین.
واتحاد القضیتین فی الوجود الخارجی الذی یتقوم به مفهوم الاستصحاب هو اتحادهما فی الوجود الخارجی عرفاً بان یری العرف انّ القضیۀ المشکوکۀ بقاء القضیۀ المتیقنة وان الیقین باق عنده، فالبقاء العرفی لوجود الیقین فی ظرف الشک هو المعیار فی الاستصحاب.
أما الجهۀ الثانیۀ:
فإن فی جریان الاستصحاب فی الموضوعات الخارجیۀ، افاد المحقق صاحب الکفایۀ قدس سره، بعد ما بین اعتبار وحدۀ القضیۀ المتیقنۀ والقضیة المشکوکۀ: «وهذا ممّا لا غبار علیه فی الموضوعات الخارجیۀ فی الجملۀ»[2].
ونظره 1 الی ان الوحدۀ المذکورۀ قابلۀ للتصویر فی استصحابها، وأما تعبیره بعدم الغبار فیها فی الجملۀ اشارۀ الی بعض الاشکالات من الاعلام فی بعض مواردها.
منها:
الاشکال فی تصویر وحدۀ القضیتین فی الموضوعات غیر القارۀ، ای الامور التدریجیۀ من حیث حصولها کالزمان وبعض الزمانیات کالماء النابع من العین والدم الخارج عن البدن.
ووجه الاشکال تقوم الموضوعات المذکورۀ بالتصرم والتجدد وعدم کونها مجتمعة الاجزاء بحسب الوجود لتصرمها و تدرج اجزائها.
وسیأتی انشاء الله التزام صاحب الکفایۀ بجریان الاستصحاب فیها فی الموارد التی لا تنثلم وحدتها ما دامت الاجزاء متصلۀ لم یتخلل العدم بینها کاستصحاب اللیل والنهار وجریان الماء من العین، والمعیار فی وحدۀ القضیتین فیها عنده صدق بقاء الموضوع عرفاً، وإن کان البقاء غیر متحققۀ عقلاً وحقیقۀ[3].
وأما فی الموارد التی لا یری العرف بقاء الموضوع فلا وجه لجریان الاستصحاب فیها ویمکن التمثیل له[4]:
باستصحاب القلة اذا اضيف الى الماء مقدار يحتمل بلوغه حد الكر أو استصحاب الاستطاعۀ المالیة فی اول عامها اذا کان الماء وافیاً بمؤونۀ الحج، ثم صرف مقداراً منه بحیث یشک فی وفاء الباقی بها.
او استصحاب كرية الماء اذا کان مقداره ازید من الکر فأخذ منه مقدار یشک معه فی بقاء الموضوع.
فإن في هذه الموارد لا یری العرف بقاء الموضوع.
وبالجملۀ ان المعیار فی وحدۀ القضیتین بقاء الموضوع عرفاً ولا فرق من هذه الجهۀ بین الموضوعات القارۀ والموضوعات التدریجیۀ وصاحب الکفایۀ اکتفی فی المقام بما مر من نقله وتعرض لتفصیل البحث فی التنبیه الرابع من تنبهات الاستصحاب.
کما تعرض هناک لبیان اشکال ونقده بالنسبة الی استصحاب الفعل المقید بالزمان بموارده، وسیأتی تفصیل الکلام فیه هناک.
اما الجهۀ الثالثۀ:
فتعرض صاحب الکفایة 1 فی المقام لایرادین وقعا فی جریان الاستصحاب فی الاحکام الشرعیۀ.
والاول منهما الاشکال فی جریان الاستصحاب فی الاحکام الشرعیۀ التی مدرکها النقل.
والثانی منهما فی جریان فیها اذا کان مدرکها العقل، ونحن نتعرض للاخیر منهما فی الجهۀ الرابعۀ.
ولکن اعلام متأخریه انما تعرضوا هنا البحث بعنوان تقسیمات الاستصحاب تارة باعتبار المستصحب، وتارة باعتبار منشأ الیقین وتارۀ باعتبار منشأ الشک.
ونحن نکتفی هنا ببیان الاشکالات التی اورد علی استصحاب الاحکام.
منها:
ما افاده المحقق العراقی 1 :
«...يشكل تطبيق الاستصحاب على الأحكام الشرعية، فان موضوعاتها لما كان عبارة عن الموجودات الذهنية و لو بما هي مرآة إلى الخارج و كان ظرف محمولاتها ممحضا بكونه ذهنياً لا خارجيا، لأن الخارج ظرف اتصافها بها لا ظرف عروضها، فلا جرم في ظرف عروض محمولاتها لا يتصور لموضوع القضيتين وحدة خارجية لا فعلية و لا فرضية كي يصدق تعلق الشك في القضية المشكوكة بما تعلق به اليقين.
(بل الوحدة) المتصورة بينهما في هذا الصقع لا تكون الا ذاتية، و إلّا فموضوع كل قضية لا يكون إلّا موجوداً ذهنياً مغايراً لما هو الموضوع في القضية الأخرى.
(فإذا كان) المفروض عدم كفاية الوحدة الذاتيّة في جريان الاستصحاب و كان الخارج أجنبياً عن صقع عروض هذه المحمولات، فمن أين يتصور الشك في البقاء في القضايا الشرعية التكليفية حتى يجري فيها الاستصحاب»[5].
وحاصله:
انه قد مر اعتبار وحدۀ القضیۀ المتیقنة والقضیة المشکوکۀ بحسب الموضوع والمحمول. وقلنا ان المراد بالوحدۀ المزبور انما هو وحدتهما وجوداً خارجیاً کی یصدق تعلق الشک بما تعلق به الیقین السابق ویصدق علی القضیة المشکوکۀ انها بقاء للقضیۀ المتیقنة.
ولکن الاحکام الشرعیۀ موضوعاتها هی الموجودات الذهنیۀ، لأن الاحکام الشرعیة انما تعرض علی الصور الذهنیۀ، وهذه الصور وإن کانت تحکی عن الخارج ومرآت الی الخارج حسب تعبیره، الا ان الظرف لهذه المحمولات الذهن دون الخارج، لأن الخارج ظرف ثبوتها واتصافها بها لا ظرف عروضها، وعلیه فإن فی ظرف عروض هذه المحمولات لا تتصور لموضوع القضیتین وحدۀ خارجیۀ لا فعلیۀ ولا فرضیۀ. بل الوحدۀ المتصورۀ بین القضیتین وحدۀ ذاتیة. وهی غیر کافیۀ فی جریان الاستصحاب.
وأفاد بأن حسب وجود المحمول فإنه یتصف بالوجود الذهنی.
والموضوع فی کل من القضیتین ای القضیۀ المتیقنة والقضیۀ المشکوکۀ وجود ذهنی مغایر لما هو الموضوع فی القضیۀ الاخری.
ومعه فیما ان الوحدۀ الذاتیة غیر کافیة فی صدق البقاء الذی هو من مقومات الاستصحاب فکیف یمکن تصویر الشک فی البقاء فی القضایا الشرعیۀ التکلیفیة حتی یجری فیها الاستصحاب.
[1] . المحقق العراقي، نهاية الافكار، ج4قسم1، ص9.
[2] . الآخوند الخراساني، كفاية الاصول، ص،385.
[3] . الآخوند الخراساني، كفاية الاصول، ص،386.
[4] . الآخوند الخراساني، كفاية الاصول، ص،428.
[5] . الشيخ محمد تقي البروجردي، نهاية الافكار تقرير بحث المحقق ضياء الدين العراقي، ج 4،قسم1، ص1 1 .